نفحات إيمانية

عبدالمجيد السامعي

ينبغي لكلِّ واحدٍ منَّا وقد بلَّغه اللهُ هذه الأيامَ المباركةَ التي تمنَّاها كثيرٌ من بني آدم، فما وصلوا إليها، ولا قدرُوا على أن يحضروا أولَ ليلةٍ منها.. ولو بُذِل ملكُ الشرق والغرب في أن يُحَصِّل الواحد منهم لحظةً من لحظاتِ العشر ما قدَر، لأنَّ السابقةَ قد سبقت بانقضاءِ أجلِه قبلَ أن تأتيَ ليالي العشر..

وأنتم قد بلغتُموها بفضل الله لا بِجُهدٍ منكم.. لكنَّ اللهَ فسحَ لكم في الأجل، ومدَّ لكم الفرصةَ للعمل، وأوصلكُم إلى هذه العشرِ المباركة، فلهُ الحمدُ على ما تفضَّل.وإذ قد وصلتُم إليها فاحرِصُوا على حُسنِ معاملةِ الناظرِ إلى القلوبِ جل جلاله، حتى يعطيَكم مِن مواهبِ فضلِه ما هو أهلُه، فإنَّه الكريمُ الذي لا يبالي بما أعطى ولا مَن أعطى.

النبي الكريم صل الله عليه وسلم بيّن لنا فقال: «إن في أيام ربكم نفحات فتعرضوا لنفحات الله» ونحن على أعتاب هذه الأيام التي نعيش فيها من نفحات ربنا سبحانه وتعالى، فهي أيام عبادة، وهي أيام ذكر، وهي أيام فرحة، وهي أيام وحدة، وهي أيامٌ يعتز بها المسلم فهي من أيام الله، نفحات جعل فيها رسول الله ﷺ صيام يومٍ من أيام التسع الأوائل من ذي الحجة كصيام سنة، وجعل فيها قيام ليله كقيام ليلة القدر حثًّا للأمة، ليلة القدر ليس هناك أفضل منها، لكنه يريد أن يُحثك على قيام تلك الليالي العشر حتى ليلة العيد.

سيدنا رسول الله ﷺ أوصانا بوظائف عدة في تلك الأيام نتعرض لها، حتى نتعرض لنفحات الله سبحانه وتعالى منها:

صيام التسع منها ، كثرة الذكر ، وتلاوة القرآن ، والتهليل والتكبير والتحميد، والصدقة، فإن العمل فيها أعظم من الجهاد في سبيل الله.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : « مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ ». -يَعْنِى أَيَّامَ الْعَشْرِ- قَالَ : قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ : « وَلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ رَجُلاً خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَىْءٍ ». [مسند أحمد]

عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ ﷺ قَالَ : « مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ وَلاَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ ». [مسند أحمد]

ومن العبادات التي يتقرب بها المسلم في تلك الأيام المباركة عبادة الأضحية، فقبل ذبح الأضحية يقدم التوجه لله وحده والتوحيد له والإقرار بملة إبراهيم عليه السلام، ويؤكد أن الأعمال كلها لا تنصرف إلا لله، فيذبح الأضحية تقربا إلى الله سبحانه وتعالى، بكلام يوضح إذن الله لنا في ذبح هذا الحيوان للانتفاع به بالأكل والإطعام والاهداء.

مانخلص اليه ان مثل هذه المواسم التي تقربنا من الله حري بنا ان نستغلها في نشر ثقافة التصالح والتسامح ونفتح صفحات جديدة مع الله والخلق،والله الموفق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى