معركة بلا رصاص
علي قابل
– تقريباً كل العالم يعلم أننا عاطفيين يحركنا موقف، وتثيرنا كلمة، ولذلك يستطيعوا دائماً توجهينا إلى حيث أرادوا وحشرنا في زوايا ضيقة محسوبة العواقب..!
– قبل ثلاثون عاماً قرأت كتاب لعبة الأمم وتحدث الكتاب عن كيفية إعتماد جهاز المخابرات الأمريكية الـ CIA لإجهزة في إداراتها تحاكي النمط النفسي والعقلي لدى الحكام العرب وتجمع حسابياً ردات الفعل تجاه أي سياسة وقبل أن يتخذ أصحابها مواقفهم النهائية منها، وعلى ذلك تبنى الإستراتيجيات وترسم السياسات المعلوم نتائجها والمحسوب آثارها سلفاً..!
– حتى الآن وقد بلغت من العمر عتيا مازالت اللعبة نفسها بين ساسة محترفين يحققون أهدافهم بسلاسة، وبين مجتمعات مغيبة تدفعها عاطفتها دفعاً للانتقام من نفسها وجرح ذاتها والتخلي عن مصالحها لصالح آخرين..!
– وربما الآن أصبح التحكم عن بعد في أوضح صورة خصوصاً وبنك المعلومات التي تجمعها شركات مواقع التواصل الإجتماعي واستخدام المجتمعات المغيبة للإنترنت لصالح الساسة المتنفذين الذين يرسمون الخطوط العامة للعالم ويحددون المزاج العام للأمم والاستفادة القصوى من الثورة المعلوماتية في تحديد ردات الفعل بنسبة خطأ تصل إلى الصفر،وهذا ما يشكل صعوبة ويحتاج إلى وعي مضاد تستطيع به المجتمعات حماية نفسها وصون حقوقها في أن لا تستغل بهذه الصور البشعة..!
– ما يحدث في فرنسا من أحداث متلاحقة تتسق مع ما يحدث في أمريكا وغيرها من الدول من استعداء غيرر مبرر لنا، ولكنه محسوب النتائج والعواقب لهم، وما تمارسه الأنظمة الإسلامية في الجهة المقابلة وهو ما يخدم المشاريع الكبيرة للمحركين الفعليين للسياسة العالمية في تسريع الأحداث لتحقيق الأهداف الناجحة..!!
– مورس هذا الدور على الصين ولكنها فلتت ونجحت في أن تبني قواعدها الأساسية التي تنطلق منها في حروب المواجهة ولوغريتمات ردة الفعل الغير معلومة سلفاَ..!
طيب ما الحل لنا فنحن لسنا كمثلهم في القوة ولا كالصين في الإستعداد ولا نملك من أمرنا شيء حتى نستطيع الصمود فضلاً على المقاومة..؟؟
– أعتقد أنه يجب أن نتوقف أن نتعامل معهم بعواطفنا، ونعتمد العقل والفهم الذي يقودنا إلى معرفة خصومنا المعرفة التامة خصوصاً ونحن لا نملك الأدوات المحلية اللازمة للمواجهة، ولا الأنظمة المشجعة أصلا للمواجهة..!
وهذا لا يكون إلا باعتماد التكنيك الذي يستخدمه الخصوم وارباكه بقيمهم هم لا قيمنا نحن، ومحاكمته بانظمتهم هم لا انظمتنا نحن..!
– وهذا الأسلوب الذي انتهجته إسرائيل طوال عمرها في تغلغلها داخل مؤسسات هذه الدول، فاستطاعت إيجاد اللغة المشتركة والتي على أساسها حمت مصالحها وكسبت تعاطفها..!!
فـ لو أننا نتصدى لمثل حملة ماكرون بالتعريف أكثر بالإسلام ومخاطبة العقل المدني الأوربي وإزالة الصورة النمطية للإسلام بالتوجه إلى الهدوء والاتزان والعمل المؤسسي وفق منظومتهم وقيمهم المدنية لكان احسن وأفضل في إبطاء الهرولة السريعة للهبوط..!!!
– وأخيراً..
– طوال تاريخ الإسلام نجد أن الإسلام يستطيع لوحده الدفاع عن نفسه ودائماً ما ينجح في التعريف عن ذاته وكسب بعض أعدائه وإحباط البعض الآخر بنموه وانتشاره بدون اي مساعدة أو تبني لمشروع يحصره في هذا أو يقولبه في ذاك..!!
– الإسلام أقوى وأكثر صدقاً وقبولاً بالآخر والتعايش معه من أهله وأصحابه لذلك اتركوه يدافع عن نفسه واشتغلوا انتم في إعادة فهمه والارتباط به، علّكم تجدوه لو كنتم صادقين..