ثورة سبتمبر… بين الأئمة وأحفادهم الحوثيين

محمد علي الجناني

أهلا بعيد اليمن ** سبتمبر الوضاح
ياخالداً كالزمن ** نفديه بالأرواح


تحل علينا ذكرى ثورة ال26 سبتمبر 1962 الخالدة – عيد الأعياد لكل اليمنيين ، الثورة التي قضت على الإمامة الكهنوتية والاستبدادية ومشروعها البغيض والمتخلف الذي عمل على تجهيل وتجويع وإذلال وإفقار الشعب اليمني ونشر الخرافات والخزعبلات في أوساطه وتسلطها على رقابه خلال الف عام من لجوء الرسي إلى اليمن ، و عملت على تثبيت وترسيخ مشروعها من خلال تدمير ومحو كل ما يتصل باليمني وما يربطه بتاريخه، وهدمت المعالم الحضارية والآثار ، وأهملت المخطوطات والمؤلفات وغيرها ، كما شرعت ولازالت تصنع للشعب هوية مزيفة وتاريخ مزور، يتناسب مع مشروعها الإمامي المتخلف والمتسلط.

لم يكن تاريخ 26 سبتمبر سوى يوم اجازة رسمية ننتظرها، أو مجرد أضواء وأنوار تزين أسطح المنازل، أو أناشيد ثورية تطربنا وتثير الحماسة فينا، أو ايقاد شعلة، أو مجرد خطاب يلقيه رئيس البلاد، وربما بعض التهاني الرسمية التي لا تتجاوز الأوراق والحبر اللي كتبت فيها. غير أننا اليوم عرفنا أهمية سبتمبر كثورة، كما أدركنا تماماً كيف كان يعيش الشعب اليمني قبل الثورة من مرارة المعاناة والجهل والفقر والتخلف والحرمان في عصور الإمامة المظلم، والعزلة الكاملة عن العالم. كما أننا عرفنا قدر التضحيات الجسام التي قدمها الأحرار والثوار للتخلص من هذا الاستبداد البغيض، الهادف وفق معتقداته الخرافية إلى استعباد اليمنيين تحت وهم الاصطفاء الإلهي والتسلط على رقابهم، فقد عايشناها اليوم في الواقع، من خلال ممارسات الإماميين الجدد -الحوثيون.

فبعد سيطرة الحوثي ومن تعاون معه على الدولة بكل مؤسساتها ومقدراتها، أدركنا أهمية وعظمة ثورة 26 سبتمبر 1962 لما رأينا من بشاعة الممارسات الإجرامية بحق اليمن واليمنيين والتنكيل بالمناوئين، في تجسيد واضح للإمامة وفي أبهى صورة. وهو ما يعطي اليمنيين شغفاً واهتماماً أكبر في الاحتفال بثورة الآباء والأجداد التحررية، وبالتالي مواصلة النضال ضد ميليشيا الحوثي-الإماميين الجدد واستعادة دولتهم المختطفة بيد جماعة تؤمن بأحقيتها بحكم اليمن دون غيرها، وتبعيتها لنظام الملالي في طهران وفرض ثقافة دخيلة على اليمنيين من إقامة المناسبات الطائفية وبناء ما يسمى بالحسينيات في سياسية ممنهجة لتجريف هوية اليمنيين وخلق هوية طائفية عنصرية استعلائية تؤمن بها دون غيرها من اليمنيين.


وسينتصر الأبناء على الإمامة الجديدة كما انتصر الآباء على الحكم الإمامي البغيض المتمثل بآل حميد الدين. فعدم تحقيق أهداف الثورة لا يعني فشلها، لازالت المسيرة مستمرة والنضال قائم لتحقيق كل الأهداف التي ناضل الأحرار لأجلها وفجروا ثورة سبتمبر المجيدة بسببها، والتي تعتبر أهم ذكرى وعيد لكل اليمنيين في العصر الحديث، وستبقى ثورة 26 سبتمبر الصخرة التي تتحطم عليها كل المشاريع العنصرية، فالثورة هي ميلاد شعب وأمة ومحال التراجع عنها”.

وبخبث شديد، حاولت الميليشيا الحوثية ولازالت تحاول استهداف الثورة ومحوها من وجدان الشعب اليمني، باستحداث مناسبة جديدة وهو التاريخ المشؤوم يوم 21 سبتمبر… في محاولة منها لمحو ذكرى الثورة الأم والتشويش عليها. وبحسب ما تم تداوله من قبل الكثيرين، حذفت الميليشيا الحوثية ذكرى ثورة 26 سبتمبر من قائمة الأعياد الوطنية في تعميم يضم كل المناسبات، واستحدثت بعض الأعياد التي تؤمن بها ولا يوافقها غالبية الشعب اليمني فيها، أو ربما الاحتفال الشكلي بثورة 26 سبتمبر لتخدير اليمنيين، لأنهم يعرفون ماذا تعني ثورة 26 سبتمبر لهم. وهذا يحتم على كل أبناء الشعب اليمني بمختلف فئاته وقواه الحية بذل أقصى الجهود للوقوف صفا واحدا ضد هذه الممارسات الخطيرة التي تقوم بها الميليشيا، واستعادة الدولة والحفاظ على هوية الشعب ونظامه الجمهوري. فبعد التضحيات الجسام والنضال الطويل لن يكن إعادة الإمامة بديلا للنظام الجمهوري، فهذا المشروع مصيره أن يتحطم على صخرة إرادة الشعب بتحرير البلاد واستعادة الدولة، وسينتهي مشروع الإمامة وإلى الأبد، عندها سيكون احتفالنا كبيراً وفرحتنا عظيمة.

وعلى جميع الجمهوريين اليوم -بكافة فئاتهم وتنوعهم-نبذ وتجاوز كل الخلافات والوقوف صفاً واحداً ضد الإماميين الجدد لتحرير اليمن واستعادة الدولة ونشر الوعي الثقافي والفكري، ومعالجة ما أحدثته الميليشيا من تشويه وتحريف وتجريف للهوية اليمنية وتفخيخ العقول بأفكارها الطائفية والعنصرية، وإحداث ثورة ونهضة تعليمية خاصة في المناطق التي تنتشر فيها الأمية بشكل كبير، فقد تبين أنها تمثل الخزان البشري للمليشيا والعمل عل بناء الجمهورية الثانية.

أخيراً، نترحم على أرواح الشهداء الذين بذلوا دمائهم الزكية وضحوا بأرواحهم الطاهرة في سبيل الانتصار لإرادة الشعب والخلاص من حكم الكهنوت الإمامى البغيض، سواء أكان ذلك ثوار وأحرار 26 سبتمبر أو أحفادهم الذين يواصلون اليوم النضال لإنهاء انقلاب الحوثي للحفاظ على المكتسبات التي حققتها ثورة سبتمبر المجيدة، ومواصلة تحقيق الأهداف التي اندلعت وقامت لأجلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى