تحليل | هل يتكرر السيناريو الافغاني في اليمن؟!

معين برس | احمد بن شوبه

 دخلت الحرب في اليمن عامها السادس ،وما زالت تراوح مكانها ولا يبدو في الافق امل لتضع أوزارها، لكن المؤشرات تشير إلى حسم #الحوثيين الحرب شمالاً، مع تهاوي المناطق بيده دون اي مقاومة تُذكر ،في مشهد يُلفت انتباه المتابعين إلى ما يحصل شرقاً ،وعلى بعد الالاف الكيلومترات من #اليمن تحديداً في افغانستان،ذلك البلد الذي مزقته الحروب على مدى عقدين ،منذ اعلان الولايات المتحدة الحرب على حركة طالبان،وها هي اليوم القوة العظمى في العالم وبعد خسارة الالاف من جنودها وجرح عشرات الالاف عدا عن خسارة تريليون دولا او اكثر ،تجلس على الطاولة لتسمع لشروط طالبان بإنصات، ومن اهمها خروج القوات الأمريكية من افغانستان، خالية الوفاض ،دون ان تحقق اي مكاسب،بل الانسحاب قد يُمكّن لعودة طالبان للحكم مرة اخرى كما المح لذلك ترامب ، ومطلب الولايات المتحدة وقف العنف والانخراط في حوار مع الحكومة الافغانية تتقاسم بموجبه حركة طالبان الحكم ،ويبدو ان الدعوة تلك من الولايات المتحدة  مجرد تبرير لحفظ ماء وجهها وإرضاء للحكومة الأفغانية الضعيفة التي لاتستطيع موجهة طالبان ونفوذها في افغانستان في حال خروج القوات الأمريكية ،مايجعل احتمال عودة طالبان لحكم البلاد امرا مرجحاً بقوة.

سيناريو الأزمة الأفغانية وتكراره في الأزمة اليمنية لايبعد كثيرا من الوقائع العسكرية والسياسية ،ففي اليمن حكومة ضعيفة معترف بها دولياً ، ومدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية ،تقود حرباً ضد المتمردين الحوثيين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء في 21 من سبتمبر من عام 2015 بدعم من ايران عدو السعودية في المنطقة وبدأو في التوسع جنوباً ،حتى قامت عاصفة الحزم في مارس من عام 2015 وهو تحالف من عدة دول تقوده السعودية وتم تحرير مدينة عدن الساحلية و الإستراتيجية من يد الحوثيين وباقي مدن الجنوب  في الوقت الذي مازالت الجبهات في الشمال تراوح مكانها ولم تحقق مكاسب على الارض عدا عن تحرير محافظتي الجوف ومأرب ،لكن خلال الايام القليلة الماضية سقطت الجوف بيد الحوثيين وهم يزحفون ويحشدون لمعركة السيطرة على مأرب اخر معاقل الحكومة الشرعية في الشمال ، والتي ستجعل الحوثيين يفرضون سيطرتهم على الشمال بشكل كامل ،في ظل ضربات يتلقاها التحالف واستنزاف مالي وعسكري متواصل ،من مليشيا غير نظامية ، استولت على مقدرات دولة كانت قائمة ومدعومة من قوة إقليمية هي ايران وبتواطؤ او قل غض الطرف من القوى الدولية تجاه هذه الأزمة التي راح ضحيتها عشرات الالاف و شردت الالاف من منازلهم وفتتت النسيج الاجتماعي لليمن الذي عُرف عبر السنين بالتسامح واحتواء التنوع الديني والثقافي.

في ظل هذه الأوضاع يبدو السيناريو الافغاني غير مستبعد ،وذلك من خلال الاعتراف بالقوة الحوثية في الشمال كأمر واقع والانخراط معها من قِبل السعودية في مفاوضات جدية ،تضمن بموجبها السعودية حماية حدودها ،مقابل وقف الحرب من جانب السعودية وانسحابها من شمال اليمن ليحدد مصيره الحوثيون ، مع التخلي عن الحكومة اليمنية الضعيفة كضعف نظيرتها الافغانية، فالسعودية لايمكن ان تستمر في حرب تكلفتها عالية في ظل تراجع اسعار النفط وهي تريد ايضا الاستقرار لتتمكن من تحقيق رؤيتها 2030 ،والتي تتطلب لتحقيقها كلفة مالية عالية ، لكن المختلف في الأزمة اليمنية ،بقاء الجنوب بيد التحالف من خلال قواعده العسكرية المنتشرة فيه ،وسيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والذي يدعو إلى استعادة دولة الجنوب التي كانت قائمة الى ما قبل توقيع الوحدة مع الشمال في 22 مايو من عام 1990 ، والجنوب بالنسبة للسعودية ذخر استراتيجي مهم لامنها القومي ،وامن الخليج ، لذا لن تفرط فيه ولن يكون على الأرجح على طاولة اي مفاوضات قادمة. بينما يظل السيناريو الافغاني في طريقه لشمال اليمن الا اذا حصلت تغيرات دولية جوهرية تغير موازين القوى على مستوى المنطقة ، كقيام حرب على ايران من جانب الولايات المتحدة الأمريكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى