الحوثية تأكل أولادها.. تيار “المجلس” يجرف جناح “اللجنة” (2)

معين برس- الساحل الغربي:

سلسلة الاغتيالات التي استهدفت القيادات العليا من الصف الأول في سلطة مليشيا الحوثي الانقلابية، كانت إشارة واضحة لتنامي الصراعات داخل السلطات العليا للمليشيا، والتي تصاعدت على إثرها موجة التصفيات بين تيارين يتصارعان على السلطة والنفوذ والمال.

ويقود مهدي المشاط رئيس “المجلس السياسي” الانقلابي، التيار الأول، وإلى جانبه مدير مكتبه أحمد حامد، إضافة إلى يحيى بدر الدين الحوثي وزير التربية بحكومة المليشيا، وعبدالكريم الحوثي وزير داخلية الانقلاب، فيما يقود التيار الثاني محمد علي الحوثي، وأبو علي الحاكم مسؤول استخبارات المليشيا، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من القيادات العسكرية والسياسية.

ومنذ تزعم عبد الملك الحوثي قيادة الجماعة الإرهابية، عقب مصرع شقيقه حسين عام 2004، احتكر عبدالملك لنفسه الزعامة، ولم يُعين نائباً له من إخوته أو من أبناء أعمامه، وإن كان عين العديد منهم بعد الانقلاب في مناصب هامة، إلا أنها لم تكن مناصب تضعهم كمنافسين له في القيادة، حتى عندما تم تعيين محمد علي الحوثي في بداية الانقلاب رئيسا لما تسمى”اللجنة الثورية” تدارك عبدالملك الحوثي الأمر سريعا، بعد محاولة رئيس “اللجنة” الحوثية الظهور كمنافس له، فعمل على تهميشه وتحجيم نفوذه، من خلال تأسيس “المجلس السياسي الانقلابي” الذي آلت إليه صلاحيات “اللجنة الثورية” للمليشيا.

ومع تصاعد الصراعات داخل الأسرة الحوثية من جهة، وصراعات قيادات المليشيا في ما بينها من جهة أخرى، سعى عبدالملك الحوثي إلى عدم الدخول في مواجهة مباشرة في تلك الصراعات الداخلية، وحاول تقديم نفسه كمرجعية على مستوى الأسرة والمليشيا وقياداتها، لكنه في ذات الوقت كان يعمل على إعاقة طموحات منافسيه من داخل الأسرة، وتقليص نفوذهم بدعم شخصيات مقربة منه.

لقد أدى تهميش محمد علي الحوثي وتقليص نفوذه، إلى تصاعد الخلافات على المصالح والنفوذ بينه والصريع صالح الصماد الرئيس السابق لـ”المجلس السياسي”، وهي الخلافات التي أفضت لاحقا إلى اغتيال الصماد، الذي كان قد شكا لمقربين منه من عدم تنفيذ رئيس “اللجنة الثورية” لتوجيهاته كرئيس لـ”المجلس السياسي”.

 
مصرع الصماد

في أواخر أبريل/نيسان 2018، وبعد أيامٍ من التكتم، أعلنت مليشيا الحوثي خبر مصرع صالح الصماد، بما قالت إنها غارة جوية للتحالف العربي في الحديدة، وسط اتهامات حملت الجماعة مسؤولية تصفيته، كون المليشيا أخفت خبر مقتله، وبثت خبرا كاذبا يتحدث عن زيارته لمعمل التصنيع العسكري في الثاني والعشرين من أبريل، ما يؤكد فرضية تصفيته.

وقبل أيام من مقتل الصماد كانت معلومات تسربت، أشارت إلى خلافات في صفوف الجماعة الحوثية بين التيار الذي يتزعمه محمد علي الحوثي وتيار صالح الصماد، وحدوث اشتباكات بالأسلحة، وتبادل للاتهامات بالسرقة بين أعضائها، بعدها تسربت معلومات عن وضع صالح الصماد تحت الإقامة الجبرية، بعد اختفاء الموارد المالية التي اغتنموها من الشعب اليمني، ليعلن الحوثيون مصرع “رئيس المجلس الانقلابي” في غارة جوية للتحالف.

وبعد أكثر من ثلاث سنوات من الاختطاف والسجن والتعذيب، ساقت المليشيا في سبتمبر/ أيلول الماضي، تسعة مواطنين من أبناء الحديدة إلى ساحة الإعدام، بتهمة التورط في مقتل الصماد، فيما كانت العديد من المؤشرات القوية تؤكد تصفيته من قبل التيار المتمثل بمحمد علي الحوثي، وأبو علي الحاكم.

وبتعيين مهدي المشاط مدير مكتب زعيم المليشيا، رئيسا للمجلس السياسي الانقلابي خلفا للصماد، إضافة إلى دعم زعيم الجماعة للقيادي المقرب منه، أحمد حامد مدير مكتب رئيس المجلس، بات المجلس السياسي مباشرة تحت تصرف زعيم الجماعة، ومع تقليص نفوذ محمد الحوثي، وصل الصراع إلى مرحلة متقدمة، إذ يتصارع رئيس مجلس الانقلاب “مهدي المشاط” ومدير مكتبه النافذ أحمد حامد، مع محمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الحوثية، وسط توقعات بتصاعد الخلافات وتوسع التصفيات، بعد عملية اغتيال إبراهيم بدر الدين الحوثي شقيق زعيم المليشيا.

 
صراع نفوذ

وتؤكد المؤشرات وقوف مهدي المشاط، وراء الحادث الذي تعرض له محمد علي الحوثي في يناير 2019، وكاد أن ينهي حياته، في ظل صراع النفوذ والسلطة بين قيادات المليشيا، الذي تطور من صراع سري على النفوذ والمال والسلطة، إلى تبادل التهديدات بالتصفية الجسدية.

وكان مهدي المشاط رئيس المجلس الانقلابي، قد أصدر قرارا بإقالة عضو المجلس محمد علي الحوثي وتحويل وظيفته إلى مجلس الشورى، وهذا ما دفع الأخير إلى اقتحام مقر وكالة سبأ التابعة للمليشيا في صنعاء، وإجبار المسؤولين هناك على حذف الخبر تحت التهديد وبقوة السلاح، ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد تطور إلى تهديدات بالتصفية الجسدية، وفقا لمصادر في صنعاء.

المجلس السياسي للمليشيا كان قد أقر خلال اجتماع لأعضائه، ضم محمد علي الحوثي إلى عضوية المجلس، وهو ما اعتبره كثيرون، آنذاك، مؤشراً على قرب إزاحة مهدي المشاط من رئاسة المجلس.

ومؤخراً، عملت طهران عبر مسؤول الحرس الثوري الإيراني في صنعاء، “حسن إيرلو” على إضعاف الفصائل والأجنحة والقيادات المختلفة لمليشيا الحوثي وإزاحتها من المواقع القيادية والإدارية والتنظيمية والأمنية، في إطار هيكلة جديدة، وذلك ما أدى إلى إبعاد محمد علي الحوثي، من الواجهة السياسية، ودفع به نحو ممارسة دور ثانوي على رأس هيئة تختص بمراجعة ملفات الأراضي وملكيتها ومراقبة أداء الأمناء الشرعيين المكلفين بتحرير عقود البيع والشراء، ويحاول محمد الحوثي التذكير بحضوره في الشأن السياسي بين فترة وأخرى، بتغريدات عن تطورات القتال في الجبهات!!

يتبع..

  • المصدر: الساحل الغربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى