دراسة تحليلية | الهاشميون ومأزق الولايه… وكيف الخروج منه؟

مصطفى محمود *

في المستقبل القريب لا أعتقد أن أي هاشمي في اليمن شمالها وجنوبها شرقها وغربها يريد أن يعرف الناس أنه هاشمي، ويعود السبب (للصورة) التي رسموها لأنفسهم وسوقوها في الداخل اليمني وبقية العالم. وهي كما أشرت في مقال سابق، (صورة) المجرم صاحب العضلات المنفوخة الذي يشبه المسخ أكثر مما يشبه الانسان، والذي هو ايضاً قاتل الاطفال ومغتصب نساء في السجون ولص ينهب ويسلب اموال الناس ويصادر ممتلكاتهم ومرتباتهم. ووصولي مؤمن بخرافات البطنيين والتفوق العرقي والحق الالهي في حكم اليمني او قتله وتشريده وتجويعه واذلاله ان رفض الخضوع ، وتدمير الوطن وتمزيقه على كافه المستويات.

مصطفى محمود

كيف حصل كل هذا وهل مازال بالامكان إصلاحه؟، للاجابة عن الشق الأول من السؤال فأرى أن المأزق الحقيقي للهاشميه السياسيه يعود إلى جوهر عقيدتها من جهة والمكان الذي شهد ولادتها وكذلك الزمان من جهة ثانية. وما أعنيه بجوهر عقيدتها، نظرية الاصطفاء والحق الالهي في البطنيين.

وهي إدعاء (يحيى ابن الحسين الرسي ) ان (الرب) اصطفاء السلاله الهاشمية من ذريه علي بن ابي طالب وميزها عن سائر مخلوقات الكون من انس وجان وجعل حكم المسلمين حقا حصرياً في البطنيين الى يوم القيامة.

وخطورة هذه العقيدة أنها غير مسبوق في التاريخ البشري ولا في المجتمعات العربية أو المعروفة ، فحتى الشيعة ليس لديهم نظريه الاصطفاء الالهي لسلالة علي بن ابي طالب ولانظريه البطنيين والحق الالهي وحصر حكم المسلمين في ذريه علي بن ابي طالب الي يوم الدين لايوجد هذا عندالشيعه بكل فرقهم ، فالشيعة يؤمنوا فقط بعصمة اثنا عشر امام من ذريه علي بن ابي طالب، اسماءهم معروفه ،
اما نظريه البطنيين والاصطفاء الالهي لذريه علي بن طالب الى يوم القيامة لم يسبق ان ادعاها احد لاقبل يحيى حسين الرسي ولا بعده فلا شك أنه هو صاحب براءة اختراعها.

ولكن السؤال الهام هنا هو هل كان يعرف أن (ادعائه) هذا سيكون بمثابة (اللعنة) التي ستطارد الهاشميين وأتباعهم أينما ذهبوا وإلى الأبد؟

وهنا نصل إلى العاملين الاضافيين اللذين جعلا من هذا (الادعاء) أكثر لعنة وخطورة على الهاشميين وهما عاملي الزمان والمكان. فلا في اليمن ، حيث انتجت النظريات الهادوية ولا في أي دولة عربية، لافي القرن الثالث الهجري وقت نشأت الدولة الهادوية في شمال شمال اليمن ولا قبله ولا بعده، كان يمكن لسلالة عرقية بعقيدة كهذه أن تعيش بسلام. والسبب أن هذه المجتمعات كانت ومازالت مجتمعات محافظة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، والديانات السماوية الثلاثة التي خرجت منها وتجذرت فيها، كلها وبكافة فرقها قامت على (المساواة). فاذا وضعنا (أهل السنة) وحتى (الشيعة) جانباً، وأتينا إلى مسيحي أو يهودي عارفين بدينهما، وسألناهما ماذا يقولان في نظرية الاصطفاء الالهي لسلالة صهر النبي عيسى ابن مريم وحصر حكم المسيحيين في ذريته الى يوم الدين ولهم الخمس من اموال المسيحيين و من الامتيازات والتمييز عن سائر المسيحيين. وكذلك لليهود عن سلالة صهر النبي موسى بلاشك سيتحدثون عنه ليس بوصفه دين وانما مشروع اقطاعي سخيف.

ولذلك لن تقوم للهاشمين قائمة بعد هذه الجولة ليس لانهم لم يحتكموا لاي قوانيين او قواعد او تشرعيات بسبب النظريه الهدويه وحسب وانما ايضا بات العالم يخاف منهم اكثر من داعش ، لأن السلالة التي يعتقدون ان الله ميزهم بيولوجياً عن سائر خلقه يمكن أن يرتكبوا الجرائم والحماقات ويجدوا لها مبرراً ضمن عقليتهم المتخلفة المحدودة.

بعد عامل (العقيدة) وعاملي (الزمان والمكان)، يبدو أن الحظ بقي واقفاً ضد الهاشميين. وما أقصده هو أنه لو أتاهم بعد ذلك (قادة) عقلا استوعبوا خطورة ماوضعهم فيه (يحيى الرسي)، وأفتوا ببطلان نظريه البطنيين والاصطفاء الالهي ، بالتأكيد لن يجدوا ترحيباً من محيطهم. بعد كل هذا الخراب والدمار ـ فلو أن (عقلا الهاشميون) تمتعوا بحكمة ونظرة بعيدة، ولم يحرضوهم على التعاون مع ايران في اسقاط دولة اليمنيين وتدمير بلدهم وقتل وتشريد شعبهم وارتكبوا جرائم اشد من المغول والحملات الصليبية قديماً والفرنسيين والامريكان والاسرائلين حديثاً. لربما استمروا في اليمن ساده حقيقين دون أن يلفتوا أنظار أحد أو يثيروا حفيظة أحد.. لقد كان على (قادتهم) أن يقنعوهم بأن اليمن أصبحت وطنهم ولايمكن أن يعيشوا فيها بعد ان يخربوها ويقتلوا ويشردوا شعبها بسلوكهم الأجرامي فهم اقليه عرقيه يعيشون في جنبات الأكثريه اليمنيه ، فالأقلية في أي زمان ومكان هي من بحاجة لرضى الأكثرية وليس العكس. كأن كل هذه الجرائم والأخطاء التاريخية (للأئمه الهاشميين) لم تكن كافية لهم، وبعد كل هذه النقاط التي خسروها في علاقتهم التاريخية مع الشعب اليمني جيشتهم عائلة (الحوثي ) وفعلوا مافعلوا ، موجهين لسلالتهم الضربة التي قد تكون القاضية والتي أوصلتهم اليوم إلى هذا المأزق.

وهذا يوصلنا إلى الاجابة على الشق الثاني من السؤال في عنوان المقال: كيف تخرج السلاله الهاشمية من عنق الزجاجة حيث هي الآن، وتتصالح مع مجتمعها اليمني؟. قبل ان احيب علي السؤال ارجو من الهاشميين أن لاينسوا ضحايا جرائمهم منذ اسقاط مليشياتهم الحوثية للدولة اليمنية.

وتدمير الوطن وتمزيق المجتمع حتى اليوم والتي بلغت مئات الآلاف من الشهداء والمفقودين والجرحى وملايين المهجرين. وبالتالي فان أمل (الهاشميين ) الوحيد بنيل صفح الشعب اليمني عما اقترفته نخبتهم في الماضي والحاضر هو. التخلص من الحوثي وعائلته مجرمي الحرب الذي يدعموه، يتم على أيديهم قبل أن يتم على أياد اليمنيين، فيفقدون بذلك فرصة لاتعوض. نعم سيدفعون ثمناً باهظاً، لكنه ثمن لم تبخل أغلبية الشعب اليمني عن دفعه، وهم ليسوا أفضل من بقية الشعب. ثمن سيكون كما ذكرت أفضل في كافة الأحوال وبكثير من ثمن الفناء أو التهجير الكامل.

فاليمن بعد سقوط جماعة الحوثي بأي صيغة حكم ستكون يمن لجميع سكانها من كافة الأطياف، ولكن السؤال هنا هو من هؤلاء السكان سيبقى ليحتفل باسقاط مليشيا الحوثي واستعادة الجمهورية لأشتراكه فيها أودعمه لها؟ ومن سيكون قد أصبح من سكان المقابر أو السجون أو المنفى القسري ممن هتف له يوم أمس ثوره هاشمية وهيهات منا الذلة في خطب المساجد أو حتى هؤلاء الهاشميون الذين صمتوا عن جرائم الحوثي بدافع العصبية السلالية او لأنهم كانوا من المستفيدين، فالصمت كما يقولون هو (من علامات الرضى) في أغلب الأحيان.

  • كاتب من اليمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى