“الإنسانية دعوة حق كفر بها البسطاء”

عزالدين المريسي

حينما تتفقد أحوال الناس وتتلمس احتياجاتهم تجد الألم العنصر الأوضح والقهر الصفة الأبرز عند هؤلاء الناس ! حينها يدرك المتأمل – بعين الواقع – أن انسانيتنا مشلولة ، وضمائرنا منعدمة ، وكل شيء فينا لم يعد حيا !

سيدرك فداحة الأمر ويعلم – علم يقين لا شك فيه – أن عالمنا مخيف ، وأحاسيسنا ميتة ، وأن الطبيعة البشرية باتت في خطورة ومجتمعاتنا أصبحت غير آمنة .

سيلاحظ ..! الأنانية فينا مفرطة ، وتعاملنا مع الإنسان بمصلحة محضة ، نتخبط كثيرا في الحياة ، ولا هم لنا سوى كيف نتكسب من ظهور هؤلاء البسطاء بحيث نظهرهم للعالم بينما من يسكب نحن (دعاة حقوق الإنسان) .. نطالب بحق الإنسان في العيش الكريم مع كفالة حرية الرأي والفكر والمعتقد! وما ذلك إلا لأننا نجيد الكذب والنفاق صراحة!

شباب كثر تاهوا وأضاعوا البوصلة فتقوقعوا في زوايا معتمة وداروا في بوتقة ضيقة ..

لذلك نجد متقولين كثر من مدعي حقوق الإنسان يزعمون أن غايتهم الإنسان بينما الواقع يكذب زيف ادعائهم، ويعري حقيقتهم.. فلا انسان نصروا ولا لقضاياهم نظروا! ..إنما – فقط – يظهرون على وسائل الإعلام يتصنعوا النزاهة ؛ ليتوجوا بوسام الإنسانية المكذوب!

خبروني بربكم من منا التفت إلى الإنسان الكادح والعامل المهمل ونظر – بعين الرحمة – إلى من لا يملك مأوى ولا عشيرة ..لا أحد؟!

ثم من منا فتش عن مساكين زماننا ، وعن فقراء عصرنا ممن لا يسألون الناس الحافا، أظن أن الصمت جواب ، وجواب صارخ بحق الإنسان.

مثل أولئك لا يحتاجون إلى مشقة البحث وعناء الطريق في سبيل الوصول إليهم مع أنهم لا يخفوا على ذي قلب رحيم ..

فحينما مررنا من على الشوارع وفي الازقة من منا ايقض ضميره عند رؤية إنسان ينام في العراء توسد الأرض والتحف السماء ، لا غطاء يقيه برد الليالي ، ولا مأوى تسكن إليه روحه فقد الجآه الحاجة والعوز لاتخاذ الرصيف سريرا والشارع منزلا.

جميعنا نحتاج إلى مراجعة ؛لأن مواقف كهذه لا تحرك ضمائرنا ، ولا تشعل النخوة فينا بل نمر عليها مرور الكرام ، مترفعين من أن نتنازل بأشياء بسيطة ونقدم ما بمقدورنا نصرة للإنسان اذا ما كانت القلوب لم تعد عامرة بالدين.

حتى الكتاب – معظمهم إن لم يكن جميعهم – يتخذون من فصل الشتاء وسيلة للتسلل إلى قلوب النساء كونه الشعور المرافق لليالي الباردة ، فيكتبون ويكثرون ويداعبون بأحرفهم عواطف الناس علهم يقتلون البرد كما يزعمون وفق منظورهم الغرائزي، وبدون توقف يختلقون الأكاذيب ليرسموا صورة مقزمة عن الإنسان بأنه حيواني الطبع ، عرائزي الأصل ، شهواني المنشأ ، بعيدا عن الفطرة التي عهدها ، والطبيعة البشرية التي ينبغي أن ترافقه حتى لا يتوه في متاهات الحياة.
#عزالدين_المريسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى