الـحـوثي واطفال اليمن “فيديو”
مصطفى محمود *
لو لم ينتهك الحوثيون إلاَّ براءةَ الأطفال، لكان قميناً باعتبارهم سفاحي كلِّ القيم الإنسانية. وهم كفيروسات قتل يعرفون كيف يدمرون الطفولة. هذا الجانب المبدع والتلقائي لكياننا الإنساني في تاريخ البشر. وعوضاً عن أنْ يحمل أطفالُّ تليمن ألعاباً وضعوا بين أيديهم قنابل وخناجر وجماجم.
وحشروا برؤوسهم نفايات الجهاد وعبارات الولايه والكراهية بلا رحمةٍ. لعلنا نلتفت إلى أنهم يرمون بأفعالهم الجهنمية نحو الغد.
ظاهر الحياة لا تعني جماعة الحوثي السلاليه في قليلٍ أو كثير. لأنَّ العقيده الحوثيه إرادة موت حُكماً بإسقاط الواقع كلِّه فأيُّ منطق عنيف كهذا إنما يعد موتاً مرقَّطاً. كالثعبان المرقط الذي ينفث سمومه إزاء من يلاقيه. تاركين سيناريوهات العدم تعربد في جنبات المجتمع اليمني بلا طائلٍ. وهنا نلاحظ هذه الموازاة بين “الفناء والحوثي” بموجب القدرة على تأدية نفس النتيجة.. ولأنّ الموت أعمى، فلا يعترف بطفلٍ أو صبي أو عجور. لا يرى غير استباحة ذواتهم كجماجم مهترئة أكلها التراب. هذا الليل الحوثي البهيم الذي يمسح معالم الوجوه. فلا نرى غير القبور المتصلة والجثث المتراصة. والصور على الجدران
الأطفال هم صوت الحياة الألصق بزخمها الحي. كيف يدمرهم هؤلاء السلاليون ؟ لماذا يستعملهم الحوثي في عمليات الحرب و القتل؟ يقوم بتعبئتهم بعقيدته الاجراميه في المراكز الصيفه ويدربهم على الرمي بالرصاص… أليس ذلك سلباً لكل حياة قادمة؟!
الطفل تاريخ بِكْر من المعنى والسعادة. هو كائن فريد يجمع بين الاثنين في براءة صافية. ذلك بخلاف الكائنات الأخرى وإن كانت من بني جنسه. فالبراءة تبدو أساساً لمعنى عميق خلف الواقع ونفاقه. الشيء الثاني أنّ طفلاً لا نشعر معه ببهجة خالصة يعني أننا فاقدون لجدارة الوجود معاً. ولهذا يحاول الحوثي باستمرار افناء ما يستطيع إفناءه من المجتمع في نطاق سيطرته وقد خرج رئيس التلاحم القبلي المدعو رسام ذات مرة ليقول: نحن لن نكف عن الحرب حتى تحرير فلسطين.. كما أمرنا ربنا عز و جل!!..
إنَّ أمة بلا طفولة لم تعش بالتأكيد ماضياً حقيقياً. لأنَّ الأطفال أيضاً نتاج تلاق حميم للأزمنة والأيام والناس. وحينما نراهم أكفاناً بيضاء فهذا معناه دمار لكل معنى جميل. كما يقال استطاعت جماعة الحوثي السلاليه بحسها العدمي ألاَّ تبقي ولا تذر. فهي ستهلك “الحرث والنسل” من الجذور. وكآفات غامضة ستأكل الأخضر واليابس.. الحرث هنا مما تنبت الأرض. فالنباتات الغضة ننتظر منها كذلك ثماراً للحياة. أما النسل فهو بذور بشرية طفولية تمد المجتمع بحيوية وطاقة متجددة. وعلينا انتظار عالمهم بمستقبل نترقبه زاهراً. بينما الحوثيين وأضرابهم لا يترقبون غير الخراب.
العقيده الحوثيه ستنتهي إلى الخراب. ولهذا قال ابن خلدون “إذا دخل العرب ( القرشيون) أوطاناً أسرع إليها الخراب”. حقاً عالم بلا أطفال خراب محقق. وليس أوقَّح من تجنيدهم لأعمال عسكريه ( جهاديةٍ) مدمره.. هذا اغتصاب صريح لأية طفولة ممكنة. فالمشاهد العنيفة لا تثوي بعيداً انما ستمثل ذاكرة بديلة. يريد السلاليين حفرها بالدماء في ذهنية الصغار. كأنهم يقولون نحن سنلطخ مستقبل اليمن بهذه الدماء. من خلال أجيال الصبية القادرين على سفك الدماء. كما أنهم يرسخون فكرهم وسلوكهم كنمط من أنماط التربية العنيفة. فالإساءة إلى طفلٍّ لهي إساءة إلى الحياة بألف ولام التعريف. إنها إبادة جماعية لذواتنا الحميمة على وجه الحقيقة…
الحوثيون هياكل حيوانية مفرغة من الطفولة. بالتأكيد لم يعيشوا طفولتهم. أوعلى الأدنى كانت طفولة مشوهة. فالتصورات التي يضعون فيها الأطفال تثبت أنَّهم جماعه تجاوز حد الجنون. وأنهم يتلذذون بالقتل والدماء لمجرد القتل. فالطفل لا يعرف ما معنى الدماء، وحينما يلطخون عقله وبراءته بهكذا أعمال فهم يلطخون عقولنا أيضاً… من جانب آخر يفترض أن الطفل لا ينتهي داخلنا أو هكذا ينبغي. إنه حياة تتصل بكافة الأعمار تقريباً. وما لم يتصل الإنسان بالطفولة القابعة في أعماقه سيتحول إلى وحشٍ كاسر.
- كاتب وناشط من اليمن