الصحافة السعودية تشتعل غضبا إثر هجوم شنه الفنان محمد عبده ضد الراحل أبوبكر سالم
معين برس- متابعات:
على الرغم من مرور أيام على حديث محمد عبده الأخير الذي تناول فيه عدداً من الفنانين السعوديين البارزين، الأحياء منهم والراحلين، فإن أصداء تلك التصريحات لا تزال تشغل رواد مواقع التواصل الاجتماعي والوسط الفني السعودي.
وطاولت نيران “فنان العرب” في حوار أجراه معه الإعلامي السعودي علي العلياني عدة فنانين بارزين، على رأسهم طلال مداح، الذي نال حديث محمد عبده عنه الشق الأكبر من الجدل، إذ سأل العلياني الفنان الضيف عن عدد من الفنانين الذين عاصرهم من ضمنهم مداح، “هل نستطيع أن نقول إنهم خلقوا إرثاً لا يزول؟”، فأجاب، “كإرث غزلي نعم تركوا، لكن الإرث الوطني هو اللي يبقى، عدّ معي، ماذا تركوا من أغانٍ وطنية؟”، مدعياً أن طلال مداح سرق لحن أغنية “وطني الحبيب” التي تُعد من كلاسيكيات الفن السعودي من أغنية أخرى.
أغنية الـ”أكزخانة”
وقال الفنان السعودي إن طلال مداح سرقة لحن أغنية “وطني الحبيب” الشهيرة من أغنية شعبية “غنوا معايا للسمر والسمر عاجبنّي، غنوا وقولوا للسمر أصل الدلال مني”، معتبراً ذلك لا يليق بأغنية وطنية، قائلاً، “الفنان يجب أن يعطي أحسن ما عنده لوطنه”.
إلا أن نيران الحوار المثير في برنامج “مراحل” على قناة “أس بي سي” قد طاولت آخرين، عندما بدأ علي العلياني بتعداد أغاني أبو بكر سالم بلفقيه الوطنية، قبل أن يصف عبده لحنها بأنه يشبه دفع سيارة معطلة إلى “أكزخانة العربيات”.
في حين وصف أغاني الفنان عبد المجيد عبد الله بـ”المرحلية”، وعبادي الجوهر ورابح صقر لا يطربانه على العود.
ورد الناقد الفني يحيى مفرح زريقان، على عبده بخصوص سرقة لحن أغنية “وطني الحبيب”، قائلاً “(وطني الحبيب) لحنت وغنيت وسُجلت في الإذاعة بتاريخ 1961، وأغنية (غنوا معايا للسمر)، وهي أغنية لطلال مداح أيضاً لحنها عمر كدرس وسجلت في عام 1964 إلى عام 1968، فمن سرق من؟”.
مكر الزمان
محاكمة إرث الراحلين كان أكثر ما أثار النقاد، متسائلين “لماذا يعتقد محمد عبده أنه في مأمن من أنه سيسلم من الانتقاد وسقوط الآخرين فيه؟”.
إذ علق الناقد الفني يسري زيدان، “لدى محمد عبده تاريخ طويل من الفن والإبداع وإرث يمتد لعشرات السنين، بناه بجهد استغرق منه فترات طويلة، بعد كل هذا ألا يخشى أن يسحب التاريخ بساطه من تحته وينسف فنه بعد رحيله؟”.
محمد عبده والألحان الشعبية
فيما أشار الكاتب محمد الشهري إلى أن الواقف على نتاج الفنان محمد عبده من ألحانه لمئات الأغاني “يلمس أنها تنطلق في أغلبها من أرضية واضحة لألوان شعبية وأنغام وإيقاعات فلكلورية، فضلاً عن الأغاني التراثية المعروفة التي تغنى بها”، في حين لا يعتبر أحد هذا سرقة.
وقال الشهري “أتذكر في هذا الصدد مناظرة مجالسية جمعت بعض شعراء الأغنية والمهتمين بالفنون الشعبية والصحافيين قبل عدة سنوات على هامش مهرجان الجنادرية، وكان محور تلك المناظرة المقارنة بين العملاقين محمد عبده وطلاح مداح، وليلتها أثار أحد المتحدثين جزئية الإبداع الموسيقي لدى طلاح مداح في مقابل الروح الشعبية والمخزون التراثي الكبير الذي يحفظه الفنان محمد عبده ويستقي منه ألحاناً شهيرة، وفي سياق هذا الموضوع ذُكرت أمثلة عديدة لألوان تراثية تعامل معها محمد عبده بمعالجات تطويرية حديثة”.
وأوضح الشهري أن من ألحان محمد عبده ذات الجذور التراثية “دستور، يا مركب الهند، يا منيتي يا سلا خاطري، لو كلفتني المحبة، يا صاح، وا قلبي اللي، ولم يرَ في وضع اسمه على هذه الأغنية سرقة أو مصادرة للتراث”.
وأضاف “بعض الألوان من تراث الغناء العربي التي تعامل معها الفنان محمد عبده مثل الموشح الأندلسي (جادك الغيث) الذي نعرفه بصوت السيدة فيروز، جيّره أبو نورة لاسمه لمجرد أنه استخدم إيقاعاً مختلفاً وتغنى به في أغنية (لو وفيت)”.
كان العشم أكبر
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من أغنية “ما تقول لنا صاحب” لطلال مداح التي يقول في إحدى وصلاتها “كان العشم أكبر”، بخاصة وأن هذا الهجوم لم يكن الأول من نوعه.
إذ سبق لمحمد عبده أن قال إن “مطبخ طلال مداح لم يكن نظيفاً”، مشيراً إلى الفريق الذي كان يجالسه ويعمل معه، ما دفع المتابعين إلى التساؤل عن سبب تنصيب عبده نفسه ناقداً لزملائه.
“أزمة طلال”
وقال يحيى مفرح زريقان، إن هناك لغطاً يجب تصحيحه، وهو أن “طلال مداح ومحمد عبده من الجيل نفسه، وهذا الحديث غير صحيح ألبتة، فطلال مداح من جيل أقدم”، وبالتالي لا يتنافسان من الأساس.
وأشار إلى أن السبب في اللغط هو “الفريق الخاص الذي صنع محمد عبده كان ذكياً جداً في البداية عندما ربطوا تاريخه بتاريخ طلال، إلا أن المعادلة انقلبت ضده، إذ لازمته المقارنة بطلال مداح بسبب تفوق طلال، ليصاب بأزمة طلال مداح حتى الممات”.
وفند زريقان هذه النقطة قائلاً “استثمر فريقه نجاح ونجومية طلال مداح الطاغية في الوطن العربي أجمع بمقارنة عبده به، ولكن من خطط لهذا المشروع لم يدرك أن الأمر سيصبح وبالاً عليه في النهاية بسبب المقارنات المستمرة”.
ووصف زريقان تاريخ طلال مداح بالقول “النجاح الذي حققه طلال لم يحققه الآخرون، فهو كان السبب في قبول المجتمع لثقافة الغناء، فهو عازف ملحن ومبتكر وخلاق، وأجمع عليه الوطن والإقليم العربي بأنه شخصية ملهمة ومبدع وشاعر”.
وقال أيضاً “محمد عبده غير مؤهل للحديث الإعلامي، وذلك بعد تكرار ظهوره السلبي والمسيء للخطاب الفني السعودي، وهذا ما يعزز من الصورة السلبية بأن محمد عبده مؤدٍّ جيد، ولكنه لا يحسن الحديث ولا يملك ناصية الكلمة”.