ميسي ضحية الحب الأعمى

رامي أبو الوليد

فإن كان فيكم بعلُ ليلى فإنني وذي العرش قد قبّلت فاها ثمانيا”.. ربما لو كان قيس بن الملوح عاشقًا بافاريًا لما أجاد وصف ما حدث بالأمس من بايرن ميونخ أمام برشلونة، كما تحدث هو عن حبيبته ليلى.

رامي أبو الوليد
رامي أبو الوليد

هكذا عبر البايرن عقبة الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا.. 8 أهداف أمطر بها شباك برشلونة، الذي عاش ليلة كارثية، لم يسبق له أن رأى مثلها في ليالي دوري الأبطال على مدار تاريخه.

في حضرة ليونيل ميسي ذُبح الفريق الكتالوني شر ذبحة، وشمت القاصي والداني في آخر مسلسل السقطات المتتالية، الذي اعتادت عليه جماهير البلوجرانا في دوري الأبطال بالسنوات الـ5 الأخيرة.

كان ميسي حاضرًا بجسده دون أن يلحظ وجوده كثيرون.. وربما لم يكن سيتذكره البعض سوى برؤية تلك اللقطة الشهيرة المعتادة المصاحبة للخيبات والانكسارات، تلك التي يُنكّس فيها رأسه، حاكًا يده بلحيته، عاجزًا كحال زملائه.

لكن يبقى السؤال مطروحًا “أين هو لاعب الكوكب الآخر؟ الفضائي الذي طالما تغنى به عشاقه ومحبو برشلونة!”.. ذهب ولم يعد.

هكذا هو سيناريو كل موسم منذ عام 2015.. لحظات تجلي أمام فرق الليجا، ريال بيتيس وليجانيس وغيرها.. وفي المواعيد الحاسمة، إما تجد ميسي أو لا تشعر بوجوده، وتختفي فجأة عبارات “يحمل الفريق على عاتقه.. من لديه ميسي لا خوف عليه.. الفضائي فريق بمفرده”.

تتحول تلك العبارات التي يشدو بها عشاق البرغوث إلى “ميسي و10 خشبات.. ماذا يفعل ميسي؟ فهو مجرد لاعب لا يمكنه فعل كل شيء بنفسه!”، وكأن من سنّ تلك القواعد الاستثنائية آخرون، وليسوا من ينفونها بأنفسهم الآن.

هكذا يسقط ميسي ضحية للحب الأعمى.. حُب تغلغل بداخل مُريديه حتى أعمى العقول قبل القلوب، ليُحمّلوه مالا طاقة له به، ليكسوه بأوصاف لا تليق بالبشر، لكن يجثو كل واحد منهم على ركبته بعد كل انتكاسة، تائبًا نادمًا عما تفوه به طيلة سنوات، ليُدرك في نهاية الأمر أنه وصل إلى ذروة التقديس دون أن يدري.

إلى هؤلاء المبالغين.. تأملوا ردات فعل ميسي ومحاولاته المستمرة للقفز من السفينة كلما ظهرت بوادر الغرق.. إما بإعجاب بحساب تشيلسي على تويتر، أو تصريح مستتر عن هذا النادي الذي تحدث عنه مع صديقه أجويرو.

ستدركون فورًا أن ميسي مجرد بشر، يعجز أحيانًا ويقدر في مرات أخرى.. قدراته مهما تجاوزت آخرين، فلن تمنعه من العجز في ليالٍ خاب فيها رفاقه أمام أتلتيكو، أو روما، أو ليفربول، أو حتى بايرن.. فالأرض لم تُنجب حتى اليوم رجلًا من الفضاء كما تدعون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى