أيام مؤلمة في صنعاء
عبدالمجيد السامعي
أريد شخص ما لأعانقه وأبكي.!فالبكاء يساعدنا على تجاوز الأحداث المؤلمة والمضي قدما، ويجعلنا نشعر بهدوء روحي نسبي، كما يعد البكاء بمثابة تطهير للنفس من كل المشاعر السلبية التي تكدر حياتنا.
اسمحولي استرسل معكم في طرح بعض الاوجاع التي واجهتني ايام الكفاح السلمي، ذات مره دخلت احد المساجد بصنعاء لأداء الصلاة ، التفت يمين ويسارا أبحث عن المطاهير لتجديد الوضوء، فدخلت الحمام بعد ان قلت اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث، واستحسنت أن اسوي دش وأغتسل لتجدد النشاط .
نزعت ملابسي وجمبيتي وعلقتهم على مسمار خلف باب الحمام.
اكملت الإغتسال والتفت الى مكان الملابس ولم اجد ها فايقنت ان انصارالله نجحوا في العملية.
أثناء الاغتسال إستغفلني أحد السرق المحترفين، كأنه (تشنكع) تسلق من فوق الباب وسحب الملابس وذهب مسرعا لإعتقاده ان بداخلها غنيمة.
من شدة الفجيعة خرجت من الحمام بدون ملابس ورمقت أحد الناس في صوح المسجد وناديته من خلف الباب وقلت له أن ملابسي إسترقت وأحتاج إلى مايستر عورتي.
فذهب الرجل مشكورا إلى منزله المجاور واتى بمعوز وشميز.
صليت وانا مشدوه، شارد الذهن من هول ماحدث.
حاولت أستفسر عن ماحدث ولم اجد جوابا شافيا ثم إنصرفت وانا اكلم نفسي .
وذات مرة ادينا الصلاة في مسجد آخر وقمت بالقاء خاطرة وعظية قصيرة نالت اعجاب الحاضرين ،وبعد خروجي من المسجد اعترضتني دوريه امنية ،وتم سحبي الى احد الاقسام وبصموني على تعهد.
اتذكر بألم أيام ما كان ابني يدرس في الصف الثالث ، كنت أذهب أجيبة كل يوم من المدرسة بعد انتهى الحصة الاخيرة، مرات كثيرة اجده ينزف من انفه ورأسه ،قد تعرض لإعتداء من طرف بعض الطلاب…، كنت اشعر بوجع والم شديد… فأقول في نفسي الحياة تشتي صبر ،وأتذكر اننا نعيش في مجتمع طائفي سلالي سافل ولابد من الصبر والدعممة.
عندما كنا نعمل في النشاط الحقوقي قص لي أحد المواطنين انه تشاكل مع جاره وذهب الى قسم الشرطة ليكتب بلاغا رسميا ويطلب منهم إتخاذ الإجراء القانوني المناسب مع غريمه، يقول الرجل ردوا عليه في قسم الشرطه (سير إقتل غريمك) يعني هذا الرجل المسكين الأعزل وجد اصحاب القسم يشجعوه ويحفزوه أن يذهب يقتل غريمه بنفسه.
وهذه الايام تنشر وسائل الاعلام عن وفاة اكثر من ثلاثين طفل في مستشفي الكويت بصنعاء بسبب تعاطيهم لعقار منتهي الصلاحية، هذه الحادثة نشرت الحزن والالم والبكاء في كل بيت يمني، بيد أن ما يؤسف له ان الشارع اليمني والنخب السياسية لم يتفاعلوا التفاعل الإيجابي بحيث تخرج مسيرات وإعتصامات يتم على اثرها فتح تحقيق مع الجهات المختصة وإقالة ،طبيب الحجامة السلالي المتزمت ( طه المتوكل) وطاقمه الوزاري، فلوكانت حادثة مقتل الأطفال في اسرائيل لقام البرلمان بسحب الثقة من الحكومة الاسرائيليه على الفور ولكن الارواح اليمنية تكون رخيصة وفق المنهجية السلالية.
المعاناة تخلق منك شخصية قوية وروح مغامرة ومرنة، وخاصة إذاعشت حياة الزهاد الورعين، هذا كله يولد لديك نوع من الاستقامة وتزكية النفس ، لكن الإبداع من هذا المنطلق يكون ( تراجيدي)…أي إبداع من زاوية حزينة ومحصورة على الحزن والمعاناة وغالبا هذا مؤقت، أو على العكس قد يطول الأمر فيصبح إبداع دائم لكن يضل هنا محصور بزاوية معينة، إما حزن أو غضب وسخط وكبت وهذا قد يجعلك تبدع بشكل دائم لكن يبقى الإبداع محصور رجوعا للدوافع والأسباب.
الإبداع الحقيقي يحتاج إلى هدوء وصفاء ذهني عالي وإستقرار تام في هذه حالة تكون التنشئة شبه سليمة، لأن مجتمعاتنا عند وجود الاستقرار للمبدعين يتجهون لأشياء أخرى بعيدة عن ما يطمحون إليه بمواهبهم وقدراتهم، إذاً الأمر مضطرب في كلا الحالتين، لكن أنا أفضل الإبداع في الاستقرار أفضل مع وجود تنشئة سليمة وهذا ما يفترض أن يفكر به اي شخص يعاني، لا بد أن نوفر البيئة المناسبة للأطفال حتى ينشأوا بطريقة تخلق منهم أشخاص متزنين ، لأن الإبداع يخلق منا في الغالب اشخاص عدائيين نشعر بالعجب وألإزدراء تجاه اي شيء بما في ذلك الأشخاص الناجحين ،لهذا السبب ترى المماحكات والسعي وراء تخريب حياة الناس بعضهم ببعض، في النهاية أنا أفضل الإبداع مع الحياه المستقرة، أو الخلط بين هذا وذاك.