مسلسل ” جعفر العمدة”.. الاول جماهيريا

معين برس- كتب/ صالح الصالح *

شهد هذا الموسم معارك تنافسية درامية ساخنة ، بين اغلب الأعمال العربية الكبيرة ، التى قدمت للمشاهد العربي في أغلب القنوات الفضائية العربية المعروفه ، ومنها قناة mbc
التى استحوذت على اكبر قدر من المنتج الدرامي لهذا الموسم .

ليكون ضمن خارطة برامجها الرمضانية مسلسل ” جعفر العمدة ” ، الذي جسد بطولته النجم المصري العربي ” محمد رمضان”
إلى جانب عدد من نجوم الدراما المصرية ” هالة صدقي و زينه ، مي كساب ، منذر رياحنه ، احمد داش ،ايمان العاصي … وغيرهم”
ومن تأليف وإخراج داهية فن الاخراج الدرامي ” محمد سامي ” .

هذا العمل الذي تدور احداثه الدرامية في فضاء شعبي “حي السيدة زينب ” أحد أحياء مدينة القاهرة ، الذي نشأت فيه الأحداث و نمت وتتطورت منبثة من منزل ” جعفر العمدة ” الرجل الثري ، المتزوج من اربع نساء كل واحدة منهن من بيئة مختلفه عن الأخرى ، و يبدأ اول فعل درامي محرك للاحداث من المستشفى، حيث الزوجة الأولى أنجبت طفلا لجعفر العمدة ، و تأتي ضرتها بطريقة ماكرة غيوره بختطافه و اخفائه و تخفي معه ادوات الجريمة وكل الأدلة ، ومن هنا تنامت الحكاية و تطورت ، ليمتد زمن الحكاية عشرون عاما ، من و لادة الطفل واختافئه المفتعل ، حتى اكتشافه وعودته إلى حضن والدة جعفر العمدة ، خلال هذه الفترة الكبيرة برزت الأحداث و تسارعت وتشابكات عدة صراعات ، منها داخلية جثمت على قلب و تفكير جعفر الذي عاش الم فقدان ولده الوحيد و الجري في البحث عنه ، والصراع الخارجي ، الذي نشأ بين جعفر العمدة ، و أسرة فتح الله التى تحمل تراكمات من الشرور المتوارثة و المكتسبة، و هناك صراع ثالث بين الطبقة المخملية الثرية التى ترى أن العامة و الفقراء و الشعبويين مجرد جهلة و اغبياء و بؤرة الانحطاط السلوكي ، و الطبقة الوسطى والفقيرة التى ترى من طبقة الأثرياء أنهم مجرد لصوص و جبناء و التى يمثلها جعفر العمدة ، الذي استطاع هزيمتهم بلغة المال التي يتحدثون بها ، و أن يكسر هيبتهم في أكثر من موقف ، حتى أصبح البطل الشعبي الذي يجمع بين الثراء و الشجاعة و القيم الرصينة ، إلى جانب كونه الاب الجريح الذي يبحث عن فلذة كبدة في وسط مؤامرة كبيرة ، حيكت خيوطها من غرفه نومه عن طريق زوجته الغيوره الشريرة ، بالمحصلة نرى مجموعة احداث و حبكات تتقاطع مع بعضها احيانا و تتوازى احيانا اخرى و تتميز الحبكات الجانبية لهذا العمل أنها لا تغفل الحبكة الرئيسية و لا تبتعد عنها فجميعها في مسار واحد نحو الوصول إلى الثيمة الرئيسة و الذروة التى ينتظرها المشاهد و يتطلع للوصول إليها .

الاكتساح الجماهيري :

نجح العمل جماهيريا بصورة ملفته جدا ، لم يصل إلى هذا النجاح اي منتج درامي لهذا الموسم ، ووراء هذا النجاح جملة من الأسباب منها على سبيل المثال لا الحصر :

  • النجم “محمد رمضان” العنصر الاقوى والفعال في نجاح العمل، كونه يتمتع بحضور ملفت رهيب ، محترف فن الشخصيات الرصينة التى تكمن قوتها في ثبات الملامح ، و تماسك الانفعال ، و الاقتصاد من الحركة و الثرثرة ، يتحدث للمشاهد بانفعاله الداخلي ، أكثر من الخطاب المباشر ،
    كما يتقن الخفه الانتقال بخفه من انفعال نفسي إلى آخر ، إلى جانب ما يتمتع به من نجومية كبيرة لم يصل إليها اي نجم عربي .

القصة التى ولدت من الحارة الشعبية
بطلها رجل نبيل ثري تجده إلى جوار المساكين و المظلومين ، يتمتع بالقوة و الشهامة و المروة ، لا يجامل أو يداهن ذوي الثراء على حساب شخصيته و هيبته ، أو أحد من أفراد حارته الشعبية ، لذا تماهى معه المشاهد و مع شخصيته التى تمثل اغلب الشعوب في الوقت الراهن و الذين يتطلعون إلى وجود الفتوة العادل الذي ضاع في ألاوسط الشعبية ، وما زاد تعاطف المشاهد معه فقدانه لابنه الوحيد الذي الب عليه أحزانه التى لما يشاركه فيها أحد فقد أسرها في نفسه وأقنع من حوله أن ابنه قد مات و دفنه بيده فهو يطفئ حزن من حوله ليحمل حزنهم و يعيش عشرون سنه بحثا عن ابنه في حسره تجسدها عينين حزينتين و حشرجات الصدر التى تخرج في همهمات الكلام ، ايضا
“محمد رمضان ” يختلف في جعفر العمدة عما قدمه من قبل وذلك من خلال التنوع النفسي المركب الذي اتقنه ، فهو الغيور على أسرته و أبناء ، حارته ، وهو العاشق الرومنسي الذي يجيد العزف على عواطف النساء ، و هو التاجر الذكي الناجح ، و هو المنتقم الذي لا ينسى ثأرة ولا يترك أحد أن يدوس له على طرف ، و هو العطوف العادل مع أبناء حارته ، وهو الشديد الحازم أمام أي خطأ ترتكبه زوجاته ، و هو المغرور أمام أهل التعالي و النفوذ ، وهو الغامض بحزنه و افكاره و نواياه ، شخصية مركبه تركيب نفسي غير طبيعي ورغم ذلك لعبها رمضان بحرفيه تامة .

وجود ثنائي قوي متميز ومبدع ، مثل محمد رمضان و محمد سامي في هذا العمل جعل للعمل صدى و ثقل كبير وكلاهما فارسان لا يشق لهم غيار في مجال الدراما ، كمل كلا منهم الاخر و استطاع المخرج أن يلبس نجومه شخصياتهم بحتراف متناغم جميل .

حمل هذا العمل مجمل من السلوكيات والممارسات التى يعيشها اغلب المجتمعات اليوم فكانت قريبه من المشاهد كالغيرة و الغدر و الخيانه و الظلم و المكر و الخداع و الاستعلاء الطبقي و التفكك الأسري و الأزمات الاقتصادية و انتشار الجريمة و الظلم الاجتماعي للمرأة … وغيرها ، هذه الثيمات القريبة من الناس جعلت المتلقي يحب العمل و شخوصه .

الفنانة القديرة هالة صدقي حضور متميز ، كأننا لم نراها من قبل اضفت للعمل جو خاص ونكهه جميله لا يجيدها سواها ، أتقنت الدور و احبها الجمهور و أقنعت الجميع بدور الام ذات القلب الرحيم الطيب و النفوذ المسبوغ بالنكته والظرافه و الحزم احيانا و الحزن الذي يصافح القلوب احيانا اخرى ،
هالة صدقي هامة كبيرة أضافت للمسلسل الجمال والرونق البهي .

رغم أن الفكرة قديمة و تقليدية
الا ان محمد سامي استماع أن يبث فيها روح جديده لا تقارن بغيرها على مستوى النص و الرؤية الاخراجية.

” ناقد ومخرج يمني

جعفر_العمدة_الاول_جماهيريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى