الحوثيون يمارسون التجسس على الاتصالات ويهرّبون مكالمات دولية
معين برس- متابعات:
تغلغل الحوثيين في الاتصالات والإنترنت خطر محدق بملايين اليمنيين، الذين أضحوا تحت أعين التجسس، وانتهاك الخصوصية، وسط مطالبات الخبراء بوقف التحكم في مصائر الناس واستغلال الاتصالات لتنفيذ الجرائم والاغتيالات.
لكن الحكومة التابعة للحوثيين، كانت تعرض صفحا عن الاعتراف بالجريمة، قبل أن يكشف تقرير جديد مسرب، صادر عن الشركة اليمنية للاتصالات الدولية “تيليمن”، المشغل الحصري لخدمات الاتصالات الدولية والإنترنت في اليمن، عبث مليشيات الحوثي وصراع أجنحتها على توظيف هذا القطاع في الإثراء والتجسس على المناهضين.
التقرير الذي حمل عنوان “اكتشاف تهريب مكالمات دولية واردة عبر شبكة الهاتف الثابت خارج إطار شبكة تيليمن”، أزاح للمرة الأولى الستار عن الفرق الحوثية التي تستغل الشركات الرسمية والأهلية لجمع الأموال وتتبع المناهضين.
وأوضح التقرير أن مليشيات الحوثي شيدت منظومة تجسسية استخباراتية تستهدف قادة الشرعية وخصوم الانقلابيين، وذلك تحت ما يسمى “اللجنة التنسيقية العليا لمكافحة التهريب”، بقيادة ما يسمى “وزير الاتصالات وتقنية المعلومات” في حكومة الانقلاب مسفر النمير.
ويعد التقرير أول كشف من كيانات رسمية تخضع للحوثيين في صنعاء، يفضح توظيف ما يسمى جهاز “الأمن والمخابرات”، إمكانيات شركة الاتصالات، عسكريا وأمنيا.
وأقر التقرير أن ما يسمى “جهاز الأمن والمخابرات” لمليشيات الحوثي شيد ما أسماه “شبكة اعتراض أمنية” تستهدف “التجسس على المكالمات الهاتفية لكافة مسؤولي الحكومة المعترف بها دوليا” وقياداتها الرفيعة.
وقال إن النافذين الحوثيين يستغلون الربط البيني بين جهاز المخابرات وشركات الاتصالات لأجل التنصت، ويمررون عبر ذلك الربط مكالمات دولية مهربة، بعيدا عن “تيليمن” ويتقاسم النافذون تلك الأموال فيما بينهم مع المتواطئين معهم في شركة الاتصالات الدولية.
ووفقا للتقرير فإن مليشيات الحوثي اعتقلت خبيرا أمنيا في الاتصالات الدولية عام 2017، ولفقت له تهمه تهريب المكالمات الدولية وأجبرته على التجسس على وسائل الاتصال الصوتية باستخدام شبكة الهاتف الثابت التابع للمؤسسة العامة للاتصالات الخاضعة لسيطرته المليشيات.
ورغم أن التقرير أحصى خسائر يومية تقدر بملايين الدولارات إثر تهريب المكالمات الدولية، إلا أن الشركة الخاضعة للحوثيين لم تتورع في التأكيد على قدرتها على رصد والتجسس”بصورة احترافية وعبر السينترلات” الحكومية.
كما أكدت أنها ستوفر كافة المتطلبات والوسائل الفنية التي تمكنها من اعتراض ومتابعة ما وصفتها بـ”المكالمات المشبوهة”، مقابل تخفيف الحوثيين تهريب المكالمات الدولية التي تكبدها خسائر كبيرة، وهي بذلك تشرعن رسميا تجسس المليشيات واستغلال الاتصالات عسكريا.
وبحسب التقرير فإن الشركة اليمنية للاتصالات والإنترنت تدفع سنويا لفريق ما يسمى “جهاز الأمن والمخابرات”، مليارا و600 مليون ريال بغطاء عمله في مكافحة “تهريب المكالمات”، قبل أن يتضح أنه يمارس الجريمة بنفسه.
وكشف التقرير أن منظومة المخابرات الحوثية تقوم بتهريب المكالمات الدولية باستخدام أرقام شبكة الهاتف الثابت بسعة تصل إلى 630 قناة، تمرر خلالها مئات الآلاف من الدقائق يوميا.
واعتبر التقرير أن تسويق جريمة التهريب والتجسس “سيؤثر على علاقة الشركة بشركاء العمل الدوليين والذي قد يترتب عليه تجميد سداد المبالغ المستحقة للشركة والتي تبلغ (180) مليون دولار سنوياً، إلى جانب مخاطر الطعن في تواطؤ الشركة في دعم المجهود الحربي”.
وكان تقرير الخبراء المعني باليمن المقدم لمجلس الأمن في يناير الماضي أشار إلى أن الفريق طلب من شركة “تيليمن” بصنعاء توضيحا حول استغلال الحوثيين للنطاق الوطني من المرتبة العليا “ye” في الرقابة، لكنها زعمت حينها أنه يتم “استخدام فرز المحتوى لحماية الأطفال”.
إلا أن ما كشفه التقرير الأخير الصادر عن ذات الشركة الخاضعة لسيطرة الحوثيين يشير إلى حرب خفية وممنهجة ضد اليمنيين ذات تداعيات عسكرية وأمنية واقتصادية وقانونية واجتماعية.
ويأتي تسريب التقرير مؤخرا رغم صدروه في مارس/آذار العام الماضي بعد اشتداد الصراع بين قادة الحوثي على قطاع الاتصالات، إذ سعت المليشيات لتشيد شركات اتصالات موازية استهدفت سحب خدمات كانت تحتكرها شركة “تيليمن”، والتي تضم موظفين تشك المليشيات بولائهم.
ويتهم القيادي الحوثي مسفر النمير وهو مدير سابق لمكتب زعيم المليشيات بتنصيب أجهزة تجسس في المناطق المحررة والخاضعة للحوثيين، تستهدف جمع المعلومات عن تحركات القيادات المناهضة وحتى على مستوى الصف الحوثي الأول الذي تنافس على الزعامة.
بعد الفضيحة.. خبراء أمميون يطلبون تعليق بيع برامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس”
في هذا السياق كشف موظف في إحدى شركات الاتصالات بصنعاء في وقت سابق عن توجيهات وصلت من الجناح الذي يقوده “أحمد حامد” عبر المدعو مسفر الصوفي، تطلب الكشف عن أرقام خاصة كان قد طالب تخصيصها عم زعيم المليشيات عبدالكريم الحوثي، وتتبع مجموعة من المقربين منه.
وأكد المصدر، أن هذه الأرقام خضعت للمراقبة والتجسس، وأن التوجيهات تضمنت عدم اعتماد أي أرقام خاصة بتوجيهات أي قيادي حوثي دون الرجوع إلى جهات بعينها، أو يتم إطلاع مكتب زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي، الذي يمثله جناح الإرهابي أحمد حامد.
وعلى مستوى المناطق المحررة، تبرز جريمة مقتل قائد قاعدة العند اللواء الركن ثابت جواس بتفجير بسيارة مفخخة استهدفت موكبه في لحج، وذلك بعد تعقب دقيق لمسار تحركه إثر التجسس على مرافقيه، وفق مصدر أمني تحدث للعين الإخبارية، لاحقا في مارس الماضي.
وباتت سيطرة مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا على شركات الاتصالات الرسمية والخاصة تتطلب تدخلا عاجلا من مجلس القيادة الرئاسي لحماية المسؤولين اليمنيين، وكفالة حرية التعبير وتداول المعلومات التي يحاول الانقلابيون نسفها في البلد، وفق خبراء.
وتمنح سيطرة الحوثيين غير القانونية على الاتصالات قدرة مراقبة ومنع حركة الاتصالات، والرقابة على المحتوى، وتنفيذ عمليات إغلاق الإنترنت، وحظر مواقع التواصل الاجتماعي وخدمات المراسلة الشخصية، ومراقبة الاتصالات الخاصـة للخصوم، طبقا لتقارير أممية.