ماذا نحتاج للقومية اليمنية؟
يونس العرومي
بإمكان القومية اليمنية أن تكون سبباً، أو خطوة أولى، لاستعادة اليمني وعيه بذاته، بامكانها أن ترتب بعضاً من شظايا اليمني المهزوم.
القومية اليمنية، كفكرة، ليست رد فعل طارئ ومستعجل على تجاوزات الهاشمية السياسية ولا وليدة اللحظة الراهنة ولا ناتجة بشكل طارئ عن أحداث الانقلاب الحوثي على الحلم اليمني في ٢٠١٥. إن الاعتقاد أوالترويج لذلك هو تقزيم لفكرة القومية اليمنية، إذا أن الفكرة قديمة قدم الأرض اليمنية ذاتها ، وما حدث هو أنها ظهرت للسطح كفكرة يمكن التمسك بها كمشروع ناجح لإعادة بناء البلاد بعد أن دمرت آلاف المشاريع سنوات كبيرة من عمر الدولة اليمنية.
أصل المشكلة:
لنكن شجعاناً ولنعترف، ونحن جميعاً الآن مهزومون، ومشردون، أن مشاريعنا الثقافية والسياسية فشلت فشلاً ذريعاً، وأن هذه المشاريع ه سبب حقيقي ورئيسي لما آلت إليه أحوال البلاد الآن.
ثمة حقيقة مطلقة، لا جدوى من إنكارها، وهي أن جميع الأفكار السياسية التي مرت على اليمن خلال الستين عاماً الفائتة لم تكن في جوهرها يمنية الفكرة ولا تراعي في هدفها النهائي مصلحة الأمة اليمنية. عندما جاء الإسلاميون بفكرة من خارج الأرض اليمنية، تنظر إلى “الإسلام” باعتباره الفكرة الشمولية بغض النظر عن البعد الحضاري والوطني للإنسان اليمني. إنه لفعل خاطئ أن تستدعي فكر فرد لا يعرف هذه البلاد وعمقها الحضاري.
ثم جاءت الفكرة الاشتراكية، والناصرية، والسلفية، لننتهي بالفكرة الحوثية السلالية. حيث الجميع يقدم ثقافته وفكرته وتصوره للأمة بعيداً عن إرثها الحضاري وكيوننتها اليمنية ، حتى وإن أدرك هذا، فإنه يأتي دائماً في المرتبة الثانية لا الأولى وهنا أصل المشكلة.
اليمني أولاً :
نحتاج أن نعرف أنفسنا على أننا يمنيون أولاً وقبل كل شيء، وهذا لا يعني على الإطلاق تناقضاً أو انتقاصاً أو استهدفاً لبعدنا الديني أو اللغوي. إذ أن القومية في الأساس هي دعوة لإعادة إحياء المعتقدات الوطنية المشتركة والإيمان بها كمرحلة أولى لإعادة تشكيل الوعي بذاتنا اليمنية الممتدة آلاف السنين.
عندما يعرف اليمني ذاته، فإنه يهتدي للمنطق ويبني الحضارة. عرف اليمنيون أشكالاً كثيرة من الحضارة، حتى أنهم عبدوا “الرحمن” كإله واحد قبل أن يأتي الإسلام، وفي حين كان معظم من في الجزيرة العربية وثنيون.
يعرف اليمني كيف يبني حضارته وكيف يؤسس دولته وكيف يهتدي إلى ثقافته.
على أن القومية اليمنية، يجب أن لا تؤسس لمزيد من العنصرية، فميلادك في الأرض اليمنية واشتراكك في الإيمان بالتاريخ المشترك والتزامك بواجباتك التي يفرضها عليك القانون هو ما يجعلك يمنياً. نحن لا نتحدث عن عرق وحسب، بل عن تاريخ مشترك، وبقعة أرض ولدنا جميعا عليها، والتزام بفكرة قانون العدل والمساواة والحرية.
عندما تؤمن بالتفوق العرقي لجزء من المجتمع، فهذا يجردك من ذاتك اليمنية.
إذن فإن القومية اليمنية هي في الأساس فكرة تهدف لإعادة تعريف “اليمني” وفق سياقاته التاريخية والحضارية الصحيحة. باعتباره ابن الأرض صانع مستقبلها. القومية اليمنية ضد المشاريع التي تأتي من خارج الحدود.
لماذا نحتاج الآن للقومية اليمنية؟
إنه لشيء مخجل، أن ترى بعضاً من أبناء وطنك وقادته السياسيين يحملون مشاريع تمزيقيه وتشطيرية، بل وصل الأمر ببعضها للخجل من كونه يمني، وعلى الجانب الآخر من الرقعة اليمنية ترى جزء من المجتمع يعرف نفسه باعتباره متميزاً لا بكونه يمني بل بكونه هاشمي.
ما الذي دعا هؤلاء الناس للخجل من كونهم يمنيون، ينتمون إلى حضارة ضاربة في جذور التاريخ؟ أهو الجهل أو الغباء أو الإنكار أو الصدمة الناتجة عن انهيارنا اللحظي؟ أم كل ذلك مجتمعين ؟
إن فكرة القومية اليمنية مدهشة، وبإمكانها أن تطمر كل مشاريع الخجل. بإمكانها أن تقدم لليمني مرآة يرى فيها نفسه كملك في الماضي يستحق أن يبني دولته وفق إرثه الحضاري.
للحديث بقية.