حدود المغامرة الإيرانية
مصطفى ناجي
حادثة سقوط طائرة الرئيس الإيراني ومرافقيه ومقتلهم تثير الكثير من الأفكار والاسئلة.
وعموما لنعتمد اهم فرضيتين للسقوط:
الاولى سوء احوال جوية، ومعلوم ان الملاحة الجوية مقيدة بشروط سلامة صارمة في الحالات العادية فما بالكم بوفد رئاسي. وبالطبع للمروحيات قدرة مناورة كبيرة خصوصا طائرات البحث والإنقاذ في حالات الكوارث الطبيعية وقد تكون مروحية الرئيس من هذا النوع.
وهنا نستنتج التالي:
النظام الإيراني، بقدر إزعاجه وإلحاقه ضررا في بلدان المنطقة إلا انه بقدرات اقل من قوة اقليمية؛ معطيات غير دقيقة، تقنيات بالية، العجز عن الحفاظ على رموز البلاد والعجز عن القيام بأساسيات المهام منها البحث والإنقاذ عن رئيس دولة حتى ان طيارة بحث تركية دلتهم على مكان السقوط بعد ان ظلت فرق الإنقاذ تبحث نصف يوم في المكان الخطأ.
إيران من اعلى دول المنطقة حوادث طيران ولم تتمكن من تحديث وصيانة معداتها بشكل عام بسبب العقوبات وهذا يعني انها تذهب إلى الهلاك ولكن بالتدريج البطيئ وثمن العقوبات غير هين.
تبعات الحادث على الاذرع الإيرانية ستكون كبيرة لان هذه الحادثة ستهز مكانة الدولة السند وتضع الجميع أمام حقيقتها وقدرتها كقوة اقليمية. اذ لا يكفي إسقاط النظام الخصم بل يجب استنهاض النظام الحليف وخلق ظروف معيشية وظروف هيمنة وتقنية وتعليم تتناسب ووعود العهد الجديد. ثم ان ايران وخصومها في تنافس محموم للتسلح واكتساب التقنية. وهذه الحوادث تدل على خسران ايران نقاطا في هذا السباق. بل خروجها من التصفية.
الافتراضية الثانية هي ان الحادث كان بتدخل خارجي وقد تكون إسرائيل وراء الحادث.
وهذه الافتراضية أسوأ من السابقة بكثير لانها لو صدقت فهي حادثة غير معزولة عن تدخلات إسرائيل ضد ايران بدقة متناهية وعجز ايران عن الرد الحقيقي والمماثل. لدينا آخر حادثة كانت قصف القنصلية في سوريا ومقتل عدد من كبار قادة ضباط الحرس الثوري.
تتعرى قوة ايران وتبدو بلا حيلة خصوصا إذا كانت إسرائيل قد وصلت إلى استهداف رئيس النظام لإدراك إسرائيل محدودية قدرة ايران التقنية في الحفاظ على رموزها وعجزها التام على الرد بالمثل.
في نظام كالنظام الإيراني ليس لرئيس الجمهورية اهمية وذلك لوجود نظام موازٍ تماما إلا في حالة الرئيس الحالي وفي هذه المرحلة التي تعد فيها العدة لتعيين خليفة لمرشد الثورة. اي ان رئيسي له اهمية بيروقراطية واهمية روحية وفقدانه يعقد ملف الخلافة ويعزز من الخلافات الداخلية. هذا إذا لم تكن الحادث شأنا سياسياً داخلياً صرفاً. اليس المكر يحيق بأهله. ما المانع ان تنعكس ادوات التدمير داخلياً.
ما يلفت انتباهي في كل حادث داخلي ايراني هو حالة الإرباك الشديدة التي تنتاب مؤسسات وأركان النظام إلى درجة ارتكاب سلسلة اخطاء لوجستية وتواصلية قد تكون قاتلة.
لنعد بالذاكرة إلى حادثة قصف طائرة مدنية في ايران اعتقادا انها طائرة عدو. القصف بحد ذاته دليل فشل منظومة اتصالات وارتباك عسكري لا يفرق بين الطيران المدني والحربي وليس لديه معطيات. ثم ماذا كانت التبريرات.
وهكذا الحال مع حادث طائرة الرئيس حد الكذب ان طايرة ايرانية اكتشفت مكان السقوط ونكران دور طايرة اكنجي التركية.
الحقيقة ان هذه الحادثة تقزم مكانة ايران بين القوى الاقليمية الأخرى. وربما على اتباعها معرفة قدراتهم وحدود الضامن الاقليمي والوقوف عند هذه النقطة بجدية والشروع في التصالح مع محيطهم المحلي خصوصا اليمن وسوريا والعراق ولبنان.
يفترض بهذه الحوادث ان تضع حدا للمغامرة الإيرانية في المنطقة. وان يدرك الجميع هشاشة ما يسمى بالمشروع الإيراني: هشاشته الفكرية لأن ثوابته طائفية إقصائية وهشاشته البنيوية لانه بلا اسس استدامه ونهوض ولا افق تنموي له.
•صفحته على الفيسبوك