الحالمي يكتب | المغتربون اليوم هم دولة اليمن الفاعلة
أ. سالم الحالمي *
قديما كان وحديثا ضل المغترب اليمني رافعة الاقتصاد وصانع الأمجاد وصانع التنمية البشرية والحضرية، فقد كان اوائل المهاجرين الحضارم الذين هاجروا الى شرق اسيا، اندونسيا ، ماليزيا ، سانغفورة، وهم من عمّروا مدنها وشيدوا جامعاتها ومساجدها مثلما فعل الفينيقيون على ضفاف المتوسط والأمازيغ في المغرب والذين ترجع اصولهم جميعا الى هجرات يمنية سامية وكذلك في المملكة العربية السعودية ودول الحليج.
اليوم تبرز الشريحة الأهم والاكبر وهم مغتربو اليمن في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث اضحو الاكثر تأثيرا وتعليما فمنهم اطباء ومهندسين ومثقفين وسياسيين ورجال اعمال ناجحين ، ومهنيين بارعين في مختلف المجالات ؛وفي صدارة المجتمع الأمريكي معيشة وتطور.
ومع كل ذلك لم يتخلوا عن اهلهم وموطنهم الاول، فهم الدولة في ضل غياب الدولة وتخليها عن واجباتها.
فقد وقفوا مع هذا الوطن منذ اللحظات الاولى من النكبة في عام 2011م وسقوط الدولة وانهيار النظام على يد المليشيات الانقلابية في العام 2015م وحتى اليوم الذي تعيش فيه بلادنا اكبر أزمة انسانية شهدها وفق تقارير الامم المتحدة والواقع المعاش.
وقف أبنائنا المغتربين مواقف العظماء عطائا وبذلاً وتضحية فمنهم من وفروا المرتبات للمعلمين
بعد انقطاعها كي لايتوقف التعليم ومنهم من تكفلوا بعلاج المرضى ورعاية الايتام والجرحى وشق وتعبيد الطرقات وتزويد المدارس والمستشفيات بالاجهزة والمعدات العلمية والطبية الحديثة بالإضافة إلى توزيع آلاف السلل الغذائية على الفقراء والنازحين في كل المناطق.
واليوم ومع قدوم شهر رمضان نشاهدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهم يتنافسون في تخفيف معناة الناس جراء ارتفاع الاسعار.. الارتفاع الذي تجاوزت نسبته 300% بالسلع الاساسية والمشتقات النفطية خلال الشهور الاولى من العام الحالي 2022م.
لقد تعددت اساليب الدعم الذي يقدمه المغترب اليمني اما عن طريق الجمع المباشر للتبرعات او عن طريق تدشين المسابقات الرمضانية والانشطة الثقافية والفكرية بل وحتى المونديالات الرياضية.
والاهم من ذلك، هناك شخصيات فاعلة اخرى من المغتربين الاحرار اتخذت لنفسها مسار اخر بعيدا عن الاضواء والشهرة يتعهدون العشرات من الاسر بالرعاية المستمرة في كثير من المناطق المحاصره بسبب الحرب لقد الزموا انفسهم بهذا الواجب يقتطعونه من رزق اولادهم ويتقاسمون، معهم السعادة ويشاركون ابناء وطنهم افراحهم واحزانهم.
هؤلاء ليسوا مغتربين بل هم اوطان مسافرة لأهلهم الذين ضاق بهم الوطن وجارت عليهم الأزمان. وهم القادة الحقيقيين.
انهم احباب الله ورسوله الذين تجسدت فيهم كلمة “اقيال اليمن” وملوكها، وهم من وصفهم الرسول بقوله (ارق قلوبا والين افئدة)..
وبالوقت الذي يوجد امثالهم الكثير من المغتربين كتجار مستثمرين ولكنهم عايشين حياتهم كما يقال (بالطول والعرض) لا يهمهم ماحل في وطنهم من نكبات، ولا يأبهون لمن مرض من قومهم او مات (وهذا من حقهم).. عائشين لانفسهم، مزهوين بما لديهم، وحالهم كحال صاحب الجنة.
(ما اظن ان تبيَد هذه وما اظًن الساعة قائمة ولئن رددت الى ربي لاجدن خيرا منها منقلبا)..
- وكيل محافطة الضالع لشؤون المقاومة
28 مارس 2022م