مقارنة بين اليمن وراوندا
عبدالرحمن الرياني *
نحن بحاجة إلى شخصية استثنائية في هذا الوضع المأساوي المرعب الذي تعيشه اليمن بحاجة إلى (بول كوجامي آخر ) ينقذ اليمن على غرار الرئيس الراوندي الذي سُأل ذات يوم عن انتماءه القبلي فرد انه (هوتسي) اي من الهوتو والتوتسي القبليتين التي خاضتا حربا أهلية خلفت مليوني قتيل، كوجامي الذي جعل من راوندا سنغافورة القارة الأفريقية وماليزيا أخرى بعد سنوات من الحروب والقتل، وهي البلاد المغلقة التي لا يوجد بها موانئ بحرية، على غرار عدن والحديدة والصليف التي قامت الصين بتقديم عروض مالية لإستثمارها بمبلغ يفوق الثلاثمائة مليار دولار وعائدات سنوية تصل إلى مائة وعشرين مليار دولار، هذا فقط من استثمار الموانئ الثلاثة.
راوندا ليست اليمن التي تمتلك أكبر حقل نفطي في المنطقة والعالم، تحدث عنه اللواء أنور عشقي في المؤتمر السابع لطريق الحرير المنعقد في العاصمة الصينية العام 2017 حيث قال بالحرف الواحد: لن نقبل أن تستثمر اليمن حقل النفط العملاق في الربع الخالي (الجوف) بمفردها مهما كلفنا ذلك لا بد أن تكون هناك عملية استثمار وشراكة بين اليمن ودول الخليج.
ايضاً راوندا التي أطلقت العام الماضي قمر صناعيا بقيمة اثنين مليار دولار مخصص لتطوير التعليم ليس لديها ممر حيوي في عُمق مياهها الإقليمية مثل اليمن والتي أكدت وأثبتت الدراسات القانونية أحقيتها في الحصول على رسوم مالية تقدر بثمانين مليار دولار كمتوسط على كل حاوية ضمن اربعة مليون سفينة تعبر مضيق باب المندب سنوياً، وراوندا التي حققت وفرة مالية جعلتها تحتل المرتبة الأولى افريقيا والسابعة عالميا في جذب المستثمرين والحادي والحادي والعشرين عالميا كأقوى اقتصاد لا تمتلك ذلك الموقع الاستراتيجي الذي جعلها مشروع لانبوب نفط في المهرة على شط العرب يمكن حسب الدراسات أن يقوم بدر عائدات مالية تقدر بسبعة وثلاثين مليار دولار سنوياً حسب القانون الدولي (37 مليار$ ) تجري مساومات ورشاوي حاليا لنواب وزراء لتوقيع اتفاقية تاخذ الحكومة اليمنية فقط مليار دولار فقط سنوياً.
كما أن راوندا البلاد الجبلية الضيقة لا تمتلك أكبر أربعة مناجم للذهب على مستوى المنطقة كما هو الحال في مناجم حجة والجوف وحضرموت ولحج والتي قبلت الحكومة الكندية استثمارها بنسبة تقل عن ال٢٥٪ والباقي للجانب اليمني والتي تؤكد الدراسات المبدئية أن اليمن تمتلك رابع احتياطي للذهب في العالم وبعائدات مالية تقترب من الـ20 مليار $.
راوندا لا تمتلك ذلك الاحتياطي الضخم من المياه التي تجعلها سلة غذاء الوطن العربي كما هو الحال في المنطقة الممتدة في اليمن من مأرب وحتى حضرموت والتي تؤكد الدراسات وعمليات التنقيب أنها اكبر بحيرة مغمورة في العالم، كما انها من خلال تضاريسها وجغرافيتها ليس لديها ساحل بحري على غرار ما هو موجود في اليمن 2400 كيلو يمكن ان يقوم بتشغيل اثنين مليون مواطن بعائدات مالية تتجاوز العشرة مليار كعائدات تصدير وصناعات سمكية..
راوندا ليس لديها أي من المقومات السياحية التي لدى اليمن والتي يمكن ان تجعل من اليمن واحدة من اكبر الدول استقطابً للسياح ، هي بلد لاتمتلك الفوسفات واليوارانيوم والنحاس والالماس التي تمتلكها اليمن ، وبالمقارنة بين البلدين راوندا لاتمتلك ٣٪ من مقومات اليمن وثرواته ومع ذلك الفرق بين اليمن التي شهدت حرب اهلية في فترة متقاربة للحرب الاهلية في راوندا ربما يعادل 50 سنة ضوئية، راوندا سخر الله لها قائد ورجل وطني رمى بالاحقاد القبلية والمناطقية والدينية فانتشلها من الجحيم ومن أجواء المجازر وحرب الإبادة التي تعتبر واحدة من أكبر حروب الإبادة التي شهدها تاريخ الإنسانية الرئيس (بول كوجامي) يعد بحق أحد أعظم الشخصيات التاريخية في العصر الحديث، أوجد روح التسامح بين أبناء شعبه وأعاد اللحمة الوطنية لأبناء بلاده فأقام دولة تسودها الحرية والعدالة الاجتماعية وبحلول عام 2020 سوف تكون جمهورية راوندا أول بلد خالي من الفقر حيث عمل خلال عشر سنوات على تقليص الفقر بمعدل مليون حالة سنوياً، أما نحن في اليمن فقد ابتلينا بمجموعة من الفحامين اللصوص المرتزقة العملاء الذين دمروا البلاد واحرقوا الحرث والنسل من بعض العسكريين والسياسيين والعائلات الاقطاعية قبلياً وبعض الاُسر الاقطاعية التي احتكرت المال والسياسة طوال سنوات وعقود الثورة اليمنية.
سياسيو اليمن رهنوا بلادهم ومستقبل الآجيال القادمة للاجنبي على مدى عقود قادمة ، إقطاع ماقبل الثورة لم يختلف عن إقطاع ما بعدها، اقول ذلك حتى يعرف اليمنيون من حكمهم بالأمس ومن يحكمونهم اليوم، ومن هم ساستهم ومن هم نخبهم الوطنية التي تاجرت بدماء شعبها مقابل حفنة من الدولارات من هذا الطرف أو ذاك داعيًا اليمنيين إلى شق طريقهم بعيدً عن سماسرة السياسة وعن الاحزاب التي باعتهم في سوق النخاسة للاجنبي وان يبدأوا فورا بتشكيل المنسقيات الوطنية للسلام أداة الانقاذ الوحيدة والتي تمكنهم من خلق واقع جديد يمكن لهم من خلاله استعادة وطنهم السليب وكرامتهم المُهدرة ،وسيادتهم المفقودة وثرواتهم المنهوبة طوال عقود من عائلات المال والسياسة.
على اليمنيين أن لا يلتفتوا إلى النُخب التافهة التي تاجرت بوطنهم فجميعهم غاصوا في الوحل واتسخوا حتى أذانهم، وجميعهم إما متواطئ أو مُتخاذل أو شريك في المؤامرة، أيادي صافحت الأجنبي لا تستحق شرف الوطنية وأقلام تاجرت بقضية الوطن ومعاناة الأرامل وأنات اليتامى ليس لها إلا اللعنات، وساسة وقفوا متفرجين لن يكونوا سوى مجموعة من الخونة، وتجار غسلوا أموالهم بدموع الضحايا والمحرومين والمعوزيين ليسوا سوى جالية اجنبية عاشت بين ظهرانينا خلسة وسرقت خيرات الوطن في لحظة غفلة تاريخية هؤلاء لا يستحقون شرف المواطنة علينا مقاطعتهم، في الختام لا اقول سوى…
اللهم اني بلغت…
اللهم فاشهد..
* المنسق العام للتكتل المدني للسلام