الجزاء من جنس العمل..!!
د. طه حسين الروحاني
بالامس ثُرنا على نظام كان يعرض لنا دبة الغاز بـ ٣٧٥ ريال مع خدمة الفحص والتوصيل، ويبيع لنا دبة البترول بـ ١,١٠٠ ريال خالي من الرصاص وبدون انتظار او طوابير، ويوفر برميل الديزل بـ ٦,٠٠٠ ريال لجميع المزارعين، ويحسب كيلو الكهرباء بـ ٧ ريال بدون فصل او اشتراك او تغيير..
بالامس استبدلنا نظام كان يدعم القمح والحليب والزيت والسكر والف سلعة ضرورية اخرى، ويمنح رخص الاستيراد وفق حاجة السوق ومعايير التصنيف، ويشترط المقاييس والمواصفات والجودة في الصناعة والاستيراد، ويراقب التجار والسوق واستقرار الاسعار، ويشجع الاستثمار ويجذب المستثمرين، ويصرف الاراضي، ويمنح الاعفاءات الضريبية والجمركية، ويوفر الاف الفرص والدراسات الاستثمارية الجاهزة..
بالامس اسقطنا نظاما كان يمشي في ظله الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخشى “حتى” الذئب على غنمه، لا يعترضه عارض ولا يشوبه شائب ولا يرى قطعة سلاح في مدينة او شارع، آمنين في سفرنا وفي حلنا وترحالنا، مطمئنين على انفسنا واموالنا واهالينا، نجوب اليمن بالبطاقة للضرورة، والعالم بالجواز رافعين رؤوسنا دون تحقيق او اشتباه او سؤال..
بالامس انقلبنا على نظام كان يوفر الوظائف العامة وفرص العمل الاخرى، ويسمي المناصب والدرجات والرُتب، ويحدد فترات التعيينات والترقيات وسن التقاعد، ويضع استراتيجيات الاجور العامة والخاصة، ويضيف البدلات والعلاوات والمكافئات، ويفرض التأمينات، ويجري مسوحات الضمان، ولم يتأخر يوما واحدا او يعتذر عن صرف المرتبات.
بالامس غيرنا نظام كانت اكبر مشاكله الري بالتقطير، ومكافحة التصحر، واحراق سجائر التهريب، وربط حزام الامان اثناء القيادة، وتحديد اماكن وضع اكياس القمامة، وحل الثارات، ومحو الامية، وتعليم الفتاة، والمحافظة على الآثار، وتشكيل المنتخب، وتحديد مواسم الصيد، وتحسين بذور البطاطس، ودخول اليمن في الدبليو تي او…
بالامس ازحنا نظام كان يُعلم ابنائنا وبناتنا بالمجان، ويبني المدارس والمراكز والمعاهد والجامعات، ويرسل البعثات تلو البعثات، ويرعى مراكز تحفيظ القرآن والعلوم الشرعية، ويفتتح المشافي والمستوصفات ومراكز الامومة والطفولة، وينفذ حملات التحصين، ويداوي الافراد والمحتاجين برسوم رمزية، ويصرف المنح وتذاكر السفر العلاجية، ويؤسس لاكبر مرحلة تأمين صحي في المؤسسات.
بالامس شقينا نظام كان يشق الطرقات، ويبني الجسور والانفاق، ويقيم الحواجز المائية والسدود ومجاري السيول، ويوصل خدمات المياة والكهرباء والاتصالات، ويُشيّد المطارات والموانئ، وينشئ الملاعب والمسارح ودور الثقافة والمكتبات والمتاحف، ويفتتح المجمعات الحكومية ومباني الوزارات والفروع، ويبني دولة من الصفر.
بالامس هدمنا نظام كان فيه دستور وتشريعات وقوانين وانظمة ولوائح، وكان فيه رئاسة وبرلمان ومجلس شورى وحكومة ومجلس قضاء واعلام وصحافة، وكان فيه احزاب ونقابات واتحادات وجمعيات ومجالس محلية وانتخابات، وكان فيه وزارة ومصلحة وهيئة، وجهاز ومؤسسة، ومحافظة ومديرية، ومعسكر ولواء، ومنتدى وديوان قبيلة، وكان فيه حقوق وواجبات وحريات سقفها الثوابت او السماء، فكان الجزاء من جنس العمل.