موسكو وكييف تتبادلان الاتهامات بشأن قصف محطة زابوريجيا النووية
موسكو وكييف تتبادلان الاتهامات بشأن قصف جديد لمحطة زابوريجيا
بعد تجدد القصف على محطة زابوريجيا ، تتبادل موسكو وكييف الاتهامات بقصف محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية، الأكبر في أوروبا، والتي تحتلها روسيا واستُهدفت بعدة ضربات منذ أسبوع.
وقالت مجموعة “انيرغواتوم” الأوكرانية المشغّلة للمحطة على تلغرام “قلصوا من تواجدكم في شوارع انيرغودار. تلقينا معلومات تفيد باستفزازات جديدة من قبل المحتل” الروسي، في اعادة لرسالة مسؤول محلي في هذه المدينة التي تقع فيها المحطة، بقي موالياً لكييف.
من جانبها، اتهمت السلطات التي شكلتها روسيا في المناطق التي سيطرت عليها في منطقة زابوريجيا، القوات الأوكرانية بالوقوف وراء الضربات.
و أثار تعرض محطة زابوريجيا للطاقة النووية في جنوب أوكرانيا للقصف في الأيام الأخيرة المخاوف من وقوع كارثة نووية على بعد 500 كيلومتر فقط من موقع كارثة تشيرنوبيل، التي تعد أسوأ حادث نووي شهده العالم، والذي وقع عام 1986.
وللوقوف على حيثيات القصف الذي تعرضت له محطة زابوريجيا نشر مركز رؤى للدراسات على موقعه في تويتر تقرير تحت عنوان “لماذا تقصف أوكرانيا محطة زابوريجيا النووية؟ ” حيث يقول متسائلاَ: ماذا تريد أمريكا والغرب من هذا التصعيد النووي الخطير؟ من سيتضرر أكثر من مبدأ (عليّ وعلى أعدائي) الذي تتخذه أوكرانيا اليوم منهجا في قصف المحطة؟ ويجيب على هذا السؤال في تقرير مركز:
محطة زابوريجيا النووية هي أكبر محطة نووية في أوروبا وتاسع أكبر محطة نووية في العالم، تولد ما يزيد عن 20% من احتياجات أوكرانيا من الكهرباء، سيطرت عليها روسيا منذ الايام الأولى للحرب.
خلال أشهر الحرب الماضية كانت المحطة والتي تمتد على مساحة مدينة كبيرة، ملاذا آمنا للقوات الروسية حيث يستخدمها الروس لتخزين الذخائر وتموضع راجمات الصواريخ والمدافع مع علمهم اليقيني باستحالة تجرّؤ أوكرانيا على قصف محطتها النووية التي تعتبر من أهم وأثمن البنى التحتية الأوكرانية.
الذي حدث مؤخرا أن روسيا بدأت بإنشاء بنية تحتية خاصة بهدف قطع الكهرباء المنتجة من المحطة عن أوكرانيا وتحويلها باتجاه شبه جزيرة القرم، مما سيحرم أوكرانيا من خُمُس الكهرباء الأوكرانية وهو ما يشكل تحديا كبيرا لأوكرانيا في تعويضه.
فهذا هو الضرر الذي سيعود على أوكرانيا في حال أكملت روسيا مشروعها بتحويل الكهرباء من محطة زابوريجيا إلى القرم، فما شأن أمريكا بالموضوع؟ ولماذا يخاطر الغرب أيضا بهذا التصعيد النووي غير محسوب العواقب؟
أولا: فإن أي نقص في الطاقة الأوكرانية سيتم تعويضه بشكل أو بآخر من قبل الحلفاء وهذا يعني مزيدا من الأعباء على أمريكا وأوروبا. ثانيا: فإن أوكرانيا تخلت منذ سنوات عن الوقود النووي الروسي واستبدلت الوقود الأمريكي به وبعقود مع شركات أمريكي. وتكلفة تشغيل المحطة النووية عادة ما تقدر بمئات ملايين الدولار سنويا وهذه العقود كلها ستخسرها أمريكا في حال استمرت السيطرة الروسية على المحطة.
ما هدف أوكرانيا من قصفها؟
ويجيب على هذا السؤال بقوله ” الهدف هو دفع الروس تحت التهديد النووي لإخلاء المحطة والانسحاب منها وعودتها للسيطرة الأوكرانية، أو على الأقل كما بدأ يطفو للسطح اليوم من نوايا (خضوعها لقوات حفظ سلام ومنطقة منزوعة السلاح) وبكل الأحوال فهذا يعني بقاؤها في عملها وتغذية أوكرانيا بالطاقة.
ويستمر قائلا: من سيتضرر أكثر من مبدأ (عليّ وعلى أعدائي) الذي تتخذه أوكرانيا اليوم منهجا في قصف المحطة؟ بالتأكيد فإن الخاسر الأكبر في حال حصول كارثة نووية هو روسيا، لأن أوكرانيا ستخسر الطاقة المنتجة في جميع الحالات، فالسؤال المنطقي. لماذا عساها تترك الروس يستفيدون منها في القرم؟
أما الاشعاعات النووية فستؤدي لإخلاء فوري لدائرة قطرها 260 كم وهذا يعني أن جهود الإخلاء ستكون مشتركة حيث يتوجب على روسيا إخلاء 130 كم شرق وجنوب المحطة ويتوجب على أوكرانيا إخلاء 130 كم شمال وغرب المحطة، كما سيؤدي الإشعاع لتوقف زحف الروس غربا لشهور قادمة وهو ما يصب في صالح الغرب.
وهناك هدف عسكري آخر، وهو ارباك الخطط الروسية، وهذا معروف في علم الحروب، فالحرب لها قواعد كالشطرنج، يجب ألا تدع الخصم يمشي في خطته بخطوات ثابتة متسلسلة، وإلا فمهما كانت دفاعاتك قوية ومحصنة فسيتم اختراقها في مرحلة ما ومن نقطة ما، لذا يجب أن تضرب له مخططاته الهجومية دائما.
والمخطط الروسي اليوم يهدف إلى قضم المناطق الأوكرانية بأقل الخسائر مع الحفاظ على حجم معركة صغيرة نسبيا بحيث لا تدخل روسيا بجيشها في استنزاف حاد يؤدي لضعفها في أي مواجهة محتملة مباشرة مع دول عظمى.
ولهذا فإن روسيا تصمت صمت القبور بعد كل تصعيد غربي لتوسيع رقعة الحرب أو رفع مستواها الحربي، فبلعت العافية بعد إغراق النيتو للطراد موسكو وغير ذلك من الاستفزازات التي كان آخرها استهداف القاعدة الجوية الروسية في شبه جزيرة القرم، ولا نعتقد أن تكون آخرها.
ويختتم التقرير قائلاً”إن الحروب لا تدار بردود أفعال طائشة ولا عقليات عفوية صبيانية، فإن أي خطأ في الحسابات الاستراتيجية يعني انهيار الدولة الروسية أو الأوكرانية بالكامل وسقوطها، فتوسيع الحرب (من جهة الروس) يخضع لدراسة معمقة، وكل فعل غربي يتم بدراسة مفصلة وكل رد فعل روسي كذلك”.