هيئة الاوقاف الحوثية تدشن مرحلة تأميم أراضي وأموال أوقاف صنعاء وتزوّر وثائق تمليك لعناصرها

معين برس- خبر للأنباء:

ضمن مخطط التأميم الطائفي الواسع لأراضي وأملاك الدولة منها ما تم استئجاره من المواطنين وفق القوانين المعمول بها في البلاد، تسعى مليشيا الحوثي عبر مندوبي ما تسمى بـ”هيئة الأوقاف” إلى الاستيلاء على أسواق ومحال تجارية وأراضٍ في مدينة صنعاء القديمة “المدرجة في قائمة التراث العالمي- اليونسكو”، وأخرى أوقفت لجامعها الكبير، قُدّرت مساحتها بـ10 ملايين متر مربع، وتحويلها إلى ملكية طائفية وعنصرية.

ويسعى عبد المجيد الحوثي، رئيس ما تسمى بـ”الهيئة العامة للأوقاف”، إلى مصادرة أكثر من 10 ملايين متر مربع من الأراضي غرب صنعاء، بحجة أنه قرأ في إحدى النشرات أنها من أراضي الأوقاف، وأن السكان المستأجرين من أراضي واملاك الدولة في مدينة صنعاء القديمة منذ سبعينات القرن الماضي لا يدفعون إيجارات شهرية للهيئة التي عينته ذات المليشيا رئيسا لها، في مخطط مُسبق ومدروس يُراد من ورائه تأميم الحوثيين أملاك وأراضي الدولة.

المسؤول الحوثي أظهر حقده الدفين وسلالته على ثورة 26 سبتمبر 1962 والنظام الجمهوري الذي أرسته، بزعمه أن الحكومات اليمنية التي اعقبت الثورة قامت باستخدام أراضي وأملاك الدولة أسواقا ومدنا سكنية ومواقع للخدمة العامة في الوقت الذي تقول عائلات تنحدر من ذات السلالة إن جزءاً منها يعود ملكيته لها، بينما يجب أن تخضع بقيتها لإشرافها دون غيرها.

العائلات السلالية انطلقت بهذه المزاعم من منطلق اصطفائها على اليمنيين وهي ذات المزاعم التي ترى أن أحقية الحكم لها بمفردها، وعززت وجودها في مناصب حساسة بذات الهيئة وغيرها من المناصب ذات العلاقة باراضي واملاك الدولة، وقامت بتزوير وثائق ومستندات رسمية بتواريخ قديمة وامضاءات مسؤولين توفوا لتضمن بذلك عدم تكذيبهم واقعة التزوير منحت بذلك ملكية واستئجار قيادات وأفراد من ذات السلالة مساحات كبيرة، لتتخذها حُجّة لمصادرتها من مستأجريها من الدولة.

تبيّن ذلك من الإجراءات المتلاحقة التي تجريها هيئة الأوقاف الحوثية على مدينة الحمدي السكنية الواقعة إلى الشمال من مبنى السفارة الأميركية شرقي صنعاء، التي اعتبرها مراقبون “بداية مرحلة جديدة من تأميم الأراضي والمباني في المدينة”.

تهجير السكان

وتسعى المليشيا الحوثية ومن يشاركونها التوجهات الطائفية إلى تمكين عناصر في سلالتها من 36 سوقا شعبية تتوزع في حارات مدينة صنعاء وهي مصدر أساسي لعيش آلاف الأسر.

وتقوم بالضغط على أصحاب المحال التحارية بدفع مبالغ كبيرة، كما تفرض على أصحاب المباني السكنية دفع إيجارات شهرية تتراوح بين (1500- 2000) ريال على اللبنة الواحدة (44 مترا مربعا) بدلا عن 10 ريالات في العام الواحد. وتسديد مبالغ كبيرة تحت مسمى “إيجارات السنوات الماضية” التي تعاملت معها الحكومات السابقة بتعاطف تجاههم باعتبارهم مواطنين يمنيين وأن على الدولة أن توفر لمن تستطيع منهم المسكن والمشرب والتعليم والصحة وغيرها.

بالتزامن، قال المتحدث باسم المتضررين عبد الرزاق المترب، في تسجيل مرئي، إن الأوقاف الحوثية تطالب أصحاب هذه المحال بسداد ما بين 15 إلى 20 مليون ريال، أو مغادرة تلك المساكن والمحال، واصفا ذلك بانه “التهجير بعينه”.

من جانبهم، وجه سكان صنعاء القديمة المتضررون من هذه الإجراءات، رسالة إلى القيادي في الصف الأول محمد علي الحوثي -ابن عم زعيم الجماعة- والذي نصّب نفسه رئيسا لما تسمى “المنظومة العدلية” الموازية للقضاء، إلى جانب إشرافه على عمل محرري عقود البيع والانتفاع، شكوا فيها من تعرضهم للابتزاز وظلم هيئة الأوقاف ورفعها إيجار اللبنة الواحدة، علاوة على مطالبة تسديد مبالغ خيالية منهم والتجار في سوق الملح بمدينة صنعاء التاريخية بعد خمسين عاما على سكنهم وعملهم فيها.

مصادر مطلعة ذكرت أن القيادي محمد الحوثي هو من وقف وراء عملية تزوير مئات المستندات والوثائق، ولذلك بات مصير هؤلاء المتضررين بين يديه. لا سيما وأراضي الأوقاف التي تعتبرها العائلات السلالية الأحق بملكيتها أو الإشراف عليها، تمثل أكبر نسبة من أراضي وأملاك الدولة.

يقول أحد العاملين في مكتب أوقاف صنعاء إن معظم الأوقاف تتركز في مدينة صنعاء القديمة وأسواقها التجارية التي تضم أكثر من 36 سوقاً، لكن ظروف الحرب وانخفاض القدرة الشرائية للناس والجبايات المتعددة التي تفرضها سلطة المليشيا أصابت هذه الأسواق بالكساد وتراجع مستوى الدخل بشكل كبير.

وكشف عن قيام الهيئة الحوثية برفع إيجار المحال التجارية والعقارات بنسبة تجاوزت 500 في المائة ليصبح ايجار المحل الواحد 150 ألف ريال “أي ما يعادل 250 دولارا امريكيا” بدلا من 30 ألف ريال “50 دولارا”.
تأميم الأراضي

ومطلع يوليو الجاري، قال عبدالمجيد الحوثي، في خطاب ألقاه أمام تجمع طلابي مذهبي بصنعاء القديمة، إنه قرأ في نشرة تصدر عن ذلك التجمع أن هناك مساحة مقدارها 240 ألف لبنة “ما يساوي 10 ملايين ونصف المليون متر مربع” في منطقة عصر غربي صنعاء، هي أوقاف خاصة بالجامع الكبير في المدينة القديمة وأنه بصدد متابعتها واستعادتها.

وتعهد في خطابه باستمرار دعم مثل تلك المراكز “المعسكرات الصيفية” والتي يتم بواسطتها استقطاب الطلبة تمهيدا لتجنيدهم والدفع بهم نحو جبهات القتال، وكذلك أسر القتلى منهم باعتبارهم الأحق في أموال “الهيئة”.

وفي وقت سابق قالت الهيئة الحوثية غير القانونية إنها استعادت أراضي زراعية بمساحات شاسعة وعمارات سكنية، ومحلات تجارية، ومرافق بعض المساجد وتحويلها إلى مشاريع استثمارية.

وعقب تولي عبدالمجيد الحوثي رئاسة هذه الهيئة قال إن مديونيتها المستحقة لدى المستأجرين خلال السنوات الماضية تصل إلى أكثر من 100 مليار ريال يمني، بينما أعلن فرع الهيئة في صنعاء أنه جمع 3 مليارات ونصف المليار خلال العام 2020 بزيادة قدّرت بنصف مليار ريال عن العام الذي سبقه، في وقت قالت الهيئة إنها تلاحق «أموالا غير مسجلة»، تم الاستيلاء عليها منذ عشرات السنين، بحسب زعمها.

إلى ذلك، كشفت مصادر أخرى منح مسؤولين حوثيين مئات عقود الاستئجارات الجديدة لانفسهم وآخرين من ذات السلالة في تمليك مواز لدعاواهم.

وبحسب مراقبين، تكون مليشيا الحوثي بهذا قد دشنت بهذه المساعي مرحلة تأميم الممتلكات والأموال الخاصة بالهيئة، لافتين إلى أنه في حال تمريرها دون اعتراض أو رفض شعبي، سيتم نقل ذات التجربة إلى بقية المحافظات لاستكمال ذلك المشروع.

وذكرت مصادر مطلعة أن ما تجنيه المليشيا من إيرادات مالية من هذه الهيئة وما تستولي عليه من أراضٍ يتم تسخيره لصالح نافذي المليشيا ومراكزها الطائفية، في الوقت الذي تحرم منها الجهات والأفراد المخصصة لهم قانونياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى