وليد العمري يكتب| التكفير نهج ثابت في ملّة الحو،،ثي والإخوان

لا تختلف كل جماعات الإسلام السياسي عن بعض في تشكيلاتها وهياكلها وأهدافها وتتشابه في مناهجها المشبعة بأفكار جهادية متطرفة تدفع بأفرادها للتهلكة في سبيل مصالح قياداتها وتزين وتمجد الموت لهم وتكفر المختلف عنها وغير الموالي لها، في غلو وتطرف وضيق للأفق لا يراعي طبيعة البشر وتنوعهم واختلاف أفكارهم وعقائدهم ومعتقداتهم، ما يعني أن التكفير تغلغل فى قلب هذه الجماعات وسيطر عليها.

مؤخراً أصدر الحووثيون وثيقة مدونة “السلوك الوظيفي” مسمى تضليلي لصك استبدادي عنصري لممارسة الهيمنة والتسلط والوصاية على الموظفين بالمؤسسات الحكومية، بهدف مصادرة حريتهم وإرادتهم وآرائهم والنيل من الحقوق المادية والمعنوية لهم، ما أثار استياءً ورفضاً مجتمعياً واسعين، رد عليه وزير الإعلام بصنعاء القيادي بالجماعة ضيف الله الشامي بقوله “مشكلتكم مع الله”، ويعد هذا التوصيف تكفيرا ضمنيا لليمنيين الرافضين لها، فقد حول الشامي الاختلاف المتعلق بقبول المدونة بين مؤيدين لها من الجماعه وغالبية المجتمع المعارضين لها، بأنها قضية باتت بين “كفار بالله وبالمدونة” وبين “مؤمنين بالله وبالمدونة” عليهم مواجهة الفريق الأول والقضاء عليه حماية “للدين وللمدونة”.

ومنذ ادعاء الحووثيين في 21 سبتمبر 2014 المشؤوم انحيازهم للشعب وأن هدفهم الأول والأخير إسقاط جرعة حكومة باسندوة التي أقرت الـ500 ريال زيادة في سعر الوقود وليس الاستيلاء على السلطة تمكنوا من ابتلاع دولة بأكملها تحت هذا المبرر الكاذب، ولكنهم طيلة سنوات الحرب كشفوا للمجتمع اليمني حقيقتهم وعدم مقدرتهم على التعايش مع اليمنيين بتصادمهم مع كل فئات المجتمع، فلا سلم منهم السلفيون في صعدة ولا اليهود في ريدة ولا الإصلاح في عمران ولا البهائيون ولا أنصار المهدي التهامي بصنعاء ولا المؤتمريون وانصارهم في ديسمبر 2017 فلم يسلم أحد من أذاهم واعتداءاتهم، وغادر كل مخالفوهم إلى المحافظات المحررة هربا من بطشهم بعد أن تلاشت اكذوبتهم الكبرى بأنهم لديهم رحابة فكر، يرحبون بالاختلاف ولا يضيقون منه أو يكفرون صاحبه.

يصف الحوثيون مخالفيهم بـ”التكفيريين” وشنوا معارك عدة تحت هذا المسمى ضد خصومهم، وأطلقوا على غير الموالين لهم العديد من التسميات المقززة، بينما هم يعملون منذ نشأة جماعتهم على قدم وساق على فرز الناس ما بين “مؤمن” و”كافر” فإذا التحقت بهم سيطلقون عليك وصف يا “مؤمن” وإن لم تلتحق فقد كنت (على ضلالة “كافر” لم تهتد إلا بقراءة ملازم حسين الحوثي)، كما قال أحد المختطفين لديهم في لقاء تلفزيوني على شاشة قناة “المسيرة” مطلع 2020م، ولن تنال صفة “الولي” إلا بشق الأنفس ودخولك دورات تعبوية ثقافية “طائفية” ثم سوف يرفعونك ويطلقون عليك تسمية “المجاهد” عندما تتحرك إلى الجبهات لتقاتل في صفوفهم وترتقي شهيدا في سبيل تحقيق أهدافهم وأجندتهم العابرة للحدود.

يقول الشيخ محمد الغزالي فى كتابه “من ملامح الحق” (ولقد عجبت لخلاف وقع بين شباب الإخوان المسلمين أثاره بعضهم بتشاؤم)، هو: هل نحن جماعة المسلمين أم جماعة من المسلمين؟ والإجابة عن هذا السؤال لها نتائج ذات بال، بل نتائج ترتبط بها صيانة دماء وأموال! فإن الذين يحسبون أنفسهم جماعة المسلمين يرون مخالفة القيادي حسن الهضيبي -مرشد جماعة الإخوان- ضرباً من مخالفة الله ورسوله وطريقاً ممهدة إلى النار وبئس القرار.. وهو نفس ما يرأه القيادي الحوثي ضيف الله الشامي في كل الرافضين للمدونة ويراه عناصرهم في غير الموالين لهم بعد غسل عقولهم وتحويلهم إلى جنود يؤمنون بالتسليم والطاعة والولاء لقياداتهم.

كل ذلك يعيد إلى الأذهان تصريحات قديمة للقيادي المصري الإخواني مصطفى مشهور الذى كتب من قبل أن “الديمقراطية كفر والعلمانية والليبرالية والاشتراكية شرك بالله”، وما قاله القيادي الإخواني صبحي صالح بعد الاعتداء عليه في الإسكندرية، “اللهم توفني على الإخوان” ليؤكد أن جماعتي الإخوان والحوثيين تتعاملان مع سياسة جماعاتهم على أنها بمثابة دين “مقدس”، فيستبدلون كلمة الإسلام بـ”الإخوان” و”الايمان” بـ”الحوثيين”ومن يخالفهما أو يعارضهما فكأنه خالف الإسلام ودمه مباح..!

هذه الجماعات صنعت لنفسها قداسة زائفة لدى أتباعها، وفككت هويتهم الأصلية وانتماءهم للوطن الأم من أجل زرع هوية الجماعة التي تحركها أياد خارجية باعتبارها “الجماعة المؤمنة”، أو الفرقة الناجية ومارست بذلك سياسة الاستعلاء على الآخرين وميزت نفسها عن باقي المسلمين، وهو أسلوب فاشي طبّقته المجموعات النازية المؤمنة بفكرة نقاء “الجنس الآري” التي كان يؤمن بها أدولف هتلر، وأيضًا الحركة اليهودية الصهيونية وتعريفها لنفسها بأنها “شعب الله المختار”، وبالتالي اعتبر الإخوان والحووثيون باقي المسلمين (جنسًا أدنَى)، ثم تطور الأمْرُ مع ظهور منهج التكفير إلى تصنيف من هو خارج الجماعة إلى إمّا ملحد أو ضال أو علماني كافر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى