هل جماعة الحوثي احتلال وطني أم حركة اسلامية وطنية؟

مصطفى محمود *

جماعة الحوثي تدعي قيامها بالدفاع عن اليمن وبنفس الوقت تنحو لصناعة الوطن على قياسها السلالي الامامي الكهنوتي، وسحق جميع اليمنيين المخالفين لها خارج الوطنية؛ فعلياً أو رمزياً، حيث إن كل يمني فرد أو مجموعة أو حزب أو فئة لا ترى بالقياس الذي فصّلته جماعة الحوثي السلاليه للوطن، تصبح فئة خائنه ، غير وطنية، وفي أقل الحالات عميلة، مرتزقه داعشيه أو معادية للوطن ذاته، لا للنخبه السلاليه المسيطره.

أولاً: تتشابه جماعة الحوثي ؛ مع الاستعمار الخارجي، بالاتي:

كون كل من جماعة الحوثي والاستعمار الخارجي لم تأتي عبر الخيار الديمقراطي المرتبط بالشعب، بل عبر القوة العسكرية المحضة؛ يسمى احتلال خارجي في الحالة الأولى، وانقلاب داخلي في الثانية.

ثانياً: تتشابه جماعة الحوثي مع الاستعمار الخارجي بالجانب الانتدابي التحديثي المتعالي في العلاقة مع السكان، فكلاهما ينظر إلى البلاد المسيطرين عليها وناسها على أنهم اقل شأن من ان يكونوا قادرين على حكم أنفسهم عبر خيارهم الحر والديمقراطي،
وانهم لايعلمون مصلحة انفسهم الدينيه والوطنيه وبالتالي يكون السيد السلالي او الحكام المنتدب للاستعمار الخارجي هو المتصرف بشؤنهم ومن يعارض يواجه بالقمع.

ثالثاً: فمن من حيث رؤية جماعة الحوثي ، للشعب والأرض والثروة وتشكيلة السلطه السياسيه ، حيث تبدو قوة الشعب الكامنة مصدر خطر دائم على جماعه الحوثي السلاليه مثلما كان الاستعمار الخارجي ، ولذلك تحاول إضعاف المجتمع المدني ومؤسساته المستقلة وغير الحكومية إلى أقصى حد، وتمنع الأحزاب المستقلة أو المعارضة للسلطة، وتلعب على الاختلافات الأهلية؛ الدينية والطائفية والإثنية، لتجعل من نفسها القاضي والحكم. ومثل الاستعمار الخارجي تماماً.

رابعا: تتعامل جماعة الحوثي مع الثروة العامة كملكية خاصة لها، حيث تتم سرقة الثروات الوطنية واستخدام عائداتها لتقوية نفوذ سلطةا السلاليه والسيطرة على المجتمع، أو استثمارها في البنوك الخارجية لصالح جلاوزتها السلالية.

ضمن هذا السياق نعتقد أنه من الضروري دراسة جماعة الحوثي السلالية كجزء متمم وأصيل من الاحتلال الخارجي وذلك لسببين:

الاول: ضرورة تخريج جماعة الحوثي من الوطنية التي تدعّيها، ولاسيما أنها وطنية معادية لليمن ارض وانسان وللمواطنه الحديثه التي تقوم بشكل أساسي على صيانة حقوق الأفراد السياسية وكرامتهم ومساواتهم أمام القانون، وتنبني على الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وضمن هذا المعيار تصبح جماعة الحوثي السلاليه ، هادم حقيقي لليمن ومدمر حقيقي لتطور الشعب.

الثاني: لابد من التأسيس النظري والعملي لإيجاد حركات مقاومة دائمة تنسق فيما بينها لمحاربة ومقاومة إعادة إنتاج الاحتلالات الوطنية بكل الوسائل الثقافية والسياسية الممكنة، مثلما حصل مع الاستعمار الخارجي.

الاحتلال الحوثي السلالي جعل المناخ السياسي في اليمن ينتقل من وضعه الطبيعي كتنافس بين المختلفين سياسياً للوصول للسلطة ، إلى صراع وجودي غير قابل للإصلاح ولا للتفاوض بين المختلفين، وهذا النوع من المناخات السياسية يرتكز بشكل أساسي على مسألتين متلازمتين هما: الهوية والأخلاق، حيث حولت الصراع السياسي بين المختلفين إلى صراع هووي، والصراع الهووي هو بطبيعته صراع غير قابل للمشاركة أو الاختلاف، وما يتفرع عن صراع الهوية هو أزمة أخلاقية تلقي بظلالها على السياسة، حيث اصبح الخلاف بين الفرق والأحزاب قائماً بشكل أساسي على ادعاء التفوق الأخلاقي لكل طرف ضد الآخر في القضايا المصيرية التي تهم الجميع، فكيف تثبت أن هويتك أعلى وأكثر أصالة من الآخرين إن لم تربطها بقضية أخلاقية ووطنية عليا، ثم تدعي أنك الممثل الأعلى أو الوحيد لتلك القضية! لقد استخدمت جماعة الحوثي الموقف من التحالف العربي واسرائيل وامريكا كأداة فاعلة جداً لإضفاء شرعية الامر الواقع على سلطتها الاحتلاليه باعتبارها سلطه مدافعه عن الشعب ومقاومه للعدوان الصهيوسعودامريكي كما سهّل بذلك عملية تصنيف كل معارضة لسلطتها الاحتلاليه الكهنوتيه ومشروع الولايه بالمرتزقه وبالخيانه وبالعمالة للعدو وخيانة الوطن والقضيه تمهيدا لاستباحة دماءهم واموالهم واعراضهم ، بالإضافة لترهيب المجتمع وسرقة الثرواته وافقاره.

  • كاتب من اليمن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى