شبهات فساد تتعلق بمرشحي النهضة لرئاسة حكومة تونس

معين برس | متابعات:

أعلنت حركة النهضة التونسية، مساء الخميس، عن تقديمها للرئيس قيس سعيد، أسماء مرشحين اثنين لتولى رئاسة الحكومة، هما محمد خيام التركي ومحمد فاضل عبد الكافي.

وجاء تقديم حركة النهضة لمرشحيها لمنصب رئاسة الحكومة التونسية قبل ساعات قليلة من الموعد الختامي لتقديم مقترحات الأحزاب إلى الرئيس قيس سعيد، لتكليف شخصية من بين المرشحين من أجل تشكيل حكومة جديدة.

وقالت الحركة على لسان ناطقها الرسمي، عماد الخميري، إن “اختيار النهضة لهاتين الشخصيتين، يعود إلى الظرف الاقتصادي والمالي الذي تمر به البلاد، والحاجة إلى شخصيات متخصصة في المجال”.

وأطلق قيس سعيد، في 16 يوليو الماضي، مشاورات من أجل تكوين حكومة جديدة، في أعقاب استقالة رئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ، اثر اتهامات تلاحقه في ملف تضارب مصالح.

ويشير الفصل 89 من الدستور التونسي إلى أنه على “رئيس الجمهورية في أجل 10 أيام القيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر”.

شبهات

لكن اللافت في الترشيحات التي قدمتها حركة النهضة للرئيس التونسي، وجود شبهات فساد تعلقت سابقاً بالمرشحين، التركي وعبد الكافي، كما أن الرجلين يمتهنان السياسة والأعمال في الوقت نفسه، وهو الأمر الذي ساهم بشكل جوهري في الإطاحة برئيس الحكومة المستقيل، إلياس الفخفاخ.

فالمرشح خيام التركي كان لسنوات قيادياً في حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، أحد حلفاء حركة النهضة بين 2011 و2013، وهو الحزب نفسه الذي ينتمي له رئيس الحكومة المستقيل، إلياس الفخفاخ، كما أنه هو الأخر، يحمل جنسية فرنسية إلى جانب جنسيته التونسية.

لكن الأمر المهم في سيرة التركي، هو ما تعلق به من شبهات فساد منذ العام 2011، إذ كان قاب قوسين من الظفر بحقيبة المالية في حكومة الترويكا، التي شكلتها حركة النهضة في العام نفسه، إلا أن شركات غير محلية رفعت دعوى قضائية ضده تتعلق بذمته المالية وسوء الإدارة والاختلاس حالت دون توليه ذلك المنصب.

وكشفت جريدة “الشروق” التونسية في تقرير لها، الجمعة، عن أن المرشح خيام التركي سيكون الأقرب إلى الوصول إلى منصب رئاسة الحكومة بسبب ترشيحه من عدد من الأحزاب على غرار النهضة وتحيا تونس، مشيرة إلى أنه ملاحق في 3 قضايا.

أما المرشح فاضل عبد الكافي، فهو أحد أبرز المقربين، من نبيل القروي، مؤسس ورئيس حزب قلب تونس، الحليف الأهم لحركة النهضة، وهو قادم من أوساط رجال الأعمال، ومن عائلة نافذة في الدوائر المالية بالبلاد.

كما شغل سابقاً منصبي، وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي ووزير المالية، في حكومة يوسف الشاهد، ولم يلبث طويلاً في هذه الخطة حتى استقال في سبتمبر 2017، على خلفية قضية كانت رفعتها ضده الإدارة العامة للجمارك، تتعلق بمعاملات مالية للشركة التي يمثلها قانونياً.

ولاحقاً في ديسمبر 2017 قضت محكمة الاستئناف بتونس بثبوت إدانة عبد الكافي، غير أن محكمة النقض، عادت في مارس 2019، لتنقض الحكم الاستئنافي وتبرئه من التهمة المنسوبة إليه.

شبكات المال والسياسة

ويرى الصحافي التونسي، محمد بالطيب، أن السّمة الأبرز للمشهد في تونس بعد سقوط بن علي في 2011، هي التلازم بين السياسة والمال، مشيراً في حديث لـ “سكاي نيوز عربية” إلى أن ” الدور الكبير الذي يلعبه المال السياسي في التأثير على الحكم في البلاد منذ الثورة، أصبح ظاهرة ماثلة للعيان، وهو يمثّل المعطى الأهم في إدارة الصراع السياسي في تونس”.

ويضيف بالطيب: “يمثل قانون المصالحة، الذي أقره نظام التوافق بين النهضة ونداء تونس، دليلا واضحا على هذا التأثير المتبادل بين المالي والسياسي، فرغم التكلفة السياسية العالية لقانون المصالحة مع رجال الأعمال المتورطين في قضايا الفساد، كان التصويت في البرلمان لفائدة القانون رغم الرفض الواسع للقانون على الصعيد الشعبي والمظاهرات الكبيرة المحتجة.

كما أن العديد من رجال الأعمال باتوا يتصدرون المشهد البرلماني، ونسبة عالية من رؤساء القوائم الانتخابية هم في الأساس من أصاحب المال والأعمال، حتى تحولت إدارة الشأن العام بالنسبة لكل رؤساء الحكومة المتعاقبين إلى ما يشبه إدارة مؤسسة اقتصادية، الأمر الذي يضعف البعد السياسي في معناه الفكري والأيديولوجي، وهذا ما تحتاجه حركة النهضة اليوم، فهي لا تريد رؤساء حكومة لهم رؤية سياسية، يمكن أن تعرقل برنامجهم في الهيمنة”.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال في تونس، إلياس الفخفاخ، قد وجه يوم الخميس، انتقادات واسعة لحركة النهضة، متهما إياها بالتحالف مع الفاسدين.

وقال الفخفاخ في مقابلة مع إذاعة “إكسبرس إف أم” الخاصة: “إن حركة النهضة تحالفت مع شبكة مصالح كبيرة ومع مجموعة من الفاسدين، همهم الوحيد مصالحهم الشخصية والحزبية والفئوية والجهوية الضيقة”.

وفضلت النهضة الرد على اتهامات الفخفاخ من خلال وكالة الأناضول التركية، مشددة على أنها “قاومت الفساد”، وأن تصريحاته ضدها تندرج في خانة “رد الفعل والتشنج”.

وقبل ذلك، كشف وزير الدولة المكلف بالحوكمة ومكافحة الفساد محمد عبو، الأسبوع الماضي، في مقابلة على القناة الرسمية التونسية، عن أن “حركة النهضة لا يمكن الحكم معها وهدفها منذ البداية إسقاط الحكومة، لأنها فتحت ملفات فساد لمقربين من النهضة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى