وسيم اليافعي و (الدحابشة) .. قصة حقيقية حملت دلالتين
وسيم اليافعي و (الدحابشة) .. قصة حقيقية حملت دلالتين
تداول ناشطون على منصة التواصل الاجتماعي واتساب, مقالا كتبه وسيم اليافعي, روى خلاله قصته مع شخصان من ابناء المحافظات الشمالية جمعته بهما الصدفة امام وزارة الخارجية, وكيف نفذ عليهما عملية تمثيلية استفزازية, انتهت بانهمار دموع جميعهم وعناق محموم.
القصة ابرزت الشعور بالاخوية اليمنية الغريزية الموجودة داخل جميعهم, دونما تفريق بين شمالي او جنوبي, وهو الحاصل فعلا, فالصراع القائم ليس صراع المواطنون بقدر ما هو صراع القيادات والمسؤولين والباحثين عن مكانات ومصالح وغيره. وهو ما يجسد القيم النبيلة والانسانية داخل الانسان الجنوبي نحو اخوه الشمالي.
القصة تطرقت ايضا الى حجم المعاناة الذي يتعرض لها المواطن الشمالي سواء في اروقة الوزارات او في ازقة الظروف الحياتية نظرا للحرب التي تمر بها البلاد. وهذا من خلال سرعة ويسر تنفيذ المعاملات حين كانت مصحوبة باحد المنتميين للارض, وهذا حاصل فعلا, لانه كما اشرنا بالفقرة السابقة هناك صراع مصالح, والمسؤولين هم جزء من هذا الصراع وهم العقبة الكبيرة وراء عرقلة حقوق المواطنين, لدررجة ان هناك موظفين من ابناء الشمال مضى عليهم اكثر من عام ونصف ولم يستطيعوا استخراج مرتباتهم او اعتماد تعاقداتهم وتثبيتهم رغم وجود توجيهات من رئيس الوزراء الشابق وغيره.
اليمن ليست ضحية المواطنين الذين اصبح بعضهم عدو بعض في بعض شبكات التواصل او مركبات النقل وغيره, بل ضحية طمع افراد حولوا كل مقدرات الدولة التي يتم استعادتها تدريجيا من بين فكي الانقلاب لصالحهم, لدرجة ان الحصول على حقك الوظيفي او الراتب اصبح محرم, وبعد ان يتمكن البعض من استخراجه بواسطة وساطات…الخ تجد انه لا يمكنك ان تستلمه الا عبر كريمي الخور او الشيخ, وليس من اي فرع لبنك الكريمي في المناطق المحررة, لان خناك من يرسد ان يحصرك بالسكن بعدن, التي لا يمكن لراتب موظف يمني لا يتجاوز 70 الف ريال ان يغطي اجار يزيد عن الراتب نفسه وتكاليف كهرباء في ظل الحر بالمدينة, وتكاليف ماء وتغذية.. او ان تسكن بمدينة محررة اخري وعند صرف الراتب تسافر لعدن تستلم الراتب من كريمي الشيخ عثمان وتنفق نصفه مواصلات واكل وشرب.
ذلك النافذ نفسه هو الذي ياتي ليهجرك بعد ان فقدت منزلك ووظيفتك في صنعاء , ليعيدك اليها راكعا, عبدا, وهو ما يراه الكثير ضمن مخطط تنسيقي بين الانقلابين بصنعاء والانتقالي بعدن, لأن ما وراء الكواليس غامض جدا..
المهم.. نعود إلى مقال اليافعي.. الانسان العظيم الذي عكس الصورة الحقيقية للانسان العربي واليمني والجنوبي في وقت واحد.. والي نص المقال.
نص المقــــال:
كتب | وسيم فضل محسن اليافعي
اليوم ذهبتُ إلى وزارة الخارجية في حي (ريمي) بمدينة عدن، وكان يرافقني الأخ أبو زيد اليافعي، وهو أحد جنود الحزام الأمني في عدن، وكان يرتدي بدلته العسكرية وسلاحه الشخصي، وعندما وصلنا إلى مبنى الوزارة حوالي الساعة الثامنة صباحاً، كانت مغلقة ولايوجد فيها أحد غير الحارس، سألنا الحارس فين الموظفين؟
قال الدوام يبدأ الساعة التاسعة، ذهبنا أنا ورفيقي الجندي أبو زيد اليافعي لتناول وجبة الفطور، بينما ونحن مارون بجانب سور الوزارة، فإذا بشخصين جالسين بجانب السور تحت الشجرة، أعمارهم تتراوح مابين (25 – 26 ) عاماً، عرفناهم من أشكالهم بأنهم من شمال الوطن، كلمتُ رفيقي بأن الجماعة متخفين بسبب الأحداث في عدن وخوفاً على أنفسهم، وكلمته أيضاً بأن نعمل لهم مقلب، ذهبتُ مسرعاً إليهم وقلت لهم بوجه مغضب، ماذا أنتم فاعلون هنا؟ من أين أنتم؟ ولم يرد أحد منهم، والخوف ظاهراً على وجوههم وحركاتهم غير الإرادية، قلتُ لرفيقي هؤلاء دحابشة ، فعليك الأتصال فوراً (بأبو فلان) يجيب الطقم فوراً لتهجير هؤلاء الدحابشة الجواسيس، أو جلبهم إلى السجن!! ، أزدادت حالتهم سوءً، وتلونت وجوههم، وكانت حالتهم حالة يرثى لها، أقتربتُ من أحدهم قلتُ له أخلع ثيابك الآن لكي نفتشك، شرع في فتح صدفة الشميز، وأنا حضنته وبوسته فوق رأسه، وقلتُ له أنا أمزح معك يا أخي، أنت أخي وأبن وطني، والله لم يستطع أن ينطق كلمة واحدة، لكنه عبر عنها بالدموع، وتساقطت دموعي مباشرة بعد دموعه، ذهبتُ إلى صديقه الآخر وقلتُ له نفس الكلام، والله أن دموعهم الأثنين تساقطت كالمطر، بعد ذلك قلتُ لصديقي أذهب إلى البقالة وأشتري لنا عصائر وكعك لأن المطعم القريب من الوزارة كان مغلقاً، وتناولنا الفطور مع بعض، وعندما فتحت الوزارة أبوابها الساعة التاسعة أخذنا شهاداتهم وأدخلناها إلى الموظف المختص قبل معاملتنا، وتم إنجازها بسرعة.
يقولون أن لهم حوالي 25 يوماً في عدن يعاملون على جوازات سفر إلى السعودية وتعميد شهاداتهم في كل من وزارة التعليم العالي والخارجية، لكن الجوازات لم تنجز بعد ، ذهبتُ معهم لحالي إلى الهجرة والجوازات وكانت لا توجد زحمة كما كانت عليه قبل أيام بسبب الأوضاع، استعلمنا عن جوازاتهم، وقالوا لنا بأنها جاهزة، ذهبنا واستلمناها بدون تعب، بعد ذلك أخذتهم معي إلى مطعم زُبيدة في الشيخ عثمان وتناولنا وجبة الغداء مع بعض بالإضافة إلى رفيقي الجندي أبو زيد اليافعي، وعزمتهم على قات رفضوا قالوا بأنهم لم يتعاطون القات، وخلال لقائي بهم شرحوا لي معاناتهم بالسفر من تعز إلى عدن، وظروفهم، ومكان نومهم، ومعيشتهم في عدن، والله ثم والله العظيم، والذي رفع السماء أنهم يعيشون على وجبة واحدة في اليوم في عدن، وينامون فوق الكراتين من أجل أن ينجزون معاملاتهم.
المهم لااستطيع التحدث عن ظروفهم فهي مؤلمة للغاية، وبعد ذلك قالوا لي بأنهم سوف يذهبون إلى جولة السفينة، ينتظرون سيارة شخص من محافظة إب وهي سيارة نقل كبير للتنقل بها نتيجة ندرة المواصلات بسبب قطع الطريق على خط المواجهات وارتفاع تكاليف الأجرة فقد وصلت أجرة الشخص الواحد إلى أكثر من 25000 ريال، وذهبوا بعد أن أخذتُ أرقام هواتفهم، بعد ذلك ذهبتُ إلى مستشفى النقيب لزيارة أحد أصدقائي، ومن حسن الحظ حصلتُ صديق عزيز إمام بوابة المستشفى، وهو أبن تاجر من يافع، وشرحتُ له القصة كاملة، والله العظيم أنه قال لي: (اليوم رزقني الله تعالى بمولود جديد (ولد)، والحرمة موجودة في المستشفى حالياً بعد زواج استمر لمدة 8 سنوات والحمد لله)، وقال لي : (أنا سوف أعطيهم حق المواصلات، أتصل فيهم؟). أتصلتُ لهم، وقلتُ أنتظروني ربع ساعة وأنا عندكم، أعطاني لهم 50000 ريال، وذهبتُ وسلمتها لهم، وكانت الفرحة في وجوههم لاتوصف، وغير مصدقين الموقف، وودعتهم وروحتُ أبين.
نقول للأخوة في شمال الوطن كافة أن أخلاق الجنوبين مستمدة من الدين، الإسلامي، والجنوبيين أناس يتميزون بالنخوة، والشهامة، والكرم، والرجولة، والغيرة على الوطن، لكن تحدث أخطأ هنا وهناك نتيجة مايتعرض له الجنوب اليوم من مؤامرات قذرة من قبل، الأطراف السياسية، وكذلك المواقف السيئة للقادة الشماليين، ومافعلوه في الجنوب.
نؤكد لكم بأننا أخوة ولانحمل عليكم أي أحقاد، أنتم تعانون في الشمال مثل مانعانية نحن في الجنوب، والسبب هي السياسة، والمصالح الآنية للنخب السياسية والتدخلات الخارجية.
* من شبكات التواصل الإجتماعي واتساب.