إيران تستعد لإطلاق تقنيات إرهابية جديدة
معين برس : د. باهرة الشيخلي
شروط أميركا الـ12، التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في كلمة ألقاها في معهد “هيرتيج” في العاصمة الأميركية واشنطن، للتوصل إلى اتفاق
جديد مع إيران، بشأن برنامجها النووي، ستجد إيران نفسها، إذا طبقتها، تخسر كل ما حققته، منذ وصول الخميني إلى كرسي الحكم إلى الآن. لأن هذه الشروط ستحد من تمددها وتوقف ما سمته تصدير الثورة، وخصوصا ما يتعلق بأدوات الإرهاب التي نشرتها في المنطقة، والتي تطرقت إليها الشروط صراحة وهي: وضع حد لدعم المجموعات الإرهابية في الشرق الأوسط، ووضع حد لدعم حركة طالبان والقاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى، ووضع حد لدعم فيلق القدس في الحرس الثوري، ونزع سلاح الميليشيات الشيعية في العراق، ووضع حد لدعم ميليشيات جماعة الحوثي في اليمن، والانسحاب من سوريا وسحب ميليشيات الحرس الثوري الإيراني من هناك، ووضع حد لتصرفات طهران تجاه إسرائيل والدول الحليفة لواشنطن في الشرق الأوسط. إذا طبّقت إيران هذه الشروط فقط، عدا تلك المتعلقة ببرنامجها النووي، فإنها ستفقد جميع أذرعها التي تعتمد عليها في تحقيق مشروع ولاية الفقيه في المنطقة، ومعنى ذلك أن حلمها الإمبراطوري سيوأد ويتبخر، وإيران لا يمكن أن تسمح لنفسها العبث بثوابت ولاية الفقيه في الترويج الأممي تحت عباءة نشر “الفقه الخامس”، إذ تعتقد إيران كما هو معلوم، بأن لها مهمة رسالية (تصدير الثورة) تجاه الفضاء العالمي.
حاولت إيران قبل هذا الوقت، أن توحي بأنها تسعى إلى “نزع الطائفية”، وتابعها الموالون لها في العراق وغيره وأخذوا يروّجون لهذا الإيحاء بعد أن لم تعد الطائفية خافية في ممارساتهم وسياساتهم، ولكن هذه الفرضية العرجاء، كانت من باب التكتيك المرحلي، أو كانت مجرد اتباع سياسة تغيير الاتجاهات، وهو شبيه بلعبة تغيير موقع الهوامش من دون الاقتراب من النص (العقيدة) أيديولوجيا واستراتيجيا. غير أن هذه السياسة سرعان ما انكشف كذبها وبان خداعها لأنها ليست أصيلة في التشيّع الإيراني، الذي هو مذهب سياسي يخدم مشروعا قوميا عنصريا، وليست له علاقة لا بالدين ولا بالتشيّع الأصيل.
إن أي ثياب ترتديها الحركة الدينية، سنية أو شيعية، كافية لستر فضائحها، بل إن أي ثياب غير ثيابها الحقيقية ستفضح عوراتها على كل مستوى، كما أن كل عملية ترقيعية تجريها هذه الحركة لن تجدي نفعا، لسبب بسيط وهو تفكك التحالفات الطائفية وتبادل الفضائح وتصادم المصالح، بعد أن أصبح الطائفيون عراة أمام كل الشعوب، فيحاول كل فريق منهم البحث عن جحر يأويه أو ثوبا يرتديه ليستر به عورته.
وبات معلوما من خلال عديد التجارب أن العقل السياسي الإيراني يعتمد الدراسة المعمقة والنفس الطويل في وضع برامجه وتحديد أولوياته، وتاليا يصمّم آليات حركته في ضوء قدراته الإقليمية. ومن أولى البديهيات أن إيران قد أعدّت استراتيجية احتواء للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة ووضعت برامج تفصيلية لإفشال الحصار عليها، واستحدثت من الناحية الاقتصادية طرقا وآليات عملية للإفلات من التطويق الدولي، وإحدى أهم وسائل اختراق الحصار تتمثل بإعادة طهران تنظيم صفوف مواليها من الأحزاب والميليشيات وتحديد عدد من الأهداف الأميركية للتعرض لها أو الهجوم عليها. ومعنى هذا كله أن صفحات جديدة من تقنيات الإرهاب في المنطقة والعالم ستشرع بها طهران وستشهدها المنطقة قريبا.
هناك مرحلة جديدة من تاريخ إيران ستبدأ، أو هي بدأت فعلا، ما يستوجب على دول المنطقة التنبّه إلى هذا المتغير والاستعداد له حماية لنفسها ولشعوبها، خصوصا وأن في كل دولة من تلك الدول خلايا نائمة أو يقظة دربتها إيران وسلّحتها لخلق فوضى عارمة وقت الحاجة، قد لا تقتصر آثارها على دول المنطقة فقط، وإنما ستمتد إلى دول غربية تمتلك فيها إيران خلايا نائمة، موجودة في المساجد والحسينيات، هي في الحقيقة تمارس أعمالا يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني تحت غطاء التعبّد، وهذه الخلايا تنتظر فقط الإشارة من إيران.
*نقلا عن صحيفة العرب