تفاصيل بالوثائق| “هيئة الأدوية” تحتجز تعسفا شحنة أدوية في ميناء عدن لقرابة عامين والمحكمة تحيلها للتحقيق

معين برس- عدن- تقرير خاص:

لماذا نفّذت حملة اعلامية مضمون شعارها (بحكم قضائي.. ادخال شحنة أدوية “ابيدون APIDONSYRUP” مهرّبة منتهية الصلاحية تهدد حياة اطفال اليمن) عبر ميناء عدن؟.. للإجابة على هذا السؤل الذي افزعنا وملايين اليمنيين، كان لابد لنا في صحيفة “معين برس” الالكترونية من البحث عن الحقيقة والتحذير من تبعات الكارثة ان صحّت، سيما والقضاء المأمول منه حماية الشعب وقع في دائرة الاتهام ودفع بقضاته الخروج من دائرة صمتهم، وهو ما تطلب البحث عن اجابات مدعّمة بالوثائق لعشرات التساؤلات التي يرددها الشارع أبرزها: متى دخلت الشحنة ميناء عدن، واين هي حاليا، وما الاجراءات التي اتخذها جمارك الميناء، والهيئة العليا للأدوية، والمحكمة التجارية ولجنة الفحص، وما رأي القانون اليمني في مثل ذلك..؟!

متى وصلت الشحنة ومن هو المورّد؟

وفي التفاصيل.. بداية الواقعة تعود إلى 18 نوفمبر 2020م، “أي قبل 18 شهرا تقريبا”، مع وصول شحنة بضاعة الى ميناء عدن تحت مسمى “اقلاص” تبين انها لم تكن مسجلة في قائمة الواردات بالميناء، ما تطلب فحص الشحنة.

وعند الفحص تبيّن انها دواء من نوع (ابيدون APIDONSYRUP) لعدد 6500 باكت، ينتهي صلاحيته في يوليو 2022م، -اي بعد حوالي 21 شهرا من تاريخ وصوله الميناء، وبعد شهران من الآن.

وبحسب المستندات والوثائق التي حصلت عليها صحيفة “معين برس”، كانت الشحنة قادمة من جمهورية مصر، وتعود لشركة “باحكيم فارما للأدوية والمستلزمات الطبية”، المملوكة للتاجر عبدالحافظ عبدالله باحكيم.

وبعد تحر عن هوية التاجر المورد، افادت وثيقة صادرة عن الهيئة العليا للادوية والمستلزمات الطبية بتاريخ 31 أكتوبر 2018م، وموجهة الى وزارة الصناعة، تقديم التاجر “باحكيم” طلب ترخيص باسم “باحكيم فارما…”، الا ان طلبه قوبل بعراقيل حتى اللحظة، وهو ما اكده محامي المورد “عرفات الراجحي”.

في حين ظهر له سجل تجاري باسم المورد شخصيا ومدوّن في اسمه التجاري (باحكيم فارما للادوية والمستلزمات الطبية) وهي ذات الشركة الموردة، أما جهة الاصدار فكانت عدن بتاريخ 1 يونيو 2021م “اي قبل وصول الشحنة بنحو ستة اشهر”.

ما مدى صلاحية الشحنة ورأي القانون..؟!

وبحسب حزمة الوثائق التي حصلنا عليها، بعد تبيّن ان شحنة الادوية مهرّبة، وهوما دفع جمارك الميناء لفرض رسوم جمركية ثلاثة اضعاف الرسوم الاصلية، وفقا للقانون، الا ان الافراج عنها بقي معلقا ورهن اجراء “الهيئة العليا للادوية” والفحص عليها والافادة، وهو ما رفضته الاخيرة دون مبرر، ليلجأ التاجر المورد إلى القضاء لمخاطبة الهيئة قانونيا بفحص العينة وتطبيق القانون إمّا اتلافها أو توريدها للصالح العام أو الافراج عنها.

القاضي في المحكمة التجارية بعدن، حمدي أحمد سلطان، أكد ان رئيس المحكمة التجارية طلب من الهيئة العليا للادوية فحص الشحنة، بناء عاي طلب المورد ووفقا للاجراءات القانونية، ولكنها رفضت اوامر القضاء دون أي مبرر قانوني، وهو ما يعدّ جريمه يعاقب عليها في المادة 165 من قانون العقوبات اليمني بالحبس مده قد تصل الى ثلاث سنوات، حد قوله.

واضاف القاضي حمدي أحمد لـ “معين برس”، بعد ذلك حرر رئيس المحكمة التجارية مذكرة للهيئة العليا للدواء لفحص الدواء المستورد الا انها رفضت ايضا مؤكدة القصد الجنائي لجريمة الامتناع عن تنفيذ اوامر القضاء، ليلجأ رئيس المحكمة الى تحرير مذكرة باحالة رئيس الهيئة العليا للدواء للنيابة العامة للتحقيق معه في “جريمة رفض توجيهاتها”، وامرت – اي المحكمة التجارية- بفحص الدواء عن طريق جهة اخرى، وبالفعل تم فحص عينة من الشحنة في محافظة حضرموت واظهرت النتائج صلاحيتها، ومطابقتها للمواصفات الفيزيائية والكيميائية المطلوبة.

احالة رئيس الهيئة للتحقيق

وعلى خلفية رفض الهيئة العليا للادوية لتوجيهات المحكمة، وجهت الاخيرة خطابا الى رئيس نيابة الاموال العامة في يوليو 2021م، تحت توقيع القاضي صلاح راشد، طالبت بالتحقيق مع رئيس الهيئة، ولكنه رفض ايضا الامتثال لذلك، في تحد جديد للقانون.

رسوم باكثر من 30 مليون

من جانبه اوضح محامي شركة “باحكيم فارما”، المحامي عرفات الراجحي، لصحيفة “معين برس”، انه بعد اظهار نتائج الفحص صلاحية الشحنة، طلب التاجر المورد من المحكمة التجارية مخاطبة جمارك الميناء السماح بنقلها إلى مخازن داخل المدينة، نظرا لسوء مخاطر التخزين الغير جيد في الميناء، والخسائر المادية التي تكبدها، حيث يقوم بتسديد مبلغ (60) الف ريال يوميا رسوم بقاءها في الميناء منذ وصولها في نوفمبر 2020م وحتى ابريل 2022م، “أي لأكثر 16 شهرا ما يزيد 510 أيام، وبخسارة تقدر بأكثر من 30 مليون و600 ألف ريال يمني هي رسوم البقاء في الميناء”.

تفاصيل تكشفها الوثائق

وافاد ان المحكمة وافقت على الافراج عن الشحنة من الميناء ونقلها الى مخازن داخل المدينة يتحمل التاجر المورد نفسه اجور المخازن والحراسة حتى يتم التأكيد من الشركة المصنّعة للدواء مطابقته للمواصفات وان الشحنة المرسلة الى اليمن لا تحمل ادنى عيب، وفقا للقانون، وهو الامر الذي شددت عليه أيضا المحكمة وفق تأكيد القاضي الشرجبي، الذي قال انه يأت من باب حرصها على ارواح المواطنين. رغم وجود تقرير فني من الجهة المكلفة بالفحص يؤكد سلامة الشحنة.

وذكر المحامي الراجحي، انه في 23 ابريل الجاري تم نقل الشحنة من الميناء إلى مخازن داخل المدينة تم التحريز عليها من المحكمة إلا ان ذلك لم يدم سوى يوما واحدا ليتم إعادتها الى الميناء مرة اخرى تحت ضعط اعلامي وحملة تشهير واسعة يظهر ان ورائها الهيئة العليا للادوية، و “شركة القاهرة للأدوية”، سيما وسبق ان ادعت الاخيرة وهي شركة محلية أيضا، انها الوكيل الحصري في اليمن لتوريد دواء “ابيدون”، وهو ما نفت صحته وثيقة صادرة عن وزارة الصناعة والتجارة في يونيو 2021م

واكدت الصناعة والتجارة، ان “شركة القاهرة” لم تحصل على ترخيص رسمي حتى اللحظة، وأي دواء تقوم بإدخاله إلى البلاد “يُعد دواءً مهرباً”.

في حين ذكرت وثيقة ثانية صادرة عن مكتب الصناعة والتجارة بعدن في 22 يونيو 2021م، ان “شركة القاهرة” غير مسجلة في الإدارة العامة للوكالات التجارية منذ عام 2018 وان نشاطها في التجارة العامة، ولا يوجد لديها اي نشاط في استيراد الادوية، الامر الذي زاد من تأكيد وقوفها وراء حملة صراع تجاري قادته بشكل مباشر ضد الاخرى “باحكيم”، ودفعت بوسائل اعلام للتشهير بالقضاء الذي لم يصدر اي حكما لصالح التاجر او غيره بالمخالفة، علاوة على عدم اصداره اي حكم حتى اللحظة يقضي بالافراج الشامل عن الشحنة والسماح بنزولها في السوق.

تدمير القطاع الخاص

وقال المحامي “الراجحي”، ان احتجاز الشحنة لنحو عامين في رصيف الميناء وتكبيد المورد خسائر بعشرات الملايين ما بين رسوم جمارك بلغت ثلاثة اضعاف الرسوم الاصلية، ورسوم ابقائها في الحاويات تحت ضغط الهيئة العليا للادوية في تحايل صريح على القانون، علاوة على التخزين الغير ملائم الذي قد يفقدها قيمتها الدوائية، وفوق ذلك اقتراب موعد انتهاء تاريخ صلاحيتها الذي لا يفصلنا عنه سوى شهران، يؤكد عمل الهيئة بمنهجية على تدمير القطاع الخاص لصالح جماعات وافراد بعينهم.

وأشار إلى انه كان الاحرى بالهيئة العليا للادوية ان تثبت حرصها الوطني والشعبي، من خلال الموافقة على فحص الشحنة التي بيّنت الفحوصات -لاحقا- صلاحيتها، ومن ثم مصادرتها، وفقا للقانون، للصالح العام، وتوزيعها بالمجان في المشافي ليستفيد منها الملايين، أو الافراج عنها.

وطالب الجهات المختصة، بالضغط قانونيا على الهيئة العليا للادوية وشركة القاهرة، لتعويض موكله، جراء ما لحق به من خسائر واضرار مادية ونفسية لما يزيد عن 18 شهرا من المتابعة في أروقة المحاكم، والمرافق الحكومية وأرصفة الميناء.

ومن خلال المستندات وافادات المحكمة التجارية، بات جليا تعسف الهيئة العليا للأدوية، للتاجر باحكيم، وتعمدها تكبيده خسائر كبيرة ربما قد تجره إلى هاوية الافلاس.

ومثل هكذا تعسفات، سيما والهيئة تورطت بانحيازها لطرف اخر هو أيضا غير حاصل على ترخيص استيراد أدوية، من شأنها الحاق اضرار كبيرة بالاقتصاد المحلي، وتطفيش المستثمرين، ما يتطلب على مجلس الوزراء اتخاذ قرار يوقف الفوضى القانونية، حرصا على المصلحة الوطنية، وتحييدا لمهام القطاعات والمؤسسات الحكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى