بعد 8 سنوات حرب.. هل يخرج اليمن من بين مطرقة الحوثي وسندان السعودية؟
معين برس- خبر للأنباء:
بعد ثماني سنوات من الحرب التي قادتها السعودية ضد مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً التي انقلبت عسكرياً على النظام في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، هرولت الرياض بتسارع نحو الأخيرة، في خذلان مشين لأكثر من نحو 30 مليون نسمة تحملوا تبعات هذه الحرب اقتصادياً واجتماعياً، على وعد حلفائها الذين تركتهم خلفها بمؤازرتهم حتى النصر المبين.
قال محللون سياسيون لوكالة خبر، إن المؤشرات الأولية لزيارة السفير السعودي في اليمن والوفد المرافق له، للعاصمة المختطفة صنعاء، تشير إلى أنها ليست إلا تمكيناً لمليشيا الحوثي من مصير أكثر من 30 مليون نسمة ومضاعفة معاناتهم بعد 8 سنوات من الحرب والتشرّد والضياع.
بينما أكد محللون عسكريون، أن المعطيات الأولية لما تحاول الرياض القيام به في اليمن لا علاقة له بالسياسة إن كانت تعتبرها سياسة. ففي السياسة، الحوارات تسبق العمليات العسكرية وليس العكس.
إذن، هل هو الاستسلام المغلّف، أم أنها النوايا المبيتة سلفاً لاستبدال اليمن الجمهوري، بكنتونات وجيوش وتناحرات طائفية ومناطقية؟ هذا التساؤل الذي يردده الملايين، يجيب عليه المحللون، بالقول: “الخيار الثاني هو الأقرب”، مستندين في ذلك إلى ما حققته المليشيا من مكاسب ميدانية وعسكرية واقتصادية خلال سنوات الحرب الثماني، إضافة إلى آثار الحرب اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً على ملايين المواطنين، بعد أن أوصلتهم إلى حالة استجداء الاستقرار من المتحاربين، مشيرين إلى أن الرياض والحوثيين يرغبان في ديمومة الصراع في اليمن، لضمان استمرار بقائهما في التحكم بصناعة القرار.
ماذا تريد الرياض؟
ويظل السؤال المطروح لملايين اليمنيين وآلاف السياسيين والناشطين، ما الذي تريده، أو تسعى إليه الرياض؟ الرياض لم تحسم التباين القائم بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي الذي رعت إعلان تشكيله في 7 أبريل 2022م، (قبل عام من الآن)، وكأنها أرادت له أن يكون (كذبة أبريل الرئاسية)، فاختياره في ذلك الشهر ليس اعتباطاً، فهو لم يحقق ولو اليسير مما وعدت به مصفوفة الإعلان، ومع ذلك تركته جانباً وحيدته من جميع مشاوراتها ولقاءاتها مع الحوثيين.
نفس التحييد أظهرته مليشيا الحوثي عبر فريقها المفاوض الذي التقى السفير السعودي والوفد المرافق له، وكذلك وفد الوساطة العماني، حينما حصرته بأشخاص من قياداتها السلالية فقط. وهذا القاسم المشترك لصعدة والرياض يعيد إلى الأذهان قاسم التجويع والحصار والدمار لثماني سنوات.
ما مصير البلد وحلفاء السعودية، في ظل التفاهمات الأخيرة، وهل ستقبل مليشيا الحوثي التي تعتبر لنفسها الحق بالسلطة والولاية (وفق مفهومها) بشركاء لها في حكم اليمن؟
جميع السيناريوهات وإن طفت تراشقات إعلامية بين صعدة والرياض، إلا أنها ذر للرماد في العيون، تشير الوقائع إلى أن علاقة الحميمية بين طهران والرياض بدأت مبكرة، وإعلانها في مارس الماضي، ليس إلا إشهاراً لتبني مولودها المشترك اللذين قررا تبنيه في صعدة.
هكذا يقرأ ناشطون يمنيون تفاصيل الزيارة ورسائل غزل سياسي، بعثها كلاهما لبعض الساعات الأولى من الزيارة على منصة تويتر.
خذلان مبكر
وذكّر حقوقيون وناشطون يمنيون، الرياض بأن إطلاقها “عاصفة الحزم” العسكرية في 26 مارس/ آذار 2015م، ضمن عملية عسكرية واقتصادية ودبلوماسية واسعة، جاء دعماً لتحرير العاصمة صنعاء واستعادة النظام الجمهوري.
وتحمل اليمنيون، حالة الحظر البري والبحري والجوي التي فرضها التحالف على كامل البلاد، رغبة في الخلاص من المليشيا التي عاقبتهم على هذا الصمود بمزيد من العقوبات والتضييق، حين فتحت أبواب أكثر من 110 معتقلات، بحسب تقارير دولية، واقتادت إليها عشرات آلاف العسكريين والسياسيين والإعلاميين والناشطين والحقوقيين والمدنيين بينهم نساء وقاصرون، وفرضت قيوداً على الحريات، وقمعت عسكرياً الزعامات القبلية المناوئة لمشروعها، وأجبرت أخرى على التحشيد والتجنيد للقتال في صفوفها.
كما رفضت دفع رواتب الموظفين، وفرضت جبايات وإتاوات شبه أسبوعية، واستحدثت قوانين ومؤسسات موازية، وشرعنت لنفسها نهب ثروات وأموال المواطنين تحت مسمى “الزكاة، الخُمس، الأوقاف… وغيرها”..
الناشطون ذكّروا السعودية، أيضاً، التي تقود هذا التحالف، بأن اليمنيين ضمدوا جراحهم أيضاً على عشرات الآلاف من أبنائهم الذين قتلوا من أجل استعادة الدولة والنظام الجمهوري والحرية، عوضاً عمن فقدوا في ضربات جوية مباشرة أو خاطئة في قاعات المناسبات والعزاء والطرقات والمساكن وغيرها، متسائلين: ماذا يمكن القول لذويهم عند تسليم البلاد رسمياً أو ضمنياً لذراع إيران في اليمن، مليشيا الحوثي.
وأشاروا إلى أن الشعب تحمل الظروف المرافقة للحرب لثماني سنوات رغبة منهم في الخلاص من الحكم الحوثي الكهنوتي، رُغم أن خذلان التحالف تجلى مبكراً منذ العام 2016م، بتعثر التقدم في جبهات تعز، صعدة، البيضاء، وحجة، قبل أن تبدأ (الحكومة والتحالف) بالتراجع في جبهات الضالع في العام 2017م وتسليمها مديرية دمت، قبل تسليمها قعطبة مطلع العام 2018م، يليها خسائر فادحة في العام 2020 عقب انسحابات عسكرية من تخوم صنعاء شرقاً إلى مشارف مدينة مأرب، وأيضاً في الجوف المجاورة لها حتى مدينة الحزم مركز المحافظة، بالإضافة إلى ما تعرضت له المقاومة الشعبية وبعض الوحدات العسكرية في جبهات البيضاء، وتسليمها أكثر من 3 مديريات في غضون أيام.