أحلام القبيلي تكتب | ‏المظلومات من النساء

أحلام القبيلي تكتب | ‏المظلومات من النساء

بقلم / أحلام القبيلي *

تظل الفتاة في بيت أبيها تحلم باليوم الذي يأتيها فيه فارس الأحلام على ظهر حصانه الأبيض, لتُنهي حياة الوحدة والعزوبية، وتنتقل إلى عش الزوجية ، وتنعم بالسعادة.

لكن الحلم قد يتحول إلى كابوس ، بل إلى مأساة إذا كان نصيبها سيئاً “وطلع العريس لا هو فارس ولا عنده جواد”.

ومن كانوا يصفونه يوم عرسه بأنه سيد الرجال ، طلع للأسف ” عرة الرجال” وأسوأ أنواع الرجال.

وإذا عرفت أنها ودَّفت فستبكي حالها، وتردد قول الفنان نادر الجرادي رحمة الله عليه: ” الله أكبر على من شارني بالزواجة”،

وليس أمامها إلا الصبر والتحمل والرضا؛
لأنها لم تعد قادرة على الرجوع إلى بيت أهلها ، الذين يتغيرون على بناتهم إذا رجعن مطلقاتٍ،
ويصبحن عندهم شبه منبوذات ،
خصوصاً إذا رجعت الواحدة منهن ولديها أطفال،
وهي مجبرة على البقاء مع زوج السوء؛ لأن ثقافة المجتمع تقول : ظل راجل ولا ظل حيطة.

حتى وإن كان ظله “لا بارد ولا كريم” ، “لا ظليل ولا يغني من اللهب”،

فتصبر المرأة على
زوج عديم الإحساس ، لا يراعي مشاعرها ، ولا يقدر ظروفها.
لا يمسح دمعتها ولا يُطرب لضحكتها.

لا يشكرها إذا أحسنت ، ولا يكافئها إذا أتقنت ، لم يهدها وردة إلا يوم خطوبتها ، ولم يبتسم لها إلا يوم زفافها ، ويوم باع ذهبها.. أناني ، له كل الحقوق وليس عليه أي واجبات.

وتصبر على الزوج الوحش؛ سريع الغضب؛ عظيم الانفعال؛ طويل اليد بذيء اللسان، يلطم خدها ، ويسب جدها ، يعاملها معاملة الجواري، ويرفض كل لغات التفاهم ، لا تشعر بالأمان إلا إذا خرج، ولا بالاطمئنان إلا إذا رقد.

وتصبر على الزوج الراقد : الذي لا يغادر فراشه إلا ويعود إليه ، يقضي معظم يومه وليله في النوم ، لا يقوم إلا ليأكل ، ولا يجلس إلا ليشاهد التلفاز، “لا شغل ولا مشغلة” ، وليس لديه هوايات ولا اهتمامات ، ولا أحلام ولا طموحات؛ عالة على أهله ، وأحيانا يكون عالة على زوجته ، التي تعمل لتطعمه ، وتمد يدها للناس لتوفر له احتياجاته.

وتصبر على الزوج السجان : الذي لا يرى الزوجة سوى مجرد سجينة ومعتقلة، ولا يعتبر عش الزوجية إلا سجناً ومعتقلاً ، فلا زيارات ولا فُسح ولا تسوُّق ، ولا دخول ولا خروج ، حتى يصل الأمر إلى حرمانها من زيارة أهلها ، وأحياناً يتضايق حتى من زيارتهم لها.

وتصبر على الزوج الخائن -ولا يجرح قلب المرأة شيء مثل الخيانة – زوج له على الفيس صولات، وعلى الواتس جولات ، وفي كل شارع قصص وحكايات.

عينه تدور، وعقله مشغول، وكلامه للغير معسول.

لا يعجبه في زوجته شيء ، ولا يلفت انتباهه شيء ، يترك الحلال ويركض خلف الحرام.

وتصبر على الزوج المولعي : الذي يصرف ما فوقه وما تحته، وما يملكه، وما يحصل عليه في شراء القات وتوابعه من سجائر ومشروبات ، ولا يتحمل مسؤولية بيته وأسرته ، وكل ما يهمه هو المزاج والكيف ، وسعر القات ونوعه.
وتتحمل هي كامل المسؤولية ، (وفوق هذا كل شويةْ يقول لها: أشتي أتزوج)، ههههههه وعادها بتصرف على بيته مما يجود به الناس.

وتصبر على الزوج البخيل : ذلك الداء الذي لا دواء له.

وتصبر على الزوج الشكاك : بسوء ظنه ، وسوء أفكاره وسوء نواياه ، وسوء أفعاله
يتلصص ،ويتجسس، ويصطاد الثغرات ، يقتل مشاعرها ، ويهدم استقرارها ، ويجرح كرامتها ، وما شكه وسؤ ظنه إلا نتيجة لماضيه المقرف وتاريخه الغير محترم.

وتصبر على الزوج النكدي؛ الذي يبحث عن المشاكل بالسراج ،كثير المحاسبة، كثير المراقبة ، كثير المعاتبة ، كثير الطلبات والأوامر ، كثير الكلام.

وتصبر على الزوج النذل : الذي أخذها من بيت أبيها معززة مكرمة ليسومها سوء العذاب ، ويظلمها ويحقرها ، ويحملها من الأعباء ما لا تطيق ، ويقطف زهرة عمرها ثم يتنكر لها ولعيشها وملحها؛ وكأنه لم يعش معها يوماً واحداً، وما أكثرهم في الرجال.

لكُنَّ الله أيتها المظلومات، وكتب أجوركن، وفرج همومكن وغمومكن.

* شاعرة وكاتبة من اليمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى