الموسوعة.. الدكتور.. محمد اقبال..!

يحيى عبد الرقيب الجبيحي

كعادتي هذه الأيام من خلال التواجد بمدينة تعز.. وهوممارسة المشي ببعض الشوارع.. رغم الزحام وحركة السيارات والباصات ومختلف وسائل المواصلات (اليمنية) مما يعطي انطباعا عن مدى حيوية هذا الشعب وتحدياته لمختلف المصاعب والمحن ولفيروس (كورونا).. اقول.. كنت اسير بشارع جمال وسط المدينة.. فدخلت احدى المكتبات التجارية.. وظللت اقرأ بعض عناوين الكتب الموجودة.. ليقع نظري على كتاب بعنوان (فليسوف الذاتية.. محمد اقبال.. ترجمة وتقديم.. عبدالوهاب عزام). فأخذته.. ثم قرأته بتمعن.. صفحة .. صفحة.. وهالني حجم المعلومات الثرية عن هذا الشاعر الإسلامي الكبير.. والذي كنت قد قرات كتابين مترجمين عنه.. لكن ذلك اقتصر على نقل بعض اشعاره ومعلومات موجزه عنه.. ليظهر لامثالي من خلال هذا الكتاب.. بكونه.. شاعر وفيلسوف ومؤرخ ورجل اقتصاد وقانون.. ومفكرواكاديمي.. و.. متصوف.. و..و..الخ ليمتلك بذلك قدرة فائقة على التحصيل في علوم كثيرة مختلفة ويترك مؤلفات عديدة بمختلف العلوم والاداب بوجه عام! إضافة الى تسعه دوايين شعرية باللغات الإنكليزية والفارسية والتركية والاردية.. والتي ترجم ثلاثة منها الى العربية عبدالوهاب عزام.. لم اقف شخصيا عليها.. عدا بعض القصائد التي تتحدث عن عظمة الإسلام وشموليته وعن أوضاع المسلمين ومآلهم بجانب ماآل اليه العرب.. عرب العشرينيات والثلاثينيات من القرن المنصرم حيث ظل يخاطبهم بقصائد عديدة .. منها قصيدة كلها الأم واحزان وتساؤلات مريرة.. والتي منها..

((كل شعب قام يبني نهظة وارى بنيانكم منقسما
في قديم الدهر كنتم أمة لهف نفسي كيف صرتم أمما؟!))

ليت شعري.. ماذا كان سيقول اقبال عن عرب اليوم؟!!
ثم.. قصيدة أخرى.. عرف بها اقبال لدى معظم العرب!

اعني قصيدة (( حديث الروح)) التي غنتها ام كلثوم.. والتي ترجع بلاغة وجوهر هذه القصيدة وامثالها.. الى المترجم.. حيث يصعب على القارئ العربي تذوق شعر منشور بلغات أخرى_ كما هو معروف_ كون الترجمة قد تترجم المعنى والصورة وليس الذوق والأسلوب!! وحينما نقرأ بعض ترجمات لقصائد شعرية تحمل ذوقا وفهما.. انما يرجع ذلك الى المترجم ومدى خلفيته الثقافية وفهمه للغة التي يترجم منها.. بجانب حبه وتذوقه لما يترجم.. وهو ماينطبق على قصيدة ( حديث الروح) وكما ينطبق على الشاعر احمد رامي في ترجمته لقصيدة ( رباعيات الخيام)!! مثلا و.. إضافة الى قصائد أخرى قليلة لمحمد اقبال التي ترجمت الى العربية .. والتي هي بمجملها انما تمثل غيضا من فيض من شعر محمد اقبال.. بينما عشرات المؤلفات بمختلف العلوم والفنون بمافيها نظراته الفلسفية الخاصة بنظرات الإسلام والتربية والاقتصاد والتاريخ.. لم تترجم منها الى العربية.. عدى القلة منها.. والتي هي الأخرى ليست في متناول القارئ العربي امثالي.. وان اقتصر الاطلاع عليها على بعض الباحثيين والاكادميين فحسب..

لقد عرفت من خلال كتاب الدكتور/ عبدالوهاب عزام رحمه الله_ وهو الكتاب موضوع هذه ( الدردشة) الكثير والكثير عن الدكتور محمد اقبال.. الشاعر الفيلسوف المتصوف_ الموسوعة.. والذي كنت احسبه قبلا مجرد شاعر فحسب!!.. ولان الشيئ باالشيئ يذكر.. فانني أتذكر خلال عام 2012او2013 لست متاكد من العام فضلا عن الشهر واليوم.. كنت قد طلبت من فضيلة الشيخ عائض بن عبدالله القرني _ رعاه الله_ وبحكم العلاقة الشخصية مع فضليته ومتابعتي لمعظم مايكتب_ طلبت منه الكتابة عن الشاعر محمد اقبال فكان ذلك هو موضوع عموده الأسبوعي_ بصحيفة ( الشرق الأوسط) حينها الا ان ماكتبه رغم فائدته جاء حديثا موجزا جدا.. وبما يتوافق مع حجم ومساحة العمود الأسبوعي! بينما كتاب(فيلسوف الذاتية.. محمد اقبال) قدم للقارئ العربي معلومات ثرية وشبه شاملة.. عن هذا الشاعر الإسلامي الاستثنائي.. وليسمح لي القارئ ان احب ان انقل له بعضا بل نقطة من بحر من أفكار اقبال الفلسفية_ نقلا عن هذا الكتاب موضوع حديثي هنا_ على سبيل المثال وليس الحصر.. وباالنص.. وعلى النحو التالي (( الثقة باالنفس والاعتداد بها والاعتماد عليها.. والاستغناء بها.. يؤدي الى تقوية الذات.. بينما الشك بها والالتجاء بها الى الناس.. وحملها عليهم يؤدي الى ضعفها))

(( الجهاد في سبيل المقصد.. اعظم لذة في بلوغه))..

(( هذه الدنيا مرعى العدم.. فاياك ان تركن الى هذا الوهم))

((الحياة في العمل والجهاد.. والموت في الاستكانة والسكون))

((ان العلم اذا اتصل باالجسم فهو عدو.. واذا اتصل باالروح فهو صديق))

((مقصد الرسالة المحمدية الحرية والمساواة والاخوة بين بني ادم))

(( الإسلام عدو لعصبيات الالوان والاجناس.. وهي اصعب العقبات في سبيل اتحاد أمم العالم))..

((القران المجيد ليس كتاب فلسفة او الهيات.. ولكن فيه هدى الى مقاصد الحياة ورقيها))..

ان ما أود قوله هنا بهذا الموجز.. ان الدكتور/ محمد اقبال الذي يعد بحق من اهم وابرز المفكرين الإسلاميين في شبه القارة الهندية.. والذي حمل الهم الإسلامي وظل يتغنى بامجاد وعظمة الإسلام وينادي عبر مؤلفاته وتوجهاته العامة بأهمية تجديد الفكر الإسلامي.. لايزال رغم ذلك شبه مجهول في الساحة العربية الابقدر يسير.. وربما لولا اغنية ام كلثوم وهي قصيدة من شعره.. اعني ( حديث الروح) لظل مجهولا اكثر واكثر ويكفي ان كاتب هذه الاحرف عرف من خلال كتاب د. عبدالوهاب عزام_ معظم ماكان يجهله عن د. محمد اقبال. وهكذا.. كلما عرفت بعضا مما اجهل.. ازددت علما بجهلي؟!!

أما بعد..

واليمن بوجه عام بات يتعايش اليوم مع مختلف المصاعب والكوارث والمحن 24 ساعة في اليوم 30 يوما في الشهر 365يوما في السنة!.. ومعظم ان لم يكن كل مابات ينشر بمختلف وسائل الاعلام والتواصل الاجنماعي ومابات حديث المجالس الخاصة والعامة داخل اليمن وخارجه.

كل ذلك الذي اصبحنا نقرؤه ونشاهده ونسمعه ينحصر في مناقشة تلك المصاعب والكوارث والمحن.. سلبا وايجابا.. فعلا وردفعل.. معالجة وخرابا.. مهدئات ومزيدا من الاثارة وصب المزيد من الزيت على النار.. امام ذلك كله.. رأيت الابتعاد عن كل ذلك ولو مؤقتا.. والكتابة عن جوانب ناعمة او شبه ناعمة.. ممثلة ببعض الجوانب الفكرية والأدبية.. وهذا مااردت نشره بهذا الموضوع الموجز جدا عن.. الموسوعة.. الدكتور محمد اقبال…
تعز…
ِ23/ 10 /2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى