تغاريد غير مشفرة| امتهنت كرامتنا ومُرّغ وجه القضاء بالوحل

أحمد سيف حاشد

في مواجهة معالي وزير العدل، وفي جلسة برلمانية لم يتم بثها.. سألتُ وزير العدل:
العشرات من الملتحقين بمعهد العالي للقضاء صدر حكم قضائي ضدهم، يمنعهم من الالتحاق بالمعهد، ولكن لم ينفذ الحكم القضائي حتى اليوم!!

الفاشلين التحقوا بالمعهد، واستمروا حتى تخرجوا منه قضاة على حساب المتفوقين المستبعدين رافعين الدعاوى.

إذا زارة العدل لا تحترم الأحكام؛ فمن يا ترى بعدها سيحترم القانون والقضاء والأحكام القضائية؟!

أجاب الوزير:
المعهد العالي للقضاء أخذ كثيراً من الوقت عندما ناقشنا الأمر في مجلس النواب عام2021 حضرنا ودخلنا مرحلة استجواب لا سؤال.


  • تعليقي هنا:
    لقد كانت إجابة الوزير لا تخلو من مخاتلة، ومحاولة لتخطي الخوض في الموضوع حتى لا تنكشف التفاصيل المؤلمة في القضية، وما تم تمريره في مجلس النواب يثير في النفس كثير من الحزن الثقيل الذي لا يغادر صاحبه.

لم يجد الطلبة نصرة من قبل وزارة العدل، ولا من مجلس القضاء الأعلى المحكوم على بعض أقاربهم، ولا من جهة القضاء الأعلى درجة في البت السريع في القضية، ولا من القائمين على تنفيذ الأحكام باعتبار الحكم الإداري يجب فيه وقف الضرر.

وجد الطلاب المستبعدين أنفسهم في متابعة مضنيه وطويلة دون حصاد، وتآزر الإحباط عليهم من قبل الجميع، و فرضت السلطة أمرها الواقع عليهم، وقطعت عنهم كل ملاذ، وأخمدت كل بصيص أمل، ولم يبق أمام أولئك الطلاب المنكوبين غير تشيع وقبر شهاداتهم، وشهادات تفوقهم، وملفاتهم، في لعنة تاريخية ستظل دون مبارحة عالقة في الأذهان، ولن تزول من الوعي.. احتجاج سيبقى يدين تلك السلطة الدميمة إلى أخر الزمان.

الأوائل والمتفوقين رافعوا الدعاوى خاب ظنهم، وتبدد رجائهم في تحقيق العدالة، ولم يسمح لهم الالتحاق بمعهد القضاء، رغم أن الحكم القضائي الابتدائي كان في صالحهم، وقد أنصفهم من السلطة، ولكن المحصلة والعبرة في الأحكام، هو تنفيذها.

“الضحايا” يأسوا من أن يطالوا عدالة، ولحقهم ضيم وقهر بلا حدود.


سألت وزير العدل .. كم عائدات السلطة القضائية خلال هذه السنة والسنوات الماضية؟!
وأضفت: يريدون قضاه بنصف مرتب.. هذه مشكلة.. نصف مرتب لا يكفي إيجار منزل وكهرباء للقاضي.. يفهم من هذا أنهم يقولوا للقاضي دبر حالك.. ارتشي.. إنه فساد ممنهج برعاية سلطة رسمية للأسف.

يريدون محاكم بدون اعتمادات..
لا قضاة.. لا رواتب.. لاعدالة.. ويشتغلوا “أتمته”.. وهو ما يكشف غياب الأولويات!!

وزير التعليم العالي حذر أن الجامعة يمكن أن تتوقف بسبب تسرب مدرسيها منها، وطالب بتوفير نصف مرتب أسوة بالقضاة.
والسؤال: إذا خصخصوا الجامعات الحكومية، فهل سيتم خصخصة القضاء أيضا؟!

أجاب معالي الوزير:
كانوا قد حددوا 2020 ـ 2021 نصف راتب للقضاة .. الأن ومن قبل شهرين أصبح القضاة العاملين في الميدان – دون غيرهم ـ في المحاكم الابتدائية والاستئنافية والعليا يستلموا راتب كامل.. هذا إنجاز .. نشكر القيادة السياسية على توفير المرتبات كاملة للقضاة العاملين في المحاكم.

ما رأيكم .. ؟
وماذا يقول القضاة المغيبين عن هذا الاجتماع فيما طرحه وزير العدل؟!


تصدّى القاضي الشجاع أحمد الخبي بالرد ساخراً:
مر جواري موكب عريس، ودخل البعض يبارك لي ويهنئني.. على مه ماناش داري..!!
قلت لهم: حرام انكم ساع حقنا القيادة وجهوا قبل سنتين بصرف فتات المرتبات، ولم تصرف حتى اللحظة.

وأعلنها بوجع وشجاعة: “امتهنت كرامتنا.. مُرّغ وجه القضاء بالوحل.”


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وروى القاضي أحمد الخبي بعض تفاصيل واقع الحال، وبعض ما حدث، وهو ملخص مكثف يحكي في وجه منه مأساة القضاء، والمأساة التي عاشها ويعيشها القضاة.. وفيها ملمح سريع عن واقع مزري.


كلام معالي الوزير صحيح على الورق.. وعدونا من النصف الثاني لعام ٢١ ثم قالوا الشهر الثاني.. ثم الذي بعده.. بعدها قالوا اغلقت الحسابات.. نبدأ من جديد من العام ٢٢ ثم مضت الشهور.. قالوا خلاص بانصرف من النصف الثاني للعام.. انتهى النصف الثاني.

ونحن نحسب بالشهور، ونشتغل ليل ونهار حتى منتصف النصف الثاني من عام ٢٢ تقريباً قالوا الحساب تغير.. نصرف لكم بالهجري.. نمسح ونبدأ من جديد.. قلنا بعدكم ولا نخالف.. قالوا من بداية العام.

مضى عام ٤٣ هجري وبدأ ٤٤ هجري قالوا من محرم يصرف.. وجاء نصف راتب.. وهكذا هم يتابعوا وزير المالية.. مابش فلوس.. طلعنا نزلنا الى ما قبل ثلاثة اشهر صرفوا لنا نصف راتب عرض الشهر.. ما هذا قالوا هذا النصف الثاني حق محرم تأخر .. قلنا سابر.. قالوا والبقية صدرت الشيكات بها لتصرف كمتأخرات.. ومن هذا الشهر المرتب كامل.. قلنا عسى خير.. وكالعادة نصفه، والنصف كثير وحتى لحظة كتابة هذا التوضيح، ونحن نراقب الساعة، وياليل خبرني عن امر المعاناة، فلم يصرف الى حد اللحظة.

ومن تكلم قالوا هيا مه قد ذا بنصرف لكم مرتب.. احمدوا الله.. وهو مابش.

ما كان اسمه مرتب لم يعد يغطّي نفقاتنا الاساسية يا معالي الوزير.. الصدق منجاة.. جعلنا الله واياكم من الصادقين والجدار لها اذان، فكن دقيق فيما تقول.. نحن نتضور جوعاً.. هل تفهم ما معنى جوعا.. شددتم الخناق علينا فيما كان متاحا ورزقا حلالا لتجبروا الشريف على ان يهوي في الهاوية، اما عبر مد يده للرشوة او ان يقتطع وقتا كبيرا من يومه للملاحقة يبحث عن رزق حلال يغطي نفقاته الاساسية على حساب القضايا المنظورة لديه.. وانا من الفريق الثاني.

يا معالي الوزير.. طالبتكم ادفعوا لي متأخرات مرتباتي؛ فحالتي الصحية صعبة، وابني معاق، وانا لا اجد ايجارات اربعة اشهر، ولا اجد حق المدرسة لابني الذي اضطررت لتوقيفه من الدارسة.. أريد مرتباتي ما يعادل ١٢٠٠ دولار شهرياً لتغطي نفقاتي الاساسية، واسدد حق علاج ابني.

وأخيرا أحال المجلس معونة مالية ٥٠ ألف ريال يمني.. أحرجتمونا يا أكرم العرب.. والله لقد خجلت ان اخذها، وأنتم مجلس قضاااااااااء لم تستحوا من تحويلها؟

لا اريد منكم صدقة.. اريد حقي.. تعبنا.. هلكنا.. امتهنت كرامتنا.. مرغ وجه القضاء بالوحل.. عيب عيب.. متى تفهموا.. انّا نسكت حياء ومراعاة للظروف العامة، ولكن ان تحسبوا علينا امام ممثلي الشعب انكم وفرتم المرتبات وكفيتمونا فهذه كبيرة ونحن لا نجد حق قوتنا.

ولي سؤال هل تعيشوا كقيادة كما نعيش نحن بالميدان.. اتقوا الله وراقبوه والموعد القيامة والسلام.

  • من صفحة النائب في البرلمان اليمني على فيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى