هل يقف جهاز الاستخبارات الحوثي وراء مقتل السنباني في جنوبي اليمن؟ “قراءة تحليلية”
معين قائد الصيادي *
من خلال حملة التحريض التي يقودها فريق اعلامي وناشطين على مختلف وسائل الاعلام ومواقع التواصل، بينهم المجنّد -حديثا- لدى جهاز الاستخبارات الحوثي، من قِبل القيادي البارز محمد علي الحوثي، الناشط مصطفى المومري، “الذي يحظي برعاية مباشرة من قبل محمد الحوثي”، بدأت تتكشف عورات المليشيا الحوثية وجهازها الاستخباراتي، وتثار الكثير من الشكوك بوقوف جهاز استخبارات المليشيا وراء جريمة مقتل الشاب عبدالملك السنباني الذي ينحدر من محافظة ذمار، “شمالي اليمن”، وقُتل قبل ايام، اثناء عبوره نقطة امنية في منطقة طور الباحة جنوبي البلاد، اثناء عودته من امريكا.
مصطفى المومري.. كان ناشطا ومهرجا “نعم”.. لكنه تم تجنيده مؤخرا من قبل القيادي البارز محمد علي الحوثي، وأوكلت آليه مهام عدّة والتسويق لها على قناته في موقع يوتيوب ومنصة فيسبوك، وتمريرها تحت غطاء التهريج الساخر الذي يصل حد البذاءة الاخلاقية وقذف اعراض الاخرين، بترحيب ومباركة من المليشيا التي تفرض قيودا صارمة بحق ابسط الناشطين و”المفسبكين” المناوئين لها، بعكس من تتخذ منهم جنودا استخباراتية سرية تسوّق لنفسها قبولها بالآخر والمعارضة الاعلامية.
ضعف وهشاشة الحكومة الشرعية والتحالف العربي في رصد ومواجهة مثل تلك العناصر وبواسطة ادوات مماثلة في هذه الحرب الاعلامية التي تقتضي الضرورة على مثل ذلك، فضلا عن انشغالها في شن هجمات اعلامية متكررة ضد شركاءها من منطلق عدم قناعتها السياسية والدينية بهم، منح المليشيا فرصة ومساحة كبيرة لتنفيذ مخططاتها التي لا تخلوا من زرع الصدام بينهم.
مليشيا الحوثي المدعومة من إيران سعت -خفيا- إلى ربط قضية مقتل السنباني في لحج، باغلاق مطار صنعاء الدولي الذي تعود اسبابه الى انقلابها العسكري على النظام في البلاد، واشعالها حرب دخلت عامها السابع على التوالي، ونقضها لكل الاتفاقات المحلية والدولية آخرها اتفاق ستكهولم، الذي تم التوقيع عليه في السويد اواخر العام 2018م، متمادية بصلفها وجرائمها بغية استكمال تنفيذها مشروعها الطائفي العنصري المدعوم والمُدار إيرانيا بشكل مباشر.
المليشيا دفعت بذبابها الالكتروني على وسائل الاعلام ومنصات التواصل وسارعت عبر قياداتها بادانة جريمة مقتل السنباني في احدى المناطق المحررة، ومحاولتها تقديم ذلك على انه جريمة ارتكبتها الشرعية والاطراف المتحالفة والداعمة لها ككل، علاوة على خلق صدام مباشر بين المواطن اليمني من شمال وجنوب البلاد، لارباك المشهد وتغطية جرائمها التي ارتكبتها بحق اليمنيين وحملات الاعتقالات والتعذيب حتى الموت. واستغلت أيضا، انشغال خصومها بكيل التهم ضد بعض لا سيما جناح الاخوان المسلمين وناشطيهم الذين يعملون لصالح تلك المليشيا بمعرفة ودون معرفة، نتيجة كراهيتهم لشركائهم وكل من يناوئ المليشيا الحوثية إثر دافع الاستقلالية بمقاليد الحكم والاستحواذ على الثروة والنفوذ، في عملية لا تقل مليشاوية عن الحوثيون انفسهم.
الناشط المؤمري، ومثله العشرات، اصبحوا يصبون الزيت على النار، في حين تسعى المليشيا التي تقف وراءهم استخباراتيا في التقاط فرصة فتح مطار صنعاء الذي سيساعدها ذلك كثيرا في تغذتها اقتصاديا بدرجة لا تقل عن ما تجنيه من ايرادات ميناء الحديدة، في حين يقف خصوم تلك المليشيا في غفلة عن ما تنصبه لجميعهم حتى وان اظهرت لبعضهم وجه القبول، فهي جماعة عُرفت بالمكر والانقلاب على حلفاءها منذ العام 2011م وحتى الساعات الماضية.
ومن خلال الصور المتداولة للشاب السنباني، ورصد والتقاط صورا لتحركاته منذ وصوله مطار عدن الدولي، ومن ثم تسريبها لوسائل الاعلام بما في ذلك مقاطع فيديو اثناء تعرضه للتعذيب، يؤكد ان العملية وراءها جهاز استخباراتي خطط لها سلفا، واراد تقديمها بهكذا صورة للرأي العام للايقاع والتشهير بطرف ما، فمن غير المنطق أن يقوم الجاني او بعض الجناة بنشر صور تدين بعضهم، او يسهل الوصول لها بهذا السرعة؟ لولا ان هناك طرف آخر قوي، يقف وراء العملية ويمتلك نسخة من تلك الصور.
جهاز الاستخبارات الحوثي ليس حديثا، حتى لا تُثار حوله الشكوك، فهو قبل ان يتم تطويره بواسطة خبرات ايرانية ودولية، يضم افضل العناصر ولاءا للحوثيين التي تم انتقاءها من منتسبي الجهازيين الامنيين، “السياسي والقومي”، بعد ان سرّحت واقصت وهمّشت المليشيا على مراحل، كل من تشك بولاءه من منتسبي الجهازين، عقب سيطرتها عسكريا على صنعاء في 21 سبتمبر/ ايلول 2021م. الأمر الذي منحها القدرة على اختراق جهاز الاستخبارات لدى الحكومة الشرعية نفسها، وكذلك دائرة الاستخبارات العسكرية في وزارة دفاعها، بما في ذلك قيادة التحالف العربي، واوجيه ضربات دقيقة وناجحة في عمق كليهما، ابرزها كانت في مأرب وعدن محليا، وفي الرياض وعدد من المناطق السعودية دوليا.
جهاز الاستخبارات الحوثي يتحرك بدقّة متناهية، حتى انه يحاول الاستفادة من اقتراب يوم 21 سبتمبر/ ايلول الذي استولت فيه المليشيا على العاصمة اليمنية صنعاء وبدأت زحفها نحو عدد من المحافظات، بخلط العديد من الاوراق، حيث كثّفت المليشيا من عملياتها العسكرية والاستخباراتية في مختلف مناطق البلاد، وشنها هجمات هستيرية على قرى سكنية ومرافق حيوية وخدمية ابرزها ميناء المخا، الذي تعرض يوم امس الاول لقصف بعدد من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرات،تزامنا مع هجمات مماثلة في العمق السعودي، الهدف منها تقديم نفسها امام عناصرها ومن يتواجد في مناطق سيطرتها، على انها الاكثر سيطرة عسكريا، والاكثر استقرار أمنيا.
ومن المتوقع ان تضاعف المليشيا عبر جهازها الاستخباراتي من تأجيج جريمة مقتل السنباني، انتقاما منها على جريمة تعذيب عبدالله الاغبري حتى الموت، من قبل سبعة اشخاص في احدى المحال التجارية بصنعاء قبل أكثر من عام، تم اعدام اربعة منهم قبل أيام والحكم على البقية بالسجن لسنوات، وهي القضية التي تحولت إلى رأي عام بعد أن تسرّبت مقاطع فيديو لعملية التعذيب، وقيِل -حينها- ان الذي سرّب تلك التسجيلات المرئية ضابط ينحدر من محافظة جنوبية، حتى ان عشرات الناشطين بعثوا كلمات شكر واشادات بشجاعته وابناء المحافظات الجنوبية، وهو ما ازعج المليشيا بصرف النظر عن صحة تلك الرواية، ليكن من المحتمل جدا
وهو ما يتوجب على المواطنين والناشطين الحيطة من حملات التحريض المدسوسة التي يُراد بها باطل، ويقف خلفها جهاز خطير استطاع اختراق وزارة الدفاع وقيادات التحالف العربي بشكل مباشر، ومن السهل جدا عليه اختراق العديد من تلك الحواجز وغيرها.
- رئيس التحرير