الإحتفاء في الإقتداء
د. إبراهيم الكبسي
من يقتدي بالرسول الكريم محمد يستحيل أن تكون أخلاقه الغش والكذب والدجل والخداع والنفاق والرياء والظلم والرشوة والفساد والسلب والنهب والفيد والجباية والمحسوبية والوساطة والعمالة والخيانة والطبقية والتفرقة العنصرية والسلالية والعصبية الطائفية والمناطقية والمذهبية والتكبر على خلق الله وتقديس البشر وصناعة الطواغيت والتحريش بين خلق الله واشعال الفتن والحروب بين الأخوة في الدين والأرض والإنسانية.
ولا يمكن أن يعيش عالة على أمم الأرض تطعمه وتداويه وتكسيه وتصنع له كل شيء، ولا يمكن أن يبني دولة الفرق والطوائف والملل والمذاهب التي تعيش في حروب ونزاعات وصراعات تتغذى على دماء الأخوة التي تسيل بغزارة دون انقطاع فوق ترابها الطاهر، ولا يمكن أن يقيم دولة ظلم تحكمها مافيات السلب والنهب والفيد والجبايات والفساد، وتنتشر في مؤسساتها وشوارعها وأحيائها الفوضى، وتملأ طرقها القاذورات والقمامات والعشوائيات والمخلفات والمخالفات، ويشرع قوانيها تجار الدين، ويدير مؤسساتها اللصوص، ويقضي في محاكمها قضاة السحت، ويخطب في منابرها مزامير السلطان، ويحمي حماها اللص والسلاب والحرامي، وينهب فيها القوي مال وأرض الضعيف، ويهان فيها المعلم الأمين والعالم الناجح والمربي الفاضل والموظف الشريف والناصح الصادق ويكرم فيها الجاهل والفاشل والمادح والكاذب والمنافق والفاسد والمتسلق والزاعق والناعق، وتؤكل فيها حقوق الناس ظلما وعدوانا، وتصبح البلاد والعباد غنيمة لكل من جار وغلب وبالسلاح ساد وضغط على الزناد.
كفانا كذبا بإسم الله وكفانا متاجرة بإسم رسول الله، وكفانا تشويها لسيرته العطرة وتزييفا لأحاديثه الطاهرة، وكفانا عيشا على الوهم والزيف والخداع، وكفانا غرقا في قشور الدين، وكفانا ضياعا وتيها وتخبطا في مظاهر التدين الزائف والتعصب المنحرف جيلا بعد جيلا، فمن أحب الرسول اقتدى به فعلا وعملا صالحا واضحا ومطبقا بين خلق الله..
من اقتدى بالنبي الكريم وطبق ما جاء به من عند الله من تشريعات بنى الحضارات القوية والعادلة والمتطورة، وشيد الأوطان الجميلة والنظيفة والمنظمة، وبنى الإنسان الواعي والمتحضر والمتمدن، وأقام العدل بين جميع أفراد شعبه، من أقتدى بالنبي ربط على بطنه ليطعم شعبه فلا يبقى جائعا أو محروما من أبناء أمته، من اقتدى بالرسول الكريم حارب الفقر والظلم والجهل والدجل والفساد وجعل شعبه يعيش عزيزا صحيحا سعيدا كريما آمنا مطمئنا، فأين أنت من الإقتداء يا من لا تجيد إلا الإحتفاء؟