خبراء غربيون يطالبون الإدارة الأمريكية بدعم التحالف المناهض لأنشطة #إيران في المنطقة
معين برس:
مع اقتراب دخول حرب روسيا على أوكرانيا شهرها الثالث تواصل الولايات المتحدة البحث عن سبل للتصدي لأجندة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يبدو مصرا على تحقيق نصر في المواجهة مع كييف رغم العقوبات الدولية.
ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير الماضي بحثت الولايات المتحدة مع حلفائها الأوروبيين عن خيارات لخنق الاقتصاد الروسي، لكنها لم تنجح في بلوغ أهدافها في ظل رفض دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية زيادة ضخّ الطاقة لتعويض الإمدادات الروسية.
ويعكس الرفض غضبا من الرياض تجاه الإدارة الأميركية بقيادة جو بايدن والديمقراطيين بعد تصعيدهم مع وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والقرارات التي اتخذتها والتي اعتبرت بمثابة إطلاق يد إيران وأذرعها في المنطقة.
أخطاء في التقدير
صور بايدن مرارا الصراع الجاري في أوكرانيا على أنه معركة بين الديمقراطية والاستبداد في خطوة يرى مراقبون أنها تشكل خطأ في تقدير الموقف، حيث سيؤدي هوس الإدارة الأميركية بالديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاولة فرض مقاربتها في هذا الإطار إلى خسارة عدة دول كان يمكن أن تكون حليفة لواشنطن.
ويمثل غزو أوكرانيا إنذارا واضحا من الرئيس بوتين للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بأن القوة الصلبة هي مسألة تستحق أن تسترعي الانتباه وأنه ما زال بالإمكان تغيير الحدود بها.
ويبعث الغزو برسالة واضحة مفادها أن محاولات محو الأمم لم تصبح بعد في عداد الماضي، وأن النزاع والمنافسة هما المحددان للمشهد الدولي في المستقبل المنظور.
وفي حين ما زال بوتين يحافظ على تحالفات مع دول مثل الصين وإيران، اختار بايدن وإدارته تصوير المشهد على أنه صراع بين الاستبداد والديمقراطية، وهو ما قد يفسر بقاء عدة دول في أفريقيا والشرق الأوسط على الحياد وأيضاً رفض الخضوع للضغوط الأميركية المتعلقة بمعارضة الغزو الروسي لأوكرانيا أو ضخ المزيد من النفط لتعويض الإمدادات الروسية.
وقال دنيس روس وهو مستشار وزميل وليام ديفيدسون المميز في معهد واشنطن والمساعد الخاص السابق للرئيس أوباما إنه “بينما يواصل بوتين حربه ضد أوكرانيا، على الولايات المتحدة أن تبدأ في التفكير في بناء تحالفات للفترة التي تلي انتهاء الحرب. فحين يقرر بوتين إنهاء هذه الحرب، لا يمكننا العودة إلى العمل وكأنّ شيئا لم يحصل”.
وتابع روس في ورقة بحثية لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى “لا يشكل حشد الدول الديمقراطية في أوروبا وآسيا سوى البداية. وغالباً ما يتحدث الرئيس بايدن عن كونه عند نقطة انعطاف في الصراع بين الديمقراطية والاستبداد. ولكن إذا قسّمنا العالم على هذا النحو فقط، فإننا نستبعد العديد من الدول التي نحتاجها لتكون جزءا من أي تحالف عالمي قادر على التصدي لجهود روسيا والصين لفرض حكمهما على النظام الدولي”.
وأكد أنه “لا يمكننا تحمُّل شطب تلك الدول التي قد لا تكون ديمقراطية إلا أنها ليست دولا تعديلية أيضا. وفي الكفاح ضد القوى المصممة على إقامة وضع طبيعي جديد تطغى فيه القوة على الحق، يجب أن نكون قادرين على الانضمام إلى أولئك الذين يشكلون قيمة مضافة إلى نفوذنا وأصولنا”.
ويطرح الفتور في العلاقات بين الرياض وواشنطن تساؤلات حول سبل الخروج منه باعتبار حاجة الطرفين إلى استئناف التنسيق بينهما لمواجهة تحديات المنطقة والخطر الذي يمثله التمدد الصيني والروسي في العالم.
يرى المراقبون أنه من أجل أن تنجح أي استراتيجية تضبطها الولايات المتحدة للتصدي لهذا الخطر فإن عليها أن تتضمن دعم التحالف العربي الذي هو بصدد التشكل للتصدي لأنشطة إيران وميليشياتها في المنطقة.
ويضم هذا التحالف السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وإسرائيل وغيرها من المتضررين من أنشطة إيران وخاصة ميليشياتها المنتشرة في دول مثل اليمن والعراق وسوريا وغيرها.
وتعرضت السعودية لعدة هجمات من قبل الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران، واستهدفت تلك الهجمات منشآت نفطية وغيرها. ويرى مراقبون أن هذه الهجمات وغيرها من الأنشطة التي تقوم بها إيران تبرز سعيها لاستدامة الفوضى في المنطقة وهو وضع يخدم روسيا على ما يبدو.
وقال روس إن “الحرب التي شنها بوتين أعادت التركيز على الحقيقة التي تفرضها الاحتياجات الأميركية، وفي الواقع، للسعودية أهمية استراتيجية في التنافس مع روسيا والصين”.
وأضاف أن “إدامة النزاعات في الشرق الأوسط تخدم المصالح الروسية والإيرانية، لكنها لا تخدم المصالح الأميركية. ولحسن الحظ، بدأ نمو تحالف يضم السعودية والإمارات ومصر والأردن والمغرب والبحرين وإسرائيل لمواجهة الخطط الإيرانية في المنطقة”.
وشدد على توفير “القيادة المركزية الأميركية لآلية لدعم الحاجات الأمنية الخاصة بأعضاء هذا التحالف، فضلاً عن مظلة يمكنهم من خلالها دمج أنشطتهم الاستخباراتية ومكافحة الإرهاب والإنذار المبكر وأنشطة الدفاع السيبراني والصاروخي والطائرات المسيّرة، مما يجعلهم جماعيا أكثر أمانا مما لو كانوا بمفردهم. وكلما شجعنا نوع التعاون الاقتصادي والتجارة الذي تنشئه حاليا إسرائيل والإمارات، كلما بنينا أساسا أقوى للسلام الإقليمي، وكلما زاد تعزيزنا لتحالف قوي يدعم قواعد اللعبة التي نسعى إليها دوليا”.