الحاجة إلى “صالح” جديد
معين الصيادي *
وأنا اتابع اليوم آخر الاخبار صادفت عصرا تصريح يتم تداوله للأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح، #عبدالوهاب_الآنسي، هنأ حزب المؤتمر بذكرى تأسيسه واضاف، “كان في طليعة القوى الوطنية التي أسهمت في الحياة السياسية اليمنية، ولعب أدواراً بارزة في مختلف المحطات، ووضعته على رأس القوى السياسية التي انتهجت العمل التعددي والديمقراطي”.
انصافك للآخرين يجعلهم منصفين تجاهك.. هذه سنَّة الحياة، ومن الحياة تعلمنا أيضا ان لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة بين السياسيين، بعكس الصراعات الطائفية والمذهبية، وبدلالة اننا لم نقرأ اي تصريح ايجابي لقيادات الحوثي بذكرى تأسيس هذا الحزب او نسمع من قيادات ذات الحزب المودعين في “صناديق الحوثي” بصنعاء إنصافا لواضع اللبن الاولى لهذا الحزب، الشهيد علي عبدالله صالح، من باب الانصاف الضروري.
صحيح ان حزب المؤتمر كغيره من احزاب العالم لم يحقق كل ما يحلم به المواطن بصفته الحزب الحاكم، وبنفس الوقت له مبرراته فمثلما اليوم هناك من يبرر عدم قدرة الأحزاب على الإسهام بتحقيق شعاراتها ووعودها -التي خدعت بها الملايين طيلة سنوات معارضتها- إلى عدم استقرار المرحلة.. يجب ان نلتمس العذر للآخرين خصوصا وان المؤتمر ولد في حقبة صراع أشد وأنكأ من صراعاتنا الحالية ومع ذلك نجح صالح وبجدارة في إخماد بؤر النيران وأسس حزب جامع لكل الاطراف وجميعهم يخضعون لدستور ذلك الحزب ان صح التعبير وهو “الميثاق الوطني”.
علي عبدالله صالح ليس المسيح، حتى نعتبر ان كل الاخطاء التي رافقت حكمة مغفور لها، فبقدر ما هناك مبررات لبعضها هناك أيضا مسؤولية يجب ان يتحملها كحاكم، بالمقابل هذا الحمل الذي نرميه على كاهل الرجل الذي غادرنا وهو يصوب بندقيته نحو (الاماميون الجدد) بكل شجاعة، يجب ان نضع ذات الحمل على منظومة الحكم الحالية في اليمن بدءا من عبدربه منصور هادي ومرورا بحزب الاصلاح الذي يعتبر حجر زاوية الحكم الحالي وما وجود المؤتمر في الحكم إلا صوريا وهذه حقيقة فجميعهم مقصيون سواءً في صنعاء أو في حكومة المنفى بالرياض.
اليوم نحتاج إلى “صالح” جديد يحتوي جميع المكونات ويلم الشتات ويوقف الاقتتال ويشرك الجميع في الحقوق والواجبات ملتمسين العذر لبعض الزلات التي قد تقع فنحن بشر وندرك انه لابد ما يكون هناك جنوح نسبي الى جهة معينة، ولكن بالمعقول والمسموح..
نريد “صالحا جديدا” يوقف حرب التحالف ويسكت بنادق الجوف والبيضاء ومأرب والساحل الغربي وتعز والضالع وصعدة وغيرها، ويفتح المعابر المغلقة ويسعى إلى ترميم كل ما تم تدميره طيلة سنوات الحرب من بنى تحتيه وغيرها وليحكمنا 66 عاما فلا ضير لدينا.
نعم نريد شخصية استثنائية تنقذ اليمن من التفتيت فما يحدث لن يترك شمالا مستقرا ولا جنوبا، وما يحاك ضد بلدنا اكبر مما نتخيله، فالحرب التي تشهدها اليمن هي حرب بين إيران وامريكا، وما في الوسط وان حمل الكثير منهم المشروع القومي إلا ان اللاعبين الكبار لن يتركوه يصول ويجول بالملعب كما يحلو له..
نريد شخصية وسطية لا تقدس محمدا أو عليا او جيفارا.. ولا نريد كاسترو جديد من روايات الاحلام، نريد شخص يحمل مشروع اليمن وينقذه، ربه اليمن ونبيه اليمن وإمامه اليمن.. ودونه هي اسماء في كتب فلتذهب الى الجحيم بما انها تذبح الاطفال كفراخ في مسلخ، وتغتال النساء أشبه بحرب داحس وبلا هوادة.
نريد شخصا يرى وجه الله في جدران صنعاء القديمة، وفي صهاريج عدن يجد اطلال نبوءة الوطن ولا ثالث لذلك..
ان الله لم يأمرنا بالقتل لبعضنا لنحيي ذكره على روائح دم ضحايا بعضنا، كما ان محمد لم يكن هتلر الانبياء لنقول لا صوة يعلوا فوق صوت بيت بدر الدين ودونهم يرحلوا من البلاد غير مأسوفا عليهم..
نريد وطن يحتضن الجميع وهذا لن يحدث في ظل ولادة واستنساخ شخصيات تشبه النعجة “دولي”.. افيقوا قبل ان يتشرد من تبقي من هذا الشعب او يظل حتى يوم البعث تحت اقدام الطغاة المستعمرين الجدد بأياد داخلية..
ختاما.. اكرر باني لست عضوا في هذا الحزب ولكن ومن قناعتي اقسم ان بقاءه قويا هاما جدا لضمان التوازن السياسي في بلد بدأت التنظيمات السياسية الدينية تظهر فيه بقوة وبمذاهب متفاوتة وهذا سيجعل الاحتراب في البلاد طائفي وديني اكثر من كونه وطني وانقلاب علي سلطة كانت شرعية مهما كانت شواءبها، فالشرعية الرخوة خير وابقى من حكم الجماعات الدينية ولنا في لبنان والعراق حكمة، واستمرار بقاءها هو خدمة للطوائف وليس للدولة اليمنية، وإزاحتها بات ضروريا جدا ولكن عبر مشروع منقذ.
عاش اليمن حرا أبيا..
24 أغسطس 2020م
* رئيس التحرير