دواعش يا حوثي!
عبدالله المنيفي
تابعت المقال الأخير للزميل هيثم الشهاب المفرج عنه مع أربعة من زملائه من معتقلات ميليشيا الحوثي، وهو المقال الذي تحدث فيه بصراحة عن التعامل العنصري المناطقي للعناصر الحوثية تجاه المختطفين اليمنيين بشكل عام، والمختطفين من أبناء محافظة تعز بشكل خاص.
قرأت تلك المشاهد وعادت بي الذاكرة إلى شهر أبريل من العام 2016، حينما كنت مختطفاً ومخفيًا قسراً من قبل ميليشيا الحوثي التي ألقت بي وعشرات آخرين في سجن سري، وكيف أن الجلاد الحوثي الذي كان يشرف على حفلات التعذيب ضد المختطفين كان يمارس العنصرية والمناطقية بشكل مقزز.
في إحدى الليالي كان يأتي صوت الجلاد السُلالي “السراجي” وهو يصرخ في وجه المختطف “وسيم العامري” من أبناء صبر في محافظة تعز، ويقول له “دواعش يا تعز؟ هاااه” ثم يتبعها بأيمان أنهم لا بد أن يؤدبوا هذه المحافظة المارقة، كان يُرغي ويزبد بينما يضع الصاعق الكهربائي على جسد وسيم الذي لم يجد إجابة لمثل هذا الحقد.
كان يصف تعز بالمارقة المتمردة، ليس على الإرادة أو الإجماع الوطني، وإنما عن رغبات الكهنوت العنصري القابع في كهوف صعدة.
لم يكن السلالي الحوثي “السراجي” في معرض التحقيق مع وسيم العامري، ولكنه كان يشبع رغبته في التعذيب والألفاظ العنصرية، ليختمها متوعداً بالقول: “والله إننا سنأخذ تعز وقريباً نخزن (نتناول القات) في جبل صبر ونطرد الدواعش” الذين هم أبناء تعز.
حاولت في عجالة اختصار مشهد الحقد السلالي والمناطقي للعصابة الحوثية من خلال مشهد كنت أسمعه دون أن أراه، لأن أعيننا كانت مغطاة، لكن هذه الممارسة الهمجية تجاه المختطفين من أبناء تعز ظلت ترافقني طوال فترة اختطافي لأكثر من عامين متنقلاً بين عدة معتقلات تابعه للميليشيا الحوثية التي تمتلئ سجونها بصور الإرهابي حسن نصر الله وكبير الإرهابيين خامنئي.
ورغم انتقال وسيم العامري إلى سجن احتياطي الثورة ثم إلى هبرة، إلا أن النظرة المناطقية تجاهه وتجاه غيره من أبناء تعز ظلت ملازمة.
صحيح أن ميليشيات الحوثي تعاملت معي بقسوة زائدة عن بقية المختطفين باعتباري صحفي، واعتبرت اختلاطي مع بقية المعتقلين خطراً لأنني أمارس التحريض كما يقولون، ولذلك أبقوني أشهراً في سجن انفرادي، غير أني شاهدت تعاملهم مع أبناء تعز بقسوة أكبر، فكانوا ممنوعين من الزيارات، ويوجهون إليهم ألفاظاً مناطقية مستفزة.
بعد قرار الإدارة الأمريكية بتصنيف الجماعة العنصرية الحوثية منظمة إرهابية، استذكرت على الفور جلاد السلالة الحوثية “محمد السراجي” وهو يصرخ على رأس وسيم العامري: “دواعش يا تعز؟ هاااه” وكيف كانوا يطلقون على المعتقلين المدنيين لفظ “دواعش” مع أن غالبيتهم من نخب المجتمع اليمني.
الحوثي وعصابته هم داعش في أبشع صورها، غير أن العين الدولية غضت الطرف عنهم لسنوات، لأنهم لا يشكلون خطراً حقيقياً إلا على اليمنيين والأشقاء من جيرانهم، وإلا فإن المعتقلات الحوثية تعكس الإرهاب الحوثي، وتظهر العصابة السلالية كما هي عنصرية ومناطقية وبلا أي رتوش.
وهذا الحقد والتمييز ناتج عن تمترس المشروع الحوثي الإمامي خلف فكرة دولة السيد والمذهب والطائفة ومحاربة فكرة الدولة الوطنية التي تنسف الفكر العنصري المناطقي، وبالتالي تعمل عناصر الحوثية ومن داخل السجون والمعتقلات على التنكيل بحملة المشروع الوطني، وما تخفي صدورهم أكبر.