روسيا وأوكرانيا تحشدان لـ “المعركة الكبرى” وبانتظار ساعة الصفر..

معين برس- وكالات:

بعدما تأكد فشل جيشه في شمال أوكرانيا، حيث التضاريس الوعرة، والمدن المستعصية، تحوَّل تركيز الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين إلى الأراضي المسطحة في دونباس في الشرق.

ومعروف أن دونباس، تضم حقولا شاسعة بدلاً من شوارع المدن الضيقة في الشمال، وبها مزارع مكشوفة ليست كالمباني السكنية، المحيطة بالعاصمة، والتي يعرفها جيدا الأوكرانيون ويجهلها الجنود الروس.

ومع تغير خطة بوتين “يبدو أن الحرب على وشك أن تأخذ منعطفًا صعبًا إلى الجنوب الشرقي المفتوح على مصراعيه” على حد تعبير تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.

منطق مغاير

من خلال هذا التغيير، تسعى روسيا لفرض منطق مغاير في طبيعة القتال، والأسلحة المستخدمة والاستراتيجيات التي قد تحقق لها النصر.

ويرى محللون عسكريون أن الحربً الأوسع التي بدأت بمحاولة فاشلة للاستيلاء على العاصمة كييف، بصدد الانتقال الآن إلى منطقة دونباس الشرقية.

القيادي السابق في الجيش الأميركي، بن هودجز، قال للصحيفة، إن “قلة الحواجز الطبيعية، تمكن الجيوش المتصارعة من الالتفاف على بعضها ومحاصرة بعضها البعض، وإطلاق وابل عنيف من المدفعية من مسافة بعيدة، لكسب مساحة أكبر، ثم التقدم والظفر بمواقع العدو.

“ما نتحدث عنه هو معركة تقليدية ودموية للغاية، حيث ستهاجم القوات الروسية مواقع أوكرانية ثابتة” يقول هودجز.

ويشكل الاستيلاء على كل أراضي دونباس، التي يسيطر انفصاليون موالون لروسيا على جزء منها منذ 2014، الهدف الأول للجيش الروسي منذ نهاية مارس الماضي.

الطقس في صالح الأوكرانيين؟

ومؤخرا قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تقديرات، إن بوتين سيركز هجماته على منطقة دونباس لتحقيق نصره المنشود، في أفق في 9 مايو المقبل، الذي يصادف ذكرى الانتصار على ألمانيا النازية عام 1945.

لكن مسؤولا كبيرا في البنتاغون، كشف الخميس، أن الطقس الماطر في منطقة دونباس قد يصب في صالح القوات الأوكرانية.

وتهطل الأمطار بغزارة منذ أيام على دونباس، ويتوقع أن تستمر على هذا النحو في الأيام المقبلة إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة.

وقال المسؤول الذي اشترط عدم كشف هويته، وفق ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية “فرانس برس” إن “الأرض الأكثر ليونة في دونباس ستصعب عليهم فعل أي شيء بعيدا عن الطرق السريعة المعبدة”.

ودونباس، منطقة تمتد لمئات الأميال؛ تحدها روسيا من الشمال والشرق على شكل قوس، ويتحدث معظم سكانها اللغة الروسية. 

وسميت على اسم حوض دونيتس الغني بطبقات الفحم تحت السطح مباشرة، وتمتد بها حقول عباد الشمس والسهول العشبية.

وقبل الغزو الروسي في فبراير، كانت أوكرانيا تقاتل الانفصاليين المدعومين من روسيا هناك منذ 2014، عندما أثارت موسكو تمردا وأرسلت قوات لدعمها.

وكانت تلك الحرب قد وصلت إلى طريق مسدود، حيث يسيطر الروس والأوكرانيون على جانب من الأرض ولم يكسب أي منهما الكثير من مساحة الآخر.

لذلك، يقول محللون إن الاستيلاء على مناطق أكبر سيتطلب على الأرجح صراعا طويلا ودمويا حتى ينتصر أي منهما.

وبينما توفر السهول ميزة للجيش الروسي الذي يملك أسلحة خاصة (ترسانة المدافع) بمثل هذه الطبيعة، تتمتع القوات الأوكرانية بميزة في الضرب من مواقع راسخة، على أرض مفتوحة وفي نطاق ما تصله مدفعيتها.

المعركة الكبرى

يحشد كلا الجانبين قواتهما لخوض المعركة الكبرى، حيث أعادت القوات الروسية تجميع صفوفها بعدما طُردت من كييف، ما أدى إلى تشتت وحداتها بسبب الخسائر الفادحة في القوة والمعدات.

وقال مسؤولون في البنتاغون إن روسيا زادت بشكل عام عدد الكتائب المقاتلة في الشرق إلى ما يصل إلى 40 ألف جندي هذا الشهر، مع وجود المزيد من التعزيزات في الطريق. 

وسحبت موسكو ما يصل إلى 40 ألف جندي من شمال أوكرانيا إلى روسيا وبيلاروس، لإعادة تسليحهم، ومن المتوقع أن يتحرك البعض منهم هذه الأيام إلى الشرق، حيث سيواجهون القوات الدفاعية الأوكرانية المرابطة دفاعا عن أرضها.

وكان الجيش الأوكراني في الشرق يقدر بنحو 30 ألف جندي قبل غزو روسيا. 

وبعد صد الهجوم الروسي على كييف، أعيد انتشار وحدات النخبة العسكرية في شرق أوكرانيا، لكن تقدير حجم وقوة القوات الأوكرانية هناك أمر صعب الآن تقول “نيويورك تايمز”. ولم تكشف الحكومة الأوكرانية عن أي تفاصيل عن تحركات وحداتها الأصغر حجما والأكثر قدرة على الحركة بسرعة، مقارنة بالقوات الروسية. 

خصائص المعارك المقبلة 

في هذه المرحلة الجديدة من الحرب، سيحتاج الأوكرانيون إلى ترسانة أسلحة جديدة، لا سيما المدفعية بعيدة المدى وأنظمة صواريخ متعددة الإطلاق. 

“سوف تشتد الحاجة أيضًا إلى المزيد من المركبات المدرعة لحماية قواتهم” وفقا للصحيفة ذاتها.

لهذا الغرض، زودت سلوفاكيا هذا الأسبوع أوكرانيا بنظام صاروخي قوي طويل المدى مضاد للطائرات، والأربعاء، أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، عن حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 800 مليون دولار لأوكرانيا تضمنت لأول مرة أسلحة أكثر قوة، بما في ذلك 18 مدفع هاوتزر عيار 155 ملم ، و 40 ألف طلقة من ذخيرة المدفعية و 200 ناقلة جند مدرعة.

متى تكون ساعة الصفر؟

الاختلاف الأكبر عن المرحلة الشمالية للحرب، التي دارت رحاها بين المدن والغابات والتلال، هو التضاريس.، حيث يتوقع محللون اندلاع معركة دموية شاملة في الأراضي المنبسطة.

مكسيم فينوجين، الذي وصفته “نيويورك تايمز” بـ”المحارب المخضرم” في  دونباس قال  إنه “لا يوجد مكان للاختباء” ثم تابع “يمكن رؤيتنا من الأعلى، من خلال الطيران والطائرات بدون طيار”.

إلى ذلك، يقول محللون عسكريون إن المرحلة القادمة ستصبح حربًا مدفعية بالدرجة الأولى، على مسافات تصل إلى عشرات الأميال، حيث يمكن أن تطغى الأعداد الهائلة من قطع المدفعية والدبابات والمروحيات الهجومية الروسية على تفوق أوكرانيا في دوافع جنودها ومعنوياتهم. 

ومن المتوقع أن تستخدم موسكو هذه القوة النارية الثقيلة لضرب مواقع أوكرانية قبل إرسال قوات برية لمحاولة الاستيلاء عليها.

ولعب الطقس دورا هاما في شمال أوكرانيا في بداية الغزو، فعدم تجمد الأرض بشكل كاف أجبر الدبابات الروسية على التحرك في قوافل طويلة على الطرق المعبدة، ما جعلها عرضة لمقاومة القوات الأوكرانية.

وفي الوقت الراهن لا تزال القوات الروسية تستعد لهجومها الجديد في الشرق، لكن المسؤول في البنتاغون الأميركي، الذي نقلت عنه فرانس برس اعتبر أن “من الصعب جدا معرفة على وجه اليقين (..) متى تكون ساعة الصفر”.

لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن روسيا تريد “تحقيق بعض الأهداف المادية الملموسة في دونباس خلال الأسبوعين المقبلين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى