المراكز الحوثية الصيفية التفخيخية وصمت المجتمع الدولي
نبيل فاضل
في الوقت الذي وقعت جماعة الحوثي مع المندوب الأممي على خطة عمل لإنهاء تجنيد أو استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة، وتسريح الأطفال المجندين، وما تلاها من التوقيع على هدنة مع بقية الأطراف اليمنية للتفاوض لإيقاف الحرب.. تعمل جماعة الحوثي على العكس من ذلك تماماً، فها هي تستغل الهدنة والإجازة الصيفية كموسم لاستقطاب وتجنيد عشرات الآلاف من أطفال المدارس تحت سن 18 عاماً وإلحاقهم بمسمى المراكز الصيفية وهي بالأصل (معسكرات) حشد وتعبئة يتم خلالها غسل أدمغة الأطفال وتفخيخها بالأفكار الانحرافية والضالة لإرسالهم بعد ذلك إلى محارق وجبهات الموت كوقود لمشروعهم الدموي الضلالي الذي اكتوى ويكتوي به كل اليمنيين.
ولا يقتصر الأمر على من تزج بهم في الجبهات فحسب بل يتجاوز ذلك إلى جيل كامل تقوم جماعه الحوثي من خلال أنشطتها المختلفة بتفخيخ أفكاره وتعبئته بشكل يومي منذ إسقاطها للدولة مستخدمة مؤسسات دولة بأكملها تسخرها وتوجهها نحو استقطاب واستدراج وتعبئة أهم شريحة في المجتمع واضعفها وأوسعها وأسهلها انقياداً لأي أفكار ممكن يتلقونها فتستغل ذلك لحشدهم وتعبئتهم وزرع افكارهم الضالة في عقول الأطفال ليسهل عليها اقتيادهم وتحريكهم نحو أهدافها.
وبالرغم من كون اليمن وقعت تفاهمات عدة كان آخرها أثناء حكم رئيس الوزراء الأسبق محمّد سالم باسندوة في مايو من العام 2014 والمتعلقة بمنع وتجريم تجنيد الأطفال وتسريح المجندين سابقا والتي كان الحوثيون موجودين حينها في فندق موفمبيك وتعد ملزمة لأي سلطة لاحقة وملزمة للحوثيين ايضا ويترتب على مخالفتها عقوبات دولية صارمة ومشددة..
وكان على المجتمع الدولي البدء من حيث انتهى الآخرون وهي محاسبة الحوثيين على جرائمهم في تجنيد الأطفال وفقا للاتفاقيات والخطط والتفاهمات التي وقعت عليها الجمهورية اليمنية، لكنهم تغاضوا عن ذلك وتغاضوا عن جرائم حرب جماعية ارتكبها الحوثيون ضد الطفولة وعن عمد، فمنذ أول يوم سيطر الحوثيون على العاصمة كان استقطاب واستدراج واستغلال الأطفال من أهم أهدافهم الاستراتيجية.
وبالرغم من معرفتهم المسبقة بالتزامات الحكومة المتعلق بمنع تجنيد الأطفال إلا أنهم استخدموا وسخروا كافة أجهزة ومؤسسات الدولة التي استولوا عليها لنشر أفكارهم وعينوا في أعلى مؤسسة معنية بالطفولة وهي وزارة التربية والتعليم الرجل الثاني في الجماعة أخ قائد الجماعة والذي سخر مؤسسات التعليم من مدارس ومعاهد وجامعات وكليات وأخيرا مراكز صيفية وحولها إلى معسكرات تفريخ..
غيروا المناهج وأدخلوا الملازم وأقصوا المعلمين واستبدلوهم بأتباعهم ونشروا افكارهم في اوساط الأطفال وعملوا سرا وعلنا ونفذوا مئات الأنشطة والفعاليات التي تروج لافكارهم الهدامة على مسمع العالم اجمع بل وتفاخروا بها ونشروها في كافة وسائلهم الإعلامية، في تحد صارخ للمجتمع الدولي وقوانينه، وقدموا الأدلة ضدهم على طبق من ذهب من خلال ما كانوا يقومون به من تشييع المئات شهريا من الأطفال دون سن ال16 وبشكل علني وعبر كافة وسائل الاعلام التي سيطروا عليها ووسائلهم الإعلامية الخاصة ومنها قناة المسيرة طوال فترة الحرب ومنذ سنوات وبشكل يومي في الوقت الذي ظل المجتمع الدولي متجاهلا كل ذلك..
بل في العام الحال 2022 وبعد تجاوز الضحايا الآلاف من القتلى ومثلهم من الجرحى ذهب المجتمع الدولي للتوقيع معهم على اتفاقية جديدة لوقف تجنيد الأطفال وتسريح المجندين منهم بدلا من فرض عقوبات على الحوثيين ومحاسبتهم لوجود ما يكفي من أدلة لدى المجتمع الدولي ارتكابهم جرائم ومجازر حرب جماعية ضد أطفال اليمن المغرر بهم في الجبهات..
وقعوا معهم اتفاقية وهم يعرفون أن الحوثيين سيخلون بها ويعرفون أن الحوثيين منذ ظهروا على أرض الواقع نكثوا كل العهود وتنصلوا من كل الاتفاقيات التي وقعوا عليها ولم يلتزموا باتفاقية واحدة..
وهذا ما حدث بالضبط من قبل الحوثيين بعد توقيعهم الاتفاقية الشهر الماضي فلم يكد ؤجف حبر اتفاقيته وخطة العمل المتعلقة بإيقاف تجنيد الأطفال وتسريح المجندين حتى اعلن الحوثيون عن موسم جديد لتجنيد الأطفال والحشد لمراكزه الصيفية.
الكارثة كبيرة وأكبر بعشرات الأضعاف من الآلاف الذين قتلوا بالجبهات وأكبر من الآلاف الذين يتجهزون للحاق بالجبهات.. الكارثة تتعلق بجيل كامل يتفرغ الحوثيون لتعبئتهم بأفكار متطرفة إرهابية دموية. جيل كامل من لم يلتحق منهم بالجبهات في الوقت الحالي أصبح محملا ومتشبعا بأفكار ضلالية ارهابية دموية متطرفة خطيرة على نفسه وعلى وطنه مستقبلا لذلك يجب التحرك بجدية لإيقاف نشر تلك الأفكار..
إن استهداف أهم وأوسع شريحة وهم الأطفال واستغلالهم والتأثير على أفكارهم أو إشراكهم في الصراعات جريمة حرب وجريمة إبادة تجرمها كافة الديانات السماوية وتعاقب مرتكبيها القوانين الأرضية، ولدينا ولدى المجتمع المحلي والدولي بكافة مؤسساته الأدلة الكافية التي يخول المجتمع الدولي اتخاذ قرارات وفرض العقوبات وفتح المساءلة القانونية للمتورطين لا فتح ثغرات واتفاقات جديدة.