همجية المليشيا السلالية تهدد الهوية الصنعانية “2”

مصطفى محمود *

هل اندثرت الهوية الصنعانية تحت اقدام جماعه الحوثي الهمجيه الرثة، ام ان الهويه الصنعانية المنجزة كامنة ومتأصلة في العقل الباطن لما تبقي من سكانها الاصليين الي الحد الذي سيجعلها تنتشل المدنية من الثرثاثه الحوثية الغارقة فيها حاليا ، وتعيد لها مناخها السوسيوجمالي الذي هو مزيج من قيم الفن والذوق الحضاري والعقلانية والتمدن ؟.

إن الحديث عن هوية صنعانية يظل ناقصاً ما لم يجر استكماله بالحديث عن شخصية صنعانيه ترسم تلك الهوية وتحدد لها وجودها من عدمه. فالبحث في الشخصية الصنعانية بالمعنى النفسي يعني حتماً التطرق إلى عنصرين نخبويين أحدهما ثقافي والآخر سياسي، رافقا بروز تلك الشخصية تأثيراً وتأثراً ، ويُعزى كلاهما إلى النزعة المدنيه الحداثوية للدولة اليمنية انذاك، هما:

1- العنصر النخبوي الثقافي: أدى بروز رجالات التكنوقراط والأكاديميين، واشتداد عود الطبقة الوسطى، وازدهار الحِرف الشعبية، وانبثاق الحداثة الثقافية على أشدها (حركة الشعر الحميني/ والفنون الحديثه بكافه انواعها الغنائي والتشكيلي / المقام الصنعاني والأغنية الصنعانيه /المكتبات، والدواوين او المقائل الشبيهه بالصالونات الأدبية والسياسيه والفنيه، الى اكتساب الشخصية الصنعانيه لخصائص التذوق الجمالي والمهارة الحِرفية، وميلها لتبجيل ذوي الاختصاصات العلمية، والانفتاح على المستجدات الحضارية، وتغليب قيم التمدن، والنزوع المتزايد للاستعانة بسلطة القانون المدني بديلاً عن الولاءات السلاليه والقبليه والدينية والمذهبية.

2- العنصر النخبوي السياسي: هي تلك النخب السياسية التي انبثقت وتطورت ضمن إطار المكان الصنعاني ، فنشأت مشبعةً بقيمه المدينية بصرف النظر عن توجهاتها وصراعاتها الايديولوجية (ملكية/ جمهورية/ ليبرالية/ محافظه / إذ أصبحت المحافل الارستقراطية، والتجمعات السياسيه والثقافيه ،الاحزاب ، والجامعات والمدارس، ونقابات المحامين والمعلمين والعمال، واتحادات الأدباء والفنانين والصحفيين، وجميعها من مكونات المجتمع والدولة المدنيين)، أصبحت حاضنات لتلك النخب التي نشأت تكوينياً في الرحم الصنعاني، صعوداً وانحساراً، دون أن يلغي ذلك صلات التفاعل المتبادل مع بقية المدن اليمنيه ، ايديولوجياً وثقافياً واجتماعياً.

فما الذي تبقّى اليوم من هذه العنصرين اللذين ارتبط بهما تكوينياً نشوءُ الشخصية الصنعانية؟ لقد اضمحلت “النخبوية الثقافية” في الهوية الصنعانيه إلى حد كبير، هجرةً وتهجيراً وافقارا وتجويعا ودمويه وقمعاً واغتيالاً وانكفاءاً وتراجعاً وضموراً وهروباً ونسياناً، على مدى سبع سنوات من اجتياح المليشيا الحوثية القائمه على العنف والارهاب والفوضى والظلم الاجتماعي؛ فيما توارت “الصنعانية السياسية” تدريجياً، وتلاحقت بدلاً عنها كل الأحداث اللاغية لها، ابتداءاً من “الصعداويه السياسية” (2014)م بفظاظتها الهمجيه الأوتوقراطية التي ثلمت العقلانية المجتمعية.

وانتهاءً بـ”اللاهوتية السياسية” المتسرطنة عن ايران والتي لم تعد ترى في صنعاء أكثر من بقعة جغرافية ينبغي إثبات “جدارتها الإلهية” عليها!

يتبع،،،،،،،،

* كاتب من اليمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى