اللواء عبدالرحمن اللوم: قائد الملاحم البطولية وحارس حدود الجمهورية

معين برس- وديع الأصبحي:

هناك أوقات في حياة الأمم لا تختار فيها القادة، بل تصنعهم الظروف، وعندما تصنعهم، تصنعهم من معدنٍ لا يصدأ، ومن إرادةٍ لا تُقهر، ومن عزيمةٍ تتحدى المستحيل. في قلب هذا المشهد اليمني المتلاطم، يقف اللواء عبدالرحمن مجاهد اللوم الوادعي، قائد محور البقع وقائد ألوية التوحيد، كأنه جبلٌ يواجه العواصف، صامدًا لا ينحني، وراسخًا لا يهتز.

القائد الذي تنبض تحركاته بروح الأمة

ليس عبدالرحمن اللوم قائداً عسكرياً فحسب، بل هو روحٌ متقدة بحب اليمن. رجلٌ تجده حيث يجب أن يكون الرجال: بين الغبار وأزيز الرصاص، في الصفوف الأولى. تتجلى قيادته في لمسات بسيطة، كأن يربت على كتف جندي منهك، أو يقف بجواره في الخندق، ليجعل الميدان عائلة والجمهورية إيمانا مشتركا. إنه قائدٌ يعيش اللحظة، لكن عينيه دائمًا على المستقبل، على يمنٍ حرٍ، لا تقيده قيود الإمامة ولا يطاله ظلام الاستبداد.

حينما يتحدث عبدالرحمن اللوم، تكتشف أنك أمام شخص نُحِت من صخر المسؤولية الوطنية. كلماته ليست خطابات جوفاء، بل بوصلة تُشير دائما نحو الكرامة والنصر. إنه قائد يعيد تعريف مفهوم القيادة، حيث لا مكاتب ولا راحة، بل ساحات معارك وقرارات تُغيّر مجرى التاريخ.

النضال.. ميراث العظماء

عبدالرحمن اللوم لم يولد قائداً بين عشية وضحاها، بل هو نتاج مسيرة نضالية متواصلة. ينحدر من دماج، أرض الجبال الراسخة، وموطن المواقف العظيمة. أسرة اللواء اللوم ليست مجرد عائلة، بل هي مدرسة وطنية متكاملة. قدمت هذه الأسرة 21 شهيدًا، بينهم شقيقه البطل عادل مجاهد اللوم، وشهدت جرائم لا تزال شاهدة على بشاعة المشروع الحوثي.

في دماج، بدأ النضال. كانت البداية عندما وقفت القبائل في مواجهة أول موجة لتيار الكهنوت الحوثي. هناك كان عبدالرحمن شابًا، لكنه حمل السلاح كأنه يحمل إرث اليمن كله. في معركة دماج الأولى، حشد الرجال وطلبة العلم، وصنع من المستحيل حقيقة، فوقف في وجه الحوثيين لثلاثة أشهر، ليُثبت أن النصر لا يُقاس بالعدد بل بالإيمان.

ورغم أن الجولة الثانية انتهت بسقوط دماج، إلا أن اللوم لم يسقط. خرج من المعركة أقوى، وأكثر إصرارًا على مواصلة المسيرة. كان يعلم أن الوطن أكبر من معركة واحدة، وأن من يسقطون ينهضون إذا كانت عزائمهم أقوى من العواصف.

إعادة التكوين: من اللجوء إلى القيادة

عندما سقطت صنعاء في قبضة المليشيات الحوثية، غادر اللواء عبدالرحمن إلى المملكة العربية السعودية، ولكن خروجه لم يكن هروباً، بل كان استراحة مقاتل يعيد ترتيب صفوفه. وفي لحظة مفصلية من التاريخ، مع انطلاق عاصفة الحزم بقيادة المملكة، عاد عبدالرحمن إلى الميدان، ليس كلاجئٍ يبحث عن الأمان، بل كقائدٍ يحمل حلم التحرير في قلبه وسلاحه.

في عام 2018، وضع اللبنات الأولى لتأسيس لواء التوحيد. لم يكن مجرد لواء عسكري، بل كان فكرةً ثورية تهدف إلى تحرير صعدة، قلب المشروع الحوثي. قاد عبدالرحمن معارك شرسة، حقق فيها انتصارات لم تكن مجرد مكاسب جغرافية، بل كانت انتصارات على الخوف واليأس.

الرجل الذي يعرف كيف يصنع الانتصارات

تحت قيادته، استطاع لواء التوحيد تحرير سلسلة جبال رشاحة، ومنطقة الخشباء، وفتح جبهات جديدة في جبال المليل. لم تكن هذه الانتصارات مجرد أخبارٍ عابرة، بل كانت صدى يُسمع في قلوب اليمنيين. أدرك الجميع أن عبدالرحمن اللوم ليس قائدًا عادياً، بل هو رمزٌ لقوة الإرادة اليمنية، ودليلٌ حي على أن الوطن لا يموت ما دام هناك رجال مستعدون لحمايته.

قائد بقرار من الميدان

الإنجازات التي حققها عبدالرحمن اللوم لم تمر دون أن تلفت الأنظار. وفي عام 2020، صدر القرار الجمهوري بتعيينه قائدًا لمحور البقع وقائدًا للواء الخامس احتياط (ألوية التوحيد)، وترقيته إلى رتبة لواء. لم يكن هذا القرار مجاملة، بل كان تكريمًا لرجلٍ أثبت أنه يحمل راية الوطن في كل خطوة يخطوها.

الرمز الذي يستحقه اليمن

اليوم، يقف اللواء عبدالرحمن اللوم كأحد أبرز رموز الجمهورية. إنه الرجل الذي لا تختصر أفعاله في كلمات، ولا تفيه المواقف حقه. هو القائد الذي يجسد الأمل، ويثبت أن الجمهورية لن تُهزم طالما هناك رجال يحمونها.

هذا المقال ليس مجرد سيرة ذاتية لقائد عظيم، بل هو رسالة إلى كل يمني، مفادها: أنتم تملكون رجالاً كعبدالرحمن اللوم، رجالًا لا يعرفون المستحيل، ولا يقبلون إلا النصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى