فساد الحكومة اليمنية حجر عثرة أمام تحرير صنعاء

معين برس- خبر للأنباء:

فضح فساد الحكومة اليمنية (المعترف بها دوليا)، سر عدم الرغبة في تحرير 30 مليون نسمة في اليمن، من سيطرة مليشيا الحوثية والجوع والتشرّد، بعد 7 سنوات على ترقبهم جرس ساعة نصر لم يدركوا انه اسقط عمدا من حسابات الكثير ممن هتفوا باسمه..

بينما يترقب الملايين جيوش النصر تفتتح العاصمة اليمنية صنعاء، يستمر الاقتصاد الوطني في التدحرج نحو الاسفل، ومعه تتزايد اعداد المتسولين في الشوارع والاحياء، قبل ان تتساقط الجبهات واحدة تلو الاخرى بيد العدو.
وبين هذا وذاك تضج وسائل الاعلام الحكومية والموالية لها بتبريرات لا مبرر لها، دونما الاقرار بالفشل بدلا عن اصطناع نصر وهمي ليس الا في اعلامها.

هكذا يعلّق ملايين اليمنيين على حظهم العاثر وراء حكومة غرقت في الفساد حتى اخمص قدميها. انحرفت بوصلتها صوب الاستثمارات وشراء العقارات في اسطنبول والقاهرة وغيرها، بدلا عن صنعاء وتحريرها، وانشغلت في اصلاح اوضاع عائلاتها في مناصب دبلوماسية بدلا عن اصلاح الاقتصاد المنهار بعد ان خسر ما يزيد عن 500 في المئة منذ بداية الحرب في العام 2015م.

يجزم أستاذ ورئيس القانون الجنائي بكلية الشريعة والقانون في جامعة الحديدة الدكتور المحامي “مطهر أنقع”، بان الفساد أصبح سائدا في كل المجالات، وانه لم تعد ثمة رقابة سياسية، أو قضائية، أو ادارية، أو شعبية، على موازنة الدولة. ليس هذا فحسب، بل يؤكد ان الفاسدين باتوا يتحصنون بوجود الهيئة العامة لمكافحة الفساد.

ويتفق الكثيرون على فشل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في القيام بدورها والتي أضحت حصنا للفاسدين.

وتساءل مراقبون: كم فاسدا اوقفته الهيئة او حاسبته منذ بداية الحرب وحتى اللحظة؟ لا سيما والفساد المتغول في الحكومة الشرعية بلغ مبلغه بعد نهب مئات ملايين الدولارات من المنح والودائع المالية الخارجية وتطويع القانون لما يصب في التلاعب فيها ونهبها، واهدار للمال العام وتقاسم المناصب بين المسؤولين وعائلاتهم، بحسب ما كشفه تقرير لجنة وزارة الخارجية، وكذلك البعثات المستحوذ على غالبيتها ابناء المسؤولين، هذا قبل الأخذ بعين الاعتبار ارهاق الدولة اقتصاديا في جبهات القتال التي اخذت القوات الحكومية تسلمها للعدو الحوثي واحدة تلو الأخرى، ومبررها الأبرز (انسحاب تكتيكي)، توقفت عند اسواره دون رجعة.

يعود استاذ القانون الجنائي بجامعة الحديدة، ويقول: الهيئة العليا لمكافحة الفساد، مجرد عبء على خزينة الدولة، لم تحقق انجازا خلال عقد ونصف من الزمن.

ويضيف “أنقع” في مقال له بعنوان (أصبح “الفساد” سافرا بلا حياء!)، تزامنا مع اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي يصادف التاسع من ديسمبر من كل عام: “قانون مكافحة الفساد وجد من البداية، وفاء لالتزام دولي، ولم يكن الغرض من وجوده مكافحة الفساد”. ولعل هذا السبب ما اعاق الكثير من المساعدات الدولية التي تشترط مرارا اصلاح الاختلالات الحاصلة في البنك المركزي اليمني بعدن، ولكن دون جدوى.

يقول مراقبون لوكالة خبر، إن استمرار بناء آمال نصر اقتصادي او عسكري او تنموي على حكومة غرقت في الفساد كالحرث في الماء.

ويشددون على ضرورة تطهير الحكومة من فساد منظومة تعاطت معها بعقلية العائلة والملكية الفردية، باعتبار ذلك بداية الانتصار لعشرات آلاف الاسر ممن فقدت اقاربها في جبهات القتال دفاعا عن مشروع وطني، وملايين الفاقدين لمساكنهم ووظائفهم، املا في استعادة وطن تتقاسم مسببات تدميره الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي.
خبراء الاقتصاد، غالبا ما شددوا في مرات عدة على اهمية الاصلاحات الاقتصادية التي لن تأتي في ظل تسرّب مزيد من الفاسدين إلى عمق الدولة، إلا انها قوبلت بمحاصصة المغانم الفردية.

كما تسرّب آلاف الاطفال من القاعات الدراسية، وتفشت الجائحات الوبائية، وعمت الفوضى وجرائم القتل والاختطاف، وحالات الانتحار، والعنف الاسري وتعاطي الحبوب المخدر والحشيش في كل منطقة يمنية، مما افقد الملايين امل استعادة الدولة المسلوبة بايدي المليشيا الحوثية وزاد من انكسارها واستسلامها.

والاسبوع الماضي كشف تقرير لجنة في وزارة الخارجية عن فساد تعيينات بالمخالفة اغلبهم ابناء واقارب مسؤولين في الحكومة.

واوضح التقرير انه بلغ اجمالي المعينين في الملحقيات الفنية (127) موظفا، فيما بلغ اجمالي عدد الملحقيات (78) في (29) بعثة دبلوماسية، استحدث العديد منها بعد العام 2015م دونما الشروط القانونية، بينما بعض المعينين تجاوز المدة القانونية المحددة باربع سنوات.

ومنذ بداية الحرب في البلاد قارب النازحون من ديارهم 5 ملايين نسمة، وفقد مئات الالاف لوظائفهم في القطاعين الحكومي والخاص، وخسرت العملة والرواتب الحكومية على حد سواء قرابة 500 في المئة من قيمتها، وذات النسبة ارتفعت فوق اسعار السلع والمواد الغذائية.

جاء ذلك بعد ايام على فضيحة فساد ادارة البعثات في وزارة التعليم العالي بعدن، والتي كشفت الوثائق المسربة استحواذ ابناء قيادات رفيعة في الدولة على حصة كبيرة منها، فجرت موجة سخط شعبي واسع انتهى باغلاق محتجين، الخميس، مقر الوزارة في عدن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى