“أعظم رجل في التاريخ”
عزالدين المريسي
أتى فردا ، عاش في البادية ، ونشأ يتيم الأبوين .
شرفه الله برسالته ، واختاره على سائر خلقه ، اصطفاء وتفضيلا!
رأى قومه في ضلالة ، والبشرية في أسوأ مراحلها.. فقاد مسيرة الإصلاح بنفسه ، ووقف شامخا في الناس بعد أن كان كريما نقيا طاهرا صادقا أمينا فقال أيها الناس: إني رسول الله إليكم!
لم يكترث حينما رأى جحافل الجاهلية يكذبونه ، ولا تسلل إلى نفسه اليأس حين استهزأ به قومه وكذبته عشيرته ، ولم يستشط غضبا مما لاقاه من سفهاء الطائف ولا مما صنعه به أقرباؤه، فقد كان اختيار الله له لعلم علمه فيه بأنه أقوى على تحمل المسؤولية ، وأجدر على استمراريتها .. وأنه ذو قلب رحيم ؛ لا يرد الإساءة بالمثل ، ولا يغضب لنفسه أبدا!.. وإلا فقد أرسل الله ملك الجبال لتكون لكلمته النفاذ في هلاك قومه المتكبرين ممن أوغلوا في إيذائه ، وبالغوا في صد دعوته مع عملهم بأنها دعوة حق ، وأنه الصادق الذي لا يكذب قومه ، ولكن عنادهم طغى على اهتدائهم كما حكى الله عنهم {.. فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } ..131 الأنعام.
فما آثر الإنتقام لنفسه حين أتت له الفرصة سانحة ، ولكنه اختار هداية الأجيال القادمة ، بنفسه الطويل ورؤيته البعيدة، بنظرة استشرافية للمستقبل ، وطمعا منه في إنقاذ البشرية – لا قومه فقط – من الضلال إلى الهداية ، ومن الظلام إلى النور {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا }..
فكان رأيه الصواب ، وطريقه الحق .. فبلغ بصبره أن صار أفضل الأنبياء ، وخير من وطأت قدماه على الأرض، وسيد ولد آدم ولا فخر!
بلغت رسالته الآفاق وعمت البشرية جمعاء رغم صد المنكرين ، وتحامل المغرضين ، وكره الفاسقين ، وغيض الحاقدين .. رغم تكالب الأعداء وتحالف الأحزاب ، لكنه -صلى الله عليه وسلم – لم يصده في سبيل الله صاد ولا ناد ، بنور الله مشى وبدعوة الحق مضى ، حتى بلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار ..
وصلت رسالته إلى الآفاق وعمت سماحة الإسلام ربوع الأرض.. فتقبلها الناس حبا لما تحمله من مبادئ السماحة والعدالة ، لما فيها من مكارم الأخلاق ومحامد الصفات ، لتكون رسالة عابرة وشريعة تامة خاتمة ، ناسخة للشرائع السابقة.. فبقيت بحفظ الله لها وطويت صفحة الجاهلية وعاداتها النتنة ، قذهب صناديد الكفر وعتاوتة المكذبين وبقي -صلى الله عليه وسلم – حيا في القلوب والوجدان ..
أفلا يدل بقاء الشريعة على أنها شريعة الحق؟!.
فلماذا أبناء الحداثة اللقطاء – ولو من صلب الإسلام أتوا – يحاولون التماشي مع ما يراه غيرهم ولو في ذلك الذل والهوان ، يتهافتون إلى دعاوى الحرية الكاذبة والديمقراطية المزعومة ، فتارة بمسمى الحداثة وتارة بالعلمانية ، فتعمقوا في دعوى الضلال وتسطحوا في الإسلام ومعرفة جوهره ومكنونه، فتنكروا للنبع الصافي وشربوا من حوض الفسق حتى ارتووا ففاح قيحهم وظهر نتنهم وزيفهم وجحودهم على من أوجدهم وعلى شريعتهم السمحة التي منها يرتعب أسيادهم ويحسبون للمنتمين لها “حقا” ألف حساب؟!
أليس الأولى بهم أن يعودوا لدراسة دستورهم دراسة مطالعة وتدقيق ؛ ليعرفوا مدى سقوطهم وكيف أن الدعوات البراقة التي يتشربونها ليل نهار أثرت على وعيهم وتفكيرهم ، وأخرجتهم من الإنتماء إلى سيد الخلق إلى الإنتماء للغرب!
أوبعد كل تلك القرون التي مضت والتي اختفى فيها أجيال وتعاقبت الأجيال على أعقاب من مضوا ممن لا وجود لهم ولا أثر ولم يبق سوى محمد – صلى الله عليه وسلم – حيا في الضمائر والقلوب والأفئدة كأنه بيننا ، أفلا يدل هذا على أنه أفضل الخلق وسيد البشر وأعظم عرفته البشرية؟!
فلماذا يتحامل أعداء الإسلام عليه ، بنشر رسومات ساخرة سخر الله منهم.
فوالله ما زادوه بتحاملهم إلا رفعة ، وما ناولوا من قدره شيئا فقد رفع الله قدره وأعلى شأنه وأبقى ذكره إلى قيام الساعة رغم أنوف أبناء العهر والمجون ولقطاء الشوارع وأراذل القوم.
فما ضر رسول الله وهو سحاب نباح الكلاب.. رسول الله باق ما بقينا ، نفديه بأرواحنا خلفا عن سلف .. بلا تردد نسترخص دماؤنا في سبيل الدفاع عنه ..نبذل أغلى ما نملك ولا أن يمس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بأذى من قول أو فعل ..عظماؤنا خالدون مخلدون فينا ، أعلامنا باقون ما حيينا، قد نتأخر إلا عن نصرتهم، قد نضعف إلا عن مناد #لبيك_يا_رسول_الله ! ..فإذا ما أتانا النداء لبيناه ؛ نصبح حينها أسودا لا نخاف الوغى ولا نلتفت للوراء ، نمضي قدما بلا وجل ، وحين اللقاء نفديه ونسقي الأرض من دماء شاتميه ومبغضيه ، ونبني بأجسادهم قصورا تكون شاهدة على صدق حبنا له ، ورادعة لمن توسوس له نفسه الانزلاق في هذا الطريق الملبد بالدماء وعر المسلك والخاتمة!