الفرق بين التمثيل المسرحي والتمثيل في الدراما التلفزيونية
معين برس- صالح الصالح *
يختلف منظور الرؤية للمشاهد بين المسرح والتلفزيون ، ففي المسرح يرى المشاهد العرض من منظور واحد وهو الجدار الرابع الذي يقف أمامه المتفرج في حيز الفرجة أي أن المتفرج ينظر للمسرحية من زاوية واحدة فقط ، وإذا شبهناها بالفيلم أو المسلسل التلفزيوني سنشاهد الممثلين بلقطة عامة ثابتة، فجميع ما تسلط عليه الأضواء في المسرح مكشوف أمام المشاهد ، بينما يتحكم المخرج في الدراما التلفزيونية بالزاوية وحجم، اللقطة ومدة اللقطة و مكونات اللقطة وحركة الكاميرا ، فلا يرى المشاهد إلا ما يراه المخرج.
وبالتالي صار هناك تباين بين التمثيل على الخشبة و التمثيل امام الكاميرا و هنا نبين الفرق في الاداء بين هاذين النوعين من الدراما .
الممثل في الدراما التلفزيونية يجب أن يكون على خبرة بتقنيات وأدوات الإنتاج الفنية كالتعامل مع الكاميرا و الإضاءة و أجهزة الصوت و الكروما ومساحة الكادر .
الممثل في الدراما التلفزيونية يجيب أن يكون على قدر عالي من التركيز من أجل فهم التطور البسيكولوجي للشخصية ، لان الممثل يصور اللقطة بمعزل عن التسلسل الزمني للحدث ،
فقد يصور مشاهد متقطعه ومتفرقة حسب تواجده في اللوكيشن المراد تصويره قد تكون المشاهد التى يصورها من الحلقه الاولى و العاشرة و الأخيرة دون تسلسل ، لذا على الممثل أن يكون مدرك لتطور الشخصية مع أي مشهد يتم تصويره و أن اختلف التسلسل الزمني أو المكاني ، كمان أن على الممثل في الدراما التلفزيونية ان يحافظ على نفس الأداء والراكور و الانفعال والاحساس عند إعادة اللقطة أكثر من مره فالممثل الضعيف الغير متمكن من أدواته يصعب عليه الأداء عند الإعادة أكثر من مره فيتأرجح الانفعال ويكون اقل صدقا و يخرج من الشخصية التى يجسدها و يعود إلى شخصيته الواقعية وبالتالي يكون هناك خلل في الأداء وطابع الشخصية رغم أن تقنيات الإنتاج التلفزيوني المتطورة تسمح بتصوير أدق الانفعالات والايحاء بالمصداقية ، ولا تتضح استمرارية الشخصية و تطورها الا لاحقا بعد إكمال عملية المونتاج .
الاداء في الدراما التلفزيونية لا يتطلب التدريب الكثير يكتفي بتحضير المشهد على الطاوله و بروفه أو بروفتين للأداء وبروفه كاميرا ليوضح المخرج رؤيته لتصوير المشهد من حركة كاميرا و حدود كادر المشهد و من ثم التصوير الفعلي للمشهد .
اما في المسرح يتطلب من الممثل التدريب الجماعي الكثير والمكثف ولمدة طويلة.
الممثل في المسرح يعيش الانفعال المتطور دراميا على الخشبة دون أن يكون هناك انقطاع فالاحداث متسلسلة و الاحساس متدفق ويتأثر بردود أفعال المتفرج في الصاله مما يعطي الممثل مجد السيطرة على احساسة و انفعالاته حتى نهاية العرض ، بينما يغيب تفاعل الجمهور مع الممثل في العمل التلفزيوني لأن المسرح فن “هنا الان” يقدم الممثل جسد وأداء حي دون وسيط ، بينما تقدم الدراما التلفزيونيه بعد فترة من إنجازها و يغيب فيها التواصل الحي بين الممثل و المتفرج .
- الحركة في دراما المسرح و التلفزيون :
لابد على المخرج و الممثل في العرض المسرحي بالتعاون مع السينوغرافيا ملأ الفضاء المسرحي وفق رؤية إخراجية تجعل من البنية البصرية لوحة متكاملة متماسكة تتحد فيها كل مقومات العرض لتعطي المتلقي البعد الجمالي و المعنى الدرامي ، كما يتطلب على الممثل المسرحي التعبير بكامل جسده، من أطراف أصابع رجله إلى شعر رأسه،
ليعطي الخشبة حيوية دون إهمال اي من اجزاء ها ولذا يحتاج إلى المبالغة في الآداء أكثر من التصرفات والحركات في الحياة الطبيعة.. فلو كان آداء الممثل واقعي كما الحياة في الطبيعة، سيكون الآداء رتيب وممل، سيهبط إيقاع العرض ولن يجد الجمهور المتعة ، ويشعر بفراغ كبير في المسرح.
لكن في الدراما التلفزيونية و السينما الاقتصاد في الحركة .
يتطلب على الممثل امتثال الواقعية كما في الحياة الطبيعة.. فلا يتحرك حركة من غير هدف، ولا يعطي تعابير أكثر من اللازم لان بإمكان المخرج شدّ الإيقاع عن طريق أحجام اللقطات، حركة الكاميرا وزوايا التصوير والمؤثرات الصوتية .. فالمبالغة في الآداء ستكون مُنفّرة للمشاهد.
في الدراما التلفزيونية بإمكان اللقطة القريبة أن تنقل ملامح الممثل و حالته الانفعالية من حزن أو فرح أو غضب أو امتعاض بابسط تعبير و دون المبالغة وتكون كافية لإيصال الإحساس المطلوب .
في المسرح تعابير الوجه الحادة لوحدها غير كافية في المسرح لمشاهد يتابع العرض على مقعده البعيد ، فيتطلب على الممثل أن يعبر بكامل جسده وأن يتحرك في كامل أرجاء المسرح ليملأ فضاء المسرح لان المشاهد ينظر إليه من زاويه واحدة واسعه فقط .
- مخرج وناقد من اليمن