مع اقتراب الصيف.. روائح فساد الحكومة اليمنية في قطاع الكهرباء تفوح وصفقات بملايين الدولارات
معين برس- خبر للأنباء:
رفضت وزارة المالية قرار المجلس الأعلى للطاقة بشأن استئجار باخرة عائمة لتزويد عدن بطاقة كهربائية بقدرة 100 ميجاوات عبر شركة بريزم، مؤكدة أن القرار مخالف صراحة للقوانين النافذة.
وأعلنت الوزارة، في خطاب موجه إلى أمين عام مجلس الوزراء، إخلاء مسؤوليتها عن أي التزامات مالية تنتج عن تنفيذ تلك القرارات، حيث إن القرار اعتمد على مذكرة وزارة الكهرباء والطاقة بشأن نتائج وتوصيات الاجتماع التفاوضي مع الشركات المتأهلة بالمخالفة لقانون المناقصات النافذ من جهة وبدون شروط مرجعية معدة سلفاً من قبل الكهرباء ومصدق عليها من المجلس الأعلى للطاقة على أقل تقدير لتكون مرجعية سواءً لمناقصة أو تفاوض استثنائي.
وانتقدت المالية موافقة قرار التكليف المباشر على سعر مرتفع بمعدل 4.25 سنتاً أميركياً لكل ك.و.س ولمدة ثلاثة أعوام بزيادة كبيرة عن الأسعار التي تمت الموافقة عليها في مشاريع أخرى مماثلة، كما أن القرار لم يوضح أساسا مهما في العقد، وهل هو شراء طاقة أو بنظام BOT.
وأفادت أن اعتماد السعر المشار إليه يفترض أن لا يكون إلا في إحدى حالتين هما عقد BOT بناء وتشغيل وتملك، لنفس الفترة ثلاث سنوات ولفترة زمنية قصيرة لا تزيد عن ستة أشهر كعقد شراء طاقة، مؤكدة أن القرار لم يوضح أو يتعرض لموضوع الوقود، أي هل السعر شامل للوقود أو أن الوقود خارج التزامات الشركة.
أكبر صفقة فساد
وكان مصدر مطلع بوزارة الكهرباء والطاقة كشف أن قرار إرساء عطاء شراء طاقة مشتراة على شركة تابعة لرجل الأعمال ناظم الصغير خاصة بتأجير الطاقة الكهربائية محمولة على متن سفينة عائمة، تم بالأمر المباشر من رئيس الوزراء وبدون أي معايير أو شروط تأهيل فنية.
وبحسب المصدر فإن شركة بريزم قدمت عرضاً لمدة 3 أعوام بمبلغ 122 مليوناً و800 ألف دولار لقدرة 110 ميجاوات، وعرضاً آخر لمدة 5 أعوام بمبلغ 197 مليوناً و500 ألف دولار.
وأوضح المصدر أن الشركة لم تحدد فترة الدخول بالخدمة التشغيل التجاري وإنما حددت فترة التوريد، مشيراً إلى أنه من سابع المستحيلات أن يتم هذا العمل في أقل من أربعة أشهر، بمعنى أن الهدف من شراء الطاقة بالتخفيف من معاناة أبناء عدن في صيفها الحارق لن يتحقق.
وبين أن الهدف الحقيقي من شراء الطاقة ليس حل مشاكل الكهرباء في عدن بقدر ما هو استئثار شريك معين عبدالملك بهذه الصفقة التي ستكلف خزينة الدولة عشرات المليارات من الريالات سيتقاسمها ناظم الصغير مع معين عبدالملك.
وأكد المصدر المطلع أن أول الانحرافات أن بعض العروض للسفن والوحدات المركبة عليها لا توجد عنها أي تفاصيل فنية من حيث العمر الزمني لها والأماكن التي خدمت فيها، وبالتالي لا يمكن ضمان مستوى الجاهزية لها للعمل بالقدرة المتعاقد عليها.
وبخصوص عرض شركة بريزم أشار المصدر إلى أن السفينة التي سيتم جلبها راسية في ميناء بالصين منذ العام 1999م أي منذ 22 عاماً، ولم يتم تأجيرها لأي جهة، ولا توجد أي تفاصيل عن المواقع التي خدمت بها أو شهادات من هذه الجهات تؤكد مستوى الأداء والجاهزية، لافتا إلى أن وحدات التوليد المركبة عليها قد عملت لأكثر من ثمانين ألف ساعة.
وتطرق المصدر إلى ذكر ما يتم في العادة من إرفاق وثائق المناقصات العامة والمحصورة بوثيقة تسمى نموذج اتفاق شراء طاقة power purchase agreement MODEL تحدد كافة الشروط والالتزامات والغرامات، وعلى ضوئها تتقدم الشركات بعروضها وأسعارها، مؤكدا أن هذا النموذج لم يرسل إلى الشركات، متسائلا: ولا أدري كيف قدمت عروضها، وكيف سيتم إعداد العقد لاحقا؟
من جانبه عبر نائب وزير الكهرباء والطاقة عن اعتراضه على هذه الصفقة، وقال في رسالة لوزير الكهرباء: “أود إحاطتكم أنه لأول مرة يمر علي قرار مشابه لهذا، القرار ويظهر من الوهلة الأولى أن هذا القرار مخالف لقانون المناقصات والمزايدات المعمول به”.
وأورد نائب الوزير المخالفات لقانون المناقصات ومنها أنه لم يتم إعداد وثيقة مناقصات تحتوي على المواصفات الفنية والشروط الخاصة والشروط العامة والتكلفة التقديرية، بالإضافة إلى عدم رفع التكلفة التقديرية للتصديق على توفير التمويل وكذلك عدم رفع هذه الوثيقة للجنة العليا للمناقصات أو من يمثلها لإقرارها.
فساد الطاقة المشتراة
يأتي هذا استمراراً لفساد الحكومة وعجزها وفشلها في حل مشكلة الكهرباء، حيث توعدت شركات الطاقة المشتراة في مدينة عدن، بإيقاف تقديم خدماتها للمدينة احتجاجًا على استمرار تجاهل سداد مستحقاتها، بالتزامن مع اقتراب شهر رمضان المبارك، ما سيزيد من مضاعفة معاناة المواطنين في الشهر الفضيل.
وبعثت شركات “الأهرام والسعدي والعليان”، مذكرة لمؤسسة كهرباء عدن ومحافظها أحمد لملس، تمهلهم فيها يوما واحدا لسداد مستحقاتها المتأخرة من أبريل 2020، مهددة أنها إذا لم تستلم مستحقاتها خلال المهلة المحددة ستوقف محطاتها في منتصف ليل اليوم الثلاثاء.
كما حملت شركات الطاقة، مؤسسة الكهرباء في عدن المسؤولية الكاملة عن تداعيات إيقاف عمل محطاتها، مؤكدة احتفاظها بحقها في مقاضاتها وتعويضها عن ما لحق بها جراء استمرار تأخير مستحقاتها.
يشار إلى أن إقدام شركات الطاقة المشتراة على إيقاف عمل محطاتها، سيتسبب بإطفاء التيار الكهربائي في معظم مناطق عدن، ما سيتسبب بمضاعفة معاناة المواطنين.
فساد الصيانة
من جانب آخر كشفت وثيقة رسمية، صادرة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، عن فضيحة فساد وتلاعب بالمال العام في أحد مشاريع تأهيل الطاقة الكهربائية بمدينة عدن تقدر بمئات الملايين.
وأظهر تقرير مراجعة العقد الخاص بمشروع إعادة تأهيل محطة الحسوة الحرارية في عدن والمنفذ من قبل شركة “بدسيرفس” الأوكرانية، أن المختصين في وزارة الكهرباء والجهات ذات العلاقة تصرفوا في المبلغ المخصص لمشروع منظومة الغاز وتصريف الطاقة وتأهيل منظومة التوزيع في محطة الحسوة، وحولوا المبالغ لمشروع غير مجدٍ اقتصاديا والمتمثل في توريد توربينات وغلايتين.
وبحسب التقرير فإن كافة الإجراءات الرسمية تمت من خلال تقديم العديد من التنازلات والتسهيلات للشركة المنفذة للمشروع على حساب المصلحة الوطنية العامة دون مراعاة لأحكام القوانين واللوائح النافذة وكذا بنود العقد الأساسي المبرم معها.
وأفاد التقرير أنه تم تنفيذ المشروع بالأمر المباشر ودون عمل مناقصة عامة، وهي خطوة تؤكد استلام المختصين لمبالغ رشوة أو أنهم شركاء في المشروع مع الشركة الأوكرانية، كما أن هذه الخطوة ترتب عليها حرمان المؤسسة العامة للكهرباء من الوفورات الممكن تحقيقها عند تنفيذه عبر مناقصة عامة والتي من أهمها الحصول على أقل الأسعار وأفضل المواصفات.
إضافة إلى ذلك فقد تم إعفاء الشركة المنفذة من كافة الضمانات الملزمة بتقديمها بموجب العقد المبرم معها وبالمخالفة لأحكام قانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية وما يترتب على ذلك من ضياع حقوق المؤسسة في الحصول على التعويضات اللازمة عند إخلال الشركة بالتزاماتها التعاقدية.
كما تم تمكين الشركة المنفذة للمشروع من سحب كميات من قطع الغيار التابعة للمحطة بقيمة 378 مليون ريال والمسعرة وفقا للأسعار السائدة عند شرائها خلال الأعوام السابقة كعهدة على الشركة يتم استعاتها من الشحنة القادمة ودون الأخذ في الاعتبار إلزام تلك الشركة بإعادتها من نفس الشركة المصنعة لها، فضلا عن صرف وزارة المالية مستحقات الشركة بمبلغ ثلاثة ملايين يورو دون خصم ما نسبته 45 في المائة من إجمالي المبلغ مقابل ضمانات.
توصيات بإلغاء العقود
وأوضح التقرير أنه وبسبب التعاقدات الخارجة عن القانون، تسبب الحكومة بدرجة رئيسية في استنزاف موارد الدولة من العملات الأجنبية خصوصًا في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد وانعكاساتها سلبًا على استقرار سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.
وألزم التقرير حكومة معين عبدالملك بإلغاء كافة العقود المبرمة في مجال شراء الطاقة خارج شهور الصيف لعدم وجود أي احتياج لها لتتجنب مضاعفة الآثار المترتبة عنها على الاقتصاد الوطني، على اعتبار أنها عقود تخدم الشركات المتعاقد معها وتضر بالصالح العام.
وطالب التقرير، التزام الحكومة بسرعة توفير الاعتمادات المالية اللازمة لإعادة تأهيل المولدات العاطلة، وكذا معالجة الاختلالات في شبكة التوزيع لما لذلك من أهمية في تعزيز التوليد والحد من ظاهرة العجز في مجال التوليد خلال فصل الصيف.
وحث التقرير على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة بحق المتسببين عن المخالفات والتجاوزات التي صاحبت عملية التعاقد والتنفيذ لعقود شراء الطاقة وتحميلهم كافة الخسائر التي تحملتها الموازنة العامة بدون أي مبرر أو مسوغ قانوني.