غمدان ابواصبع يكتب عن | اغبياء على كراسي السلطة
غمدان ابواصبع يكتب عن | اغبياء على كراسي السلطة
غمدان ابواصبع
مثلت ثورة الربيع العربي امل كبير لدى الإنسان اليمني وهو الامل الذي يقف وراء خروج الملايين لساحات مطالبا بتغيير النظام السياسي وأنها المركزية المسيطرة على إدارة القرار.
وبغض النظر عن من يقف وراء حركة الشارع العربي المطالب بالدولة المدنية الا انها حركة فتية شكلت حالة رعب وارباك لمن يقف على رأس السلطة السياسية في بلدان الربيع العربي مادفع بقيادة النظام بشقيه الحاكم والمعارض للإسراع وتدارك صحوة الجماهير ضمن تبني خطاب الشارع وايهام رواد الساحات أن تواجدهم بينهم يأتي في إطار الاستجابة لمطالب الشعب بطرد النظام الحاكم.
وبهذا الخطاب الذي سعت القيادات السياسية المعروفة بمعارضتها للحزب الحاكم استطاعت الالتفاف على خطاب رواد الساحات واختزاله بقيادات الأحزاب التي استطاعت تغيير مسار الحراك ثوري لشارع العربي واليمني .
كل تلك العوامل السياسية التي سعت الأحزاب لتوظيفها ونتزاع مكاسب عبر استخدمها الزخم الشعبي لفرض اجندتها على حزب صالح وحلفائه كان لها دور كبير في حرف الهدف الرئيسي المعلن لحركة الربيع العربي في اليمن.
وهو ما مكنهم من حصر متطلبات الشعب بقيام دولة مدنية الى تفاهمات بين أحزاب المشترك والسلطة لتنهي بهذه الخطوة تطلعات الجماهيرية الفاقدة لقيادات واعية تحركها القواعد الأساسية التي تقف وراء خروج الشعب دون أن تمنح قيادة الأحزاب فرصة الالتفاف على مطالبهم وحرف البعد السياسي والشعبي وراء هذا الحشد الباحث عن بناء دولة مدنية حقيقية تحركها أهدافها لا توجه الأحزاب التي كانت عامل مهم في رفد نظام صالح بالمشروعية والعمل في إطار نظامه .
وللاسف الشديد نجحوا أحزاب المشترك بالاتفاق مع أحزاب التحالف بقيادة المؤتمر الشعبي العام لأنها دور الجماهير وتهميش وجودهم واضعاف مطالبهم ضمن استخدام فن المراوغ مامكنهم من تسويق أنفسهم ممثلين لساحات امام صالح والدول الإقليمية .
فتقمص الأحزاب اليمنية دور السعي لتنفيذ مطالب الجماهير مكنها من انهاء دور الشارع اليمني من رسم مسارها السياسي عبر اتفاق الرياض والخروج بالمبادرة الخليجية .
فغياب النخبة السياسية المستقلة عن توجهات قيادة الأحزاب اضعف التطلع السياسي الذي واكب مسيرة الثورة المنتفضة المطالبة بقيام الدولة المدنية لتتتحول الى حركة أسيرة للقيادات الحزبية بكل فصائلها ما سهل القضاء على اليقضة الشعبية الوليدة في مهدها لتتحول إلى صراع سياسي وعسكري بين هوامير السلطة تاركة فراغ كبير ولد عدم ثقة بين صالح وحلفائه من جهة وبين أحزاب المشترك ما ترك مساحة واسعة للحوثي للعب على المتناقضات بين الفرقاء ليبتلع العاصمة صنعاء دون أي مقاومة حقيقة من القوى والأحزاب التي كانت تعاني حالة ترهل وعجز في تلافي الأخطاء ما يمكنها من إدارة الدولة بطريقة صحيحة بعيدا كل البعد عن المصالح الضيقة.
فبدل من وضع المصالح العامة لدولة والسعي وراء اشراك الجماهير الذي كان لها الفضل في إزاحة صالح عن السلطة وتقوية الجهاز الأمني والإداري ما يضمن حفص واستقلال الدولة اليمنية ومؤسساته سعت تلك القيادات لتقاطر على صعدة لتستجدي مليشيا مسلحة تجد نفسها فوق الدولة ولا تؤمن بالكيان السياسي الحاكم ولا ببناء الدولة بقدر سعيها بابتلاع الدولة والاستحواذ على سلطاتها .
حقيقة لا يمكن تجاهلها مشاركة تلك القوى السياسية عبر ممارستها الخاطئة واستخدام أجهزة الدولة لاضعاف بعض البعض متجاهلين حجم الخطر المحدق باليمن ونظامها الجمهوري من أذيال الإمامة المتجسدة بالحوثية لتنهي الحوثية سلطة الدولة بكل مكوناتها وتفر تلك القيادات من صنعاء هاربة بينما ترتمي القوى الأخرى باحضان الحوثية لتتخلص الحوثية من صالح وحزبه عند إتاحة اول فرصة مكنتهم من القضاء عليه .
كل تلك العوامل والثغرات التي تسببت بها السلطة والمعارضة في الماضي كان يجب أن توحدهم لاستعادة الدولة والتكفير عن جريمتهم وتخاذلهم لحماية عاصمة الجمهورية من السقوط بيد الإمامة الباحثة عن الانتقام من الثورة ورموزها وإعادة نظام الإمامة عبر الحوثية حليف كل الأحزاب وقياداتهم.
ولكن للاسف لم تدرك الأحزاب والقوى السياسية حجم الكارثة التي أوردت بها الشعب ولا ماهي الأثمان الباهضة التي يدفعها الإنسان اليمني وبدلا من الاعتراف بفشلها ومغادرة العمل السياسي سعت تلك القيادات لإعادة أخطائها المتكررة والعاملة على إضعاف الوحدة الاجتماعية ضمن تسابقها على المناصب الخاوية من اي تمثيل حقيقة على الأرض اليمنية متخذة من القاهرة والرياض مقرا لإدارة مؤسسات الدولة التي تبعد عنهم مسافات بعيدة يصعب عليهم تلمس ابسط الحقوق الحتمية على المناصب التي تم تقليدهم فكيف بتلمس احتياجات المواطنين الذي لم يسبق لهم أن وجدو وزراء الحكومة في مقرات أعمالهم .
فغياب المسؤولية والشعور بقيمة الوظيفة العامة لمثل هكذا وزراء لم ينتج الا نفس التجربة السابقة والذي تسببت بسقوط صنعاء بيد الحوثي والخروج منها هاربين ليعيدون نفس الفشل ويتركون عاصمة اليمن المؤقتة هاربين كما سبق لهم وتركو صنعاء للحوثي وولو هاربين .
ورغم مرور خمس سنوات على هروب قيادات الأحزاب والقوى السياسية تاركة صنعاء وسكانها يعانون صلف مليشيا الحوثي وإعادة نفس الفشل بالعاصمة المؤقتة عدن و المحافظات الجنوبية التي غابت عن الأحزاب والمكونات السياسية ليعبث فيها الفراغ السياسي كان من الطبيعي أن تكون الاضطرابات أن تفرض معادلة مغايرة لرواية الحقيقة التي كان يأمل عليها الباحثون عن استعادة الدولة.
وهو الفراغ الذي يعيد اليمن إلى المربع الأول إسقاط الحوثي لشرعية في صنعاء و إسقاط الانتقالي عدن و خروج الحكومة هاربة إلى الرياض لتطالب من التحالف ممارسته الضغوط على الانتقالي لاعادتها متجاهلة أن عوامل القوة والبناء السليم لدولة ومؤسساته هي وحدها من تحفظ للحكومة هيبتها من خلال بناء ما خلفته الحرب وتلبية المطالب الشعبية واحتوى القوى السياسية ضمن إطار النظام السياسي العادل الباحث عن لملمة جراحه لنهوض بشعبه ولا يمكن لحكومة يقيم وزرائها في أزقة الرياض والقاهرة أن يبنون دولة وجلهم ممن لا خبره سياسية ولا إدارية ولا يمتلكون سجل نظيف في إدارة المؤسسات المغيبة بالااصل عن الواقع والمعرفة بالفساد والمحسوبية .
ويقول مراقبين أن غياب الكفاءة السياسية في حكومة الجمهورية اليمنية ممن لهم باع طويل في معرفة إدارة الأزمات ومخاطبة القوى الإقليمية والدولية جعل اليمن يعيش حالة من الفشل المتراكم فجل منهم على هرم السلطة السياسية في اليمن وعلى رأسهم وزارة الخارجية والإعلام لا يجدون أبجدية العمل السياسية في مخاطبة صناع القرار في أروقة الأمم المتحدة وليس لديهم أي وسائل لبناء علاقة سياسية مع الدول الفاعلة و الرئيسية في العالم .
وعلى الرئيس هادي أن يعيد النظر في تشكيل الحكومة وترتيب صفوفها واختيار فريق عمل يمتلك خلفية سياسية كبيرة ويمتلك القدرة على إقناع صناع القرار بالعالم عبر تسويق الأزمة اليمنية بأسلوب يجلب التعاطف والتعاون لا ستعادة اليمن استقرارها ومكانتها طبيعية عبر الدعم السياسي والاقتصادي لتفادي الأزمات المتعثرة نتيجة فشل الحكومات الذي توالت على إدارة البلاد منذ سقوط العاصمة صنعاء حتى اليوم.