مصطفى محمود يكتب عن| خلاصة الحياة.. وناموس الطبيعه
مصطفى محمود
تقع الفريسة في غابات الطبيعة بين أيدي أقرانها الحيوانات المفترسة ينهشون جسدها حية في الوقت الذي يقوم فيه مصور محترف بتصوير المشهد دون تدخل أو تعاطف!! يفعلها الأسد المفترس ليطعم هو أيضاً أطفاله الأشبال فلا يموتون جوعاً، مشهد ليس فيه ظالم أو مظلوم فهو صراع البقاء والبقاء للأقوى، إنه قانون الحياة وناموس الطبيعة.
هذا المشهد يتكرر في غابة حياتنا أيضاً بشكل أو بآخر في كل لحظة، فالحياة ظالم ومظلوم، قاتل ومقتول، جاني وضحية، في قانون الحياة لا أحد يحترم الضعيف حتى نظلمه دون أن نشعر أو ننتبه حتى لو كان أقرب أقربائنا، وئدنا البنات تحت التراب ثم فوق التراب، وئدنا شعوب وشردنا أخرى في حروب جائرة ثم رفعنا شعارات حقوق الإنسان، ذبحنا وتغذينا على كل أصناف الكائنات الحية ثم نادينا بحقوق الحيوان والرأفة به، بل وتغذينا على الأخضر واليابس حتى دمرنا البيئة بما فيها، هو ناموس الحياة المتقن بكل ما يختزله من ألم ومعاناة. ليس هناك من يدافع عن معاناة الآخرين طالما هي ليست معاناته، أو حق الآخرين طالما ليس هو حقه الضائع، في قانون الحياة القوي يقتل الضعيف، الكبير يهزم الصغير، الفاشل يتآمر على الناجح، المنافق يتفوق على الصاد
ق،الحياة تؤخذ بالقوة ولا عزاء للمثاليين!
قد لا يكون للحياة معنى، فالمعنى هو ما نصنعه، وما نخلقه في أذهاننا عندما نحلم ونتمنى، ذلك من أجل خلق وجود أكثر رحمة يستحق أن نفتخر به، ربما يصبح من الحكمة أن نتقبل ما نحن فيه، وندرك أن الشر متأصل في هذا العالم، ولا معنى لما يسمونه خيراً في ظل هذا الخراب الذي نحاول أن نتكيف معه، لذا نندد ونحتج على غياب الخير لا أكثر، ربما خوفاً من أن يلحقنا نحن أيضاً شىء من الظلم وعذاباته.
هل كان بالإمكان تغيير الواقع، تصحيح العبث، هل كان بالإمكان خلق الجنة على الأرض لا انتظارها في السماء؟ بعيداً عن منطق القوة والبقاء للأقوى؟
لا أظن، في النهاية ندرك متأخرين سذاجة نظرتنا إلى الحياة، وأن الحياة لا ترحم أصحاب القلوب الحساسة، في قانون الحياة نترك العالم يتألم ونمضي، نبكي قليلاً ،نصلي كثيراً، ونراقب عدالة السماء.