سلام على المؤتمر
شفيق المخلافي
ثمانية وثلاثون عاماً ، يعدها المرء على الأصابع ، ويعجز أن يعدَّ ماحققه المؤتمر فيها ، ولكنني لستُ بصدد الحديث عن انجازات المؤتمر ، أنا هنا لأتحدث عن الفكرة التي ولدت مع الأرض وجاء الرجال ليلخِّصوها في حزب شعبي وعام ، أسموه المؤتمر ، مظلة الديموقراطية ، وجذر الفكرة الحزبية.
فالمؤتمر كحزب يظل هو الأساس الثابت للحزبية ، وبدونه تختل الموازين وتتضرر الأحزاب جميعاً ، إذ أنه – من القيادة الى أي عضو- يقبل الجميع كيمنيين مهما كان انتماءهم الحزبي ، والمؤتمر كفكرة يبقى هو الفكرة الأساسية لأي نظام حكم يقوم لأجل دولة مساواة ، وماكان اليمين واليسار الا اجتهادات تحت هذه الفكرة ، فالمؤتمر فكرة خلقت مع الحياة كضرورة لاستمرارها ، السلام والعدالة والنظام والكثير من القيم التي اختزلت في كيان اسمه المؤتمر .
وكما أن الدين عند الله الاسلام يكون كذلك المؤتمر بالنسبة للحزبية ، فمن لم يكن متحزباً وأرد أن يحيا بأمان وأن تصان نفسه وحقوقه وحريته ، هو مؤتمري وإن جهل ذلك ، وحتى لو كان متحزباً في أي حزب آخر ، هو يتفق مع المؤتمر ، فالفكرة التي قام عليها المؤتمر هي فكرة فطرية تولد مع كل انسان سوي ، فالمؤتمر مقتبس من الأديان السماوية والفطرة الانسانية ، يقوم لذات الهدف ، لأجل الحياة وتعمير الأرض ، المهمة التي كلفنا بها الله ، وينبذ الطبقية والعنصرية.
المؤتمر حزب فيه شيءٌ من النبوة ، يواجه المعاناة بابتسامة ، ويدعو بالتي هي أحسن ، فالوطن الذي يقوم على الأحقاد الماضية وطن هش وقنبلة موقوتة والمؤتمر لم يقم لأجل هذا.
المؤتمر هو الوسط الذي لايميل ، وهو الفكرة التي بعثتها المعاناة ، وهو القضية التي أنتجتها الحاجة ، يجد المواطن في المؤتمر ملجأ له من كل جماعات الأدلجة التي تقيد عقله ، في المؤتمر لك الحرية أن تفكر وتقول ماتشاء مادمت تسعى لمصلحة العامة
في المؤتمر يجد المواطن نفسه خالياً التعبئة المعادية للآخر ، المؤتمر يغرس فيك أن تتقبل الجميع وأن تسمع مايقول الجميع ، لم ينشأ المؤتمر من معسكرات صيفية أو مدارس تحفيظ ، لم يكن المؤتمري يوماً نتيجة لتعبئة أو غسيل دماغ ، كان المؤتمري هكذا لأنه رأى الواقع ، كان الواقع أكثر من تحدث باسم المؤتمر وبفكرته ، بعيداً عن الملازم والكتب المؤدلجة والمعبأة بالموت.
يغرس المؤتمر في الناس الايمان بالغد والحياة ، بالغد الأفضل ، يمد يده للجميع بلا استثناء ، فقط يريد انتشال الوطن من بين هذا الوجع ، ولن يكون هذا بالاقصاء، بل بنا جميعاً ، ليكون وطناً لنا جميعاً .
وأخيراً لم يكن المؤتمر مشروعاً مستورداً ، كان يمنياً خالصاً ، وتلبية لمطلب اليمن واليمنيين ، ولهذا يصعب أن يكون المؤتمر يداً لمشروع أجنبي ينخر في جسد اليمن ويسبب معاناة لليمنيين ، انما للقضاء على هذا قام المؤتمر ، قام ليكون لليمني قيمة أينما ذهب، وأن يفخر اليمني بحاضره كما يفخر بماضيه ، وأن يسعى لمستقبل يضمن له هذا الفخر .
فالسلام على المؤتمر ، وعلى كل مؤتمري