المرأة وخُسران الذات

آزال الصباري

كيف يخسر المرء ذاته بكامل إرادته دون أن يشعر؟ يحدث ذلك حين يتكسر من الداخل، كيف يتكسر المرء من الداخل؟! كيف يصبح هشا، مهترأ، خفيفا تلك الخفة التي تشبه قشه في مهب الريح؟ السؤال الأهم
كيف يمكن للأنسان أن يخسر ذاته بإرداة وبدون شعور.

سيقول قائل بالحزن، بالفقر، بالخذلان، سنقول ربما ينكسر الإنسان لكنه لا يتكسر بفعل هذه الثلاثية المتعِبة، إنها تظل ظروفا والظروف أما أن تتبدل بفعل الإرادة أو تصبح حياة بفعل التكيف والتأقلم، هذه الثلاثية يمكن أن تكسر الإنسان كسرا يجبره الزمان، ولكنها لاتجعل الإنسان يخسر ذاته.

أتعلمون ماهو خسارة الذات، إنه أمر خطير، وسقوط مُفزع، إنها ضياع الإنسان في كوكب اللإنسان، خسران الذات أن يموت ضميرك شيئا فشيئا، لحظةً لحظة حتى تتنزع منك حيوانيتك كل الإنسانية التي فُطرت عليها، خسران الذات أن تستخدم كل الطرق، وتستبيح كل مايخالف الفطرة الإنسانية في سبيل تحقيق أحلامك الشيطانية، أن تجعل من الفعل الذي كان يشعرك بالتقيؤ نظام وروتين حياة، خسران الذات احتضار ضميرك أمام عينيك وأنت تواريه بالأكفان الثقال.

إذا وصلت لمرحلة موت الضمير فقد خسرت ذاتك، ، أنت تخسر ذاتك بإرادتك ولكنك تنكر ذلك، لا يمكن أن تعترف أنك تشعر بذلك، باختصار لأنك تفكر بشهوة السطو، إن الغاية عندك تبرر الوسيلة فعلا، في حين ليست كل الوسائل مشروعه،وليست كل الطرق مباحه، ورويدا رويدا وسرعان ما يصبح ذلك دينك ودينك.

إذا وصلت لمرحلة تجرَّدت فيها من القوانين والمبادئ، وتنكرت فيها لناموس الحياة، وأصبحت كل الطرق مباحة وكل الوسائل-وإن خالفت الفطرة-متاحة، إذا غاب عنك رقيبُ ذاتك لذاتك، وتغافلت عينُك عن رؤية ما لا تراه أنت لحظة السقوط، إذا فقدت نفسك إحساس الخجل من نفسها، فأعلم أنك سقطت، وأن لا شيء تثمنه غير رغباتك ولا شخص تغليه على شهواتك سوى شهواتك.

عزيزي الرجل عزيزتي المرأة أنتما نواة هذا المجتمع فلا تجعل الظروف ذريعة لأخطائك ولا مطية لانحرافك عن طريق الصواب،
فلايمكن للظروف أن تفقدك ذاتك إلا إذا استسلمت لنزواتك ورغباتك وأطماعك، فالحزين لا ينتصر على حزنه بالضحك المزيف مالم يقاومه بالصبر، والفقير لا ينتصر على فقره بالسرقة ولا بالسطو على ممتلكات الآخرين ولا بالتسول ، لأنه بذلك لم يهزم الفقر هو فقط تحول من فقير عزيز إلى سارقٍ وضيع ونشال مُهان، ومن يعاني مرارة وجروح الخذلان يستحيل أن يداويها بالحقد والانتقام، وسيصبح حينها من إنسان مجروح إلى وحش مفترس، إذن في كل الحالات أنت قتلت الإنسان الحقيقي داخلك.

عزيزتي المرأة كوني جوهرة ثمينة، كوني حصنا حصينا، لا تتسولي حبا من كل الرجال، ولا ترخصي نفسك لأجل لحظة عابرة ولا لأجل مال زائل، ولا لأجل مادة،  ضعي نفسك في ميزان الذهب مهما كانت ظروفك، ولا تجعلي من الحرية مفهوما خاطئا للحرية والابتذال  لاشيء سيبقى سوى اسمكِ فحافظا عليه ولا تخسري ذاتك، في ساحة الخسران. 

للحديث بقية، لم نقل شيئا بعد عن الرجل وخسران الذات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى