في اشتباكات بيروت: قتلى وجرحى في احتجاجات ضد قاضي تحقيق انفجار المرفأ وعون يتعهد بالمحاسبة
معين برس- متابعات:
قتل ستة أشخاص على الأقل وأصيب عشرات آخرون في إطلاق نار كثيف في بيروت، قرب مظاهرة لأنصار حزب الله وحركة أمل، احتجاجا على حكم صدر صباح الخميس برفض الشكوى التي تطالب بتغيير القاضي المكلف بقضية انفجار ميناء بيروت.
وسمع دوي قذائف صاروخية من طراز RPG7 في العاصمة بيروت بعد انتشار الجيش في الشوارع لمنع أي اشتباكات ومطاردة مطلقي النار.
وبثت قنوات تلفزيونية محلية صورا لأشخاص مذعورين في شوارع العاصمة بيروت يهربون من مكان إطلاق النار، في كل الاتجاهات، خوفا على حياتهم.
وفي تصريح صحفي عقب اجتماع لما يعرف بمجلس الأمن الداخلي المركزي قال وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي إن الاشتباكات “بدأت مع عمليات قنص وإطلاق نار على الرؤوس”، مشدداً على أهمية الحفاظ على السلم الأهلي في البلاد.
وأصدر الجيش اللبناني بيانا مساء الخميس شرح فيه ملابسات الأحداث، وقال البيان إنه “أثناء توجّه عدد من المحتجين إلى منطقة العدلية للاعتصام، حصل إشكال وتبادل لإطلاق النار في منطقة الطيونة – بدارو، ما أدى إلى مقتل عدد من المواطنين وإصابة آخرين بجروح”.
وقال الجيش إنه عزّز الجيش انتشاره في المنطقة، و”داهم عدداً من الأماكن بحثاً عن مطلقي النار، وأوقف تسعة أشخاص من كلا الطرفين بينهم سوري”.
وكان الجيش اللبناني قد هدد في وقت سابق من الخميس بإطلاق النار على أي مسلح يتواجد في الطرق، و”باتجاه أي شخص يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر” وطلب من المدنيين اخلاء الشوارع.
من جانبه، تعهد الرئيس اللبناني ميشال عون بمحاسبة المسؤولين عن العنف.
وقال في خطاب تلفزيوني مساء الخميس “من غير المقبول أن يكون السلاح هو لغة التخاطب بين الفرقاء اللبنانيين “.
وأضاف: “لقد أجريت اتصالات مع الأطراف المعنية لمعالجة ما حدث والأهم من ذلك، للتأكد من عدم تكراره مرة أخرى”.
وتابع: “لن نسمح لأي أحد بأن يأخذ البلد رهينة لمصالحه الخاصة “.
هذا وتفيد تقارير بعودة الهدوء الحذر إلى شوارع العاصمة اللبنانية بيروت بعد انتشار وحدات الجيش فيها.
ردود فعل
في أول رد فعل دولي على الاشتباكات، أعربت فرنسا عن “القلق العميق” إزاء الاضطرابات في لبنان وحثت الأطراف على نزع فتيل التصعيد. و قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إنه يجب أن يكون القضاء اللبناني قادراً على العمل بشكل مستقل وعير متحيز في إطار التحقيق، دون إعاقة وبدعم كامل من السلطات اللبنانية.
وقال بيان لوزارة الخارجية الفرنسية إن “الشعب اللبناني ينتظر أن يتم إلقاء الضوء على انفجار بيروت. فمن حق الشعب أن يعرف الحقيقة”.
وعلى صعيد متصل، قالت فيكتوريا نولاند، مساعدة وزير الخارجية الأمريكية من بيروت إن الولايات المتحدة ستقدم مساعدات إضافية بقيمة 67 مليون دولار لدعم الجيش اللبناني.
وقالت نولاند ، التي كانت تتحدث في مؤتمر صحفي، إن الولايات المتحدة تعمل مع السلطات اللبنانية، إلى جانب البنك الدولي ووكالات الإغاثة الإنسانية، لمساعدة البلاد وسط أزمتها الاقنصادية العميقة. وقدمت نولاند التعازي باسم بلادها للبنان في أعقاب العنف الذي اندلع في بيروت اليوم وأسفر عن مقتل ستة أشخاص على الأقل وجرح عدد آخر.
“اتهامات حركة أمل وحزب الله اللبناني”
وأصدرت حركة أمل وحزب الله اللبناني بيانا قالا فيه “إن هذا الاعتداء من قبل مجموعات مسلحة ومنظمة يهدف إلى جر البلد لفتنة مقصودة، يتحمل مسؤوليتها المحرضون والجهات التي تتلطى (تتذرع) خلف دماء ضحايا وشهداء المرفأ من أجل تحقيق مكاسب سياسية مغرضة”.
واتهما بشكل صريح حزب القوات اللبنانية بـ “الاعتداء المسلح” على المتظاهرين من أنصارهما. وقال حزب الله إن قناصة أطلقوا النار من أسطح البنايات على المتظاهرين بهدف القتل.
وأضاف البيان “إن حركة أمل وحزب الله يدعون الجيش اللبناني لتحمل المسؤولية والتدخل السريع لإيقاف هؤلاء المجرمين، كما يدعون جميع الأنصار والمحازبين إلى الهدوء وعدم الانجرار إلى الفتنة الخبيثة”.
وقد استنكر رئيس حزب “القوات اللبنانية”، في بيان له الأحداث التي شهدتها منطقة بيروت وبالأخص محيط منطقة الطيونة.
وقال البيان: “إن السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلِّت والمنتشر والذي يهدِّد المواطنين في كل زمان ومكان”.
وأضاف رئيس حزب القوات اللبنانية قائلاً: “إنني أدعو رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية إلى إجراء تحقيقات كاملة ودقيقة لتحديد المسؤوليات عما جرى في العاصمة اليوم”.
وختم البيان قائلاً: “إن السلم الأهلي هو الثروة الوحيدة المتبقية لنا في لبنان، ما يتحتِّم علينا المحافظة عليه برمش العيون، ولكن ذلك يتطلب منا جميعا التعاون للوصول إليه.”
من جانبه، دعا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى عودة الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة.
وقال ميقاتي، في بيان له اليوم الخميس، إنه تابع مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون الإجراءات التي يتخذها الجيش لضبط الوضع في منطقة الطيونة- العدلية وتوقيف المتسببين بالاعتداء.
وكانت محكمة التمييز رفضت الخميس الشكوى المقدمة ضد قاضي التحقيق، طارق بيطار، وسمحت له بالتالي باستئناف تحقيقه في انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب الماضي، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص.
وتعرض بيطار، منذ تعيينه، لضغط كبير من تيارات سياسية تتهمه بالانحياز، وعلى رأسها حزب الله، الذي دعا إلى تنحية القاضي.
وتصاعد الخلاف بين التيارات السياسية في لبنان بشأن تعيين بيطار للتحقيق في كارثة ميناء بيروت، وأحدث الخلاف السياسي انقسامات بدأت تشتت جهود الحكومة، التي يفترض أن تنصب على معالجة الأزمة الاقتصادية الحادة في البلاد.
واعترض منتقدو بيطار على محاولته استجواب كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين بشبهة التهاون، الذي أدى إلى انفجار كمية كبيرة من نيترات الأمونيوم، تسبب في مقتل أكثر من 200 شخص، وتدمير أجزاء واسعة من بيروت.
وقد تجمع المئات صباح الخميس أمام قصر العدل للمشاركة في الاحتجاجات ضد القاضي بيطار. وانتشرت قوات الجيش بقوة في المنطقة.
وعلى الرغم من أن التحقيق لم يشمل أعضاء في حزب الله فإن التنظيم، المدعوم من إيران، اتهم بيطار “بتسييس” التحقيق باستهداف أشخاص دون غيرهم.
ومن بين المشمولين بالتحقيق حلفاء لحزب الله، من بينهم أعضاء في حركة أمل الشيعية، التي كان لها وزراء في الحكومة، خلال السبعة أعوام التي تم فيها تخزين نيترات الأمونيوم في ميناء بيروت، دون مراعاة إجراءات السلامة.