المياحي يكتب | عندما يحتفل الحوثيون بالمولد النبوي بمال حرام
محمد دبوان المياحي
البارحة احتفل الحوثيون بالنبي بمال حرام، أشهروا سلاحهم في وجوه التجار_صغارًا وكبارًا_وفرضوا عليهم دفع تكاليف الاحتفال بالقوة، دفع الجميع وهم مغبونين، فلا أحد يجرؤ على مخالفة أوامر عصابة حياتك لا توازي قيمة طلقة واحدة في قاموسها.
حسنًا، لم أحتفل بمولدك البارحة أيّها النبيّ العظيم، وأنا سعيد بذلك، دعتني إحدى الصديقات للذهاب برفقتها، ورغم عدم تفضيلي للأمر لكني كنت سأذهب تلبية لدعوتها فأخذني النوم دون إرادة مني، صحوت متأخرًا وشعرت بالراحة لكوني أخلفت الموعد، هي أيضًا لم تذهب مثلي؛ ربما لكونها اتصلت بي ولم أرد عليها وربما انشغلت مثلي، لا أدري.
وأما السبب المبدئي لتفضيلي عدم الذهاب، فهو رغبتي بعدم الإساءة لك، فهناك جماعة من اللصوص سرقت دولتنا بقوة السلاح، شردتنا في كل مكان، نهبت رواتب الناس، سحقت المجتمع وحولت حياتنا لجحيم كامل ولم تكتف بهذا، ففي كل ذكرى لمولدك تفرض على الباعة مبالغ قسرية كمساهمات في تكلفة الاحتفال بك.
منحها الناس ما طلبت وهم يشعرون بغصة في حلوقهم، لم يمنحوها حبًا فيك بل خوفًا منها. هذا ما يجعلني أشعر بالخجل من الاحتفال بك مع جماعة من اللصوص تسرق قمحنا ثم تطالبنا كجوعي أن نخرج كي نحتفل معها بذكرى مولدك.
اثنين من الإخوة لديهم بقالة صغيرة متشاركين بها، لم يمض عام على تأسيسها، حدثني أحدهم قائلًا: جاؤوا الحوثيين وطلبوا من أخي فلوس فمنحهم ؛ كي يتجنب أذاهم والله لو كنت موجود ما أمنحهم ريال، أشعر بقهر ليش جاب لهم، لو تدري أخر الشهر ما أقدر أدفع الإيجار عادنا أزيد أجيب لهم، الله ينتقمهم بس والله يأخذوها حرام”
قلت في نفسي، لا أظن سلوكًا كهذا يرضي النبي، لا أظنه سلوكًا يتطابق مع جوهر رسالته. النبي الذي قدس ملكية الإنسان، واعتبر ما يؤخذ من ماله تحت ضغط الحرج محرمًا_ ثمة عبارة لا أدري ما إذا كانت حديث أم مقولة: كل ما أخذ باستحياء فهو حرام_ فكيف بشيء يؤخذ بالقوة والإكراه..؟ ليس لدي ذرة شك أن ما يحدث عملية تدمير ممنهجة لشخصية الرسول، هذه الجماعة تعبث بالصورة الذهنية للنبي وتدفع الناس _بشكل تلقائي_ لتكوين موقف ارتدادي منه بهذه السلوكيات المشوهة التي تتبناها في مناسبات كالمولد النبوي وغيره، يحدث هذا بسبب الربط اللاشعوري بين موقف الناس منها ومن سلوكياتها المصاحبة لعملية الاحتفاء بمولده، وهو ما يخفض قداسة النبي كرمز إنساني جاء لتخفيف المعاناة عن حياة الناس وترسيخ قيم العدالة، وليس لارغامهم على الدفع كي يحتفلوا به.
حسنًا، ألا ترون أن عبد الملك الحوثي هو من أكبر الملحدين في هذا الوجود، الرجل الذي يدفع الناس لكره الأنبياء هو رجل يسهم في تدمير قيم الإيمان لديهم وتشويه رموزه، وهذه هي الأسباب الخفية للإلحاد.
سلوكيات “أنصار الرب” خلقت جيوشًا من الساخطين على كل شيء له علاقة بالدين والتدين ولا يمكن دراسة ظاهرة الإلحاد المتفشية بين الناس دون الاشارة لسلوك الجماعات الدينية العنيفة وعلى رأسهم عبد الملك الحوثي وجماعته.
* صحافي من اليمن.