ما المنتظر من الرئيس الإيراني الجديد؟
معين برس- وكالات:
مع إعلان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي تنصيب المحافظ إبراهيم رئيسي (60 عاماً)، يبدأ الرئيس الجديد عهداً يواجه فيه تحديات أزمة اقتصادية وتجاذباً مع الغرب، بشأن العقوبات الأمريكية والمباحثات النووية.
وفي خطاب تلاه في مجمع الهيئات المرتبطة بمكتب المرشد في وسط طهران، حيث تقام مراسم التنصيب، شدّد رئيسي على أن تحسين الظروف الاقتصادية لبلاده لن يرتبط “بإرادة الأجانب”.
وقال: “نسعى بالطبع إلى رفع العقوبات الجائرة، لكننا لن نربط ظروف حياة الأمة بإرادة الأجانب”.
وتلا مدير مكتب المرشد، في مراسم بثها التلفزيون الرسمي، نص مرسوم “حكم رئاسة الجمهورية”، الذي جاء فيه “بناء على خيار الشعب، أنصّب الرجل الحكيم (…) إبراهيم رئيسي رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
ويخلف رئيسي حسن روحاني، الرئيس المعتدل الذي شغل ولايتين متتاليتين في منصب الرئاسة (بدءاً من 2013)، وشهد عهده سياسة انفتاح نسبي على الغرب، كانت أبرز محطاتها إبرام اتفاق فيينا 2015 بشأن البرنامج النووي مع ست قوى كبرى، هي الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، والصين، وروسيا، وألمانيا.
وشهدت انتخابات يونيو/حزيران نسبة مشاركة كانت الأدنى في أي اقتراع رئاسي منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979.
ويؤدي رئيسي الخميس اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى، الذي يهمين عليه المحافظون، في خطوة يتبعها تقديم أسماء مرشحيه للمناصب الوزارية لنيل ثقة النواب على تسميتهم.
وحصل رئيسي على نحو 62 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى للانتخابات التي خاضها بغياب أي منافس جدي آخر، بعد استبعاد قبول ترشيحات شخصيات بارزة.
ومن المتوقع أن يتيح توليه رئاسة الجمهورية، الفرصة للتيار السياسي المحافظ لتعزيز نفوذه في هيئات الحكم، بعد الفوز الذي حققه في الانتخابات التشريعية لعام 2020.
وأبدى رئيسي في تصريحات صدرت عن مكتبه قبل أيام “أملاً كبيراً في مستقبل البلاد”، مشدداً على أنه “من الممكن والمتاح تخطي الصعوبات والقيود الحالية”.
وستكون أولى التحديات التي يواجهها رئيسي، اتهامات من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، بالمسؤولية عن هجوم على ناقلة نفط يشغلها رجل أعمال إسرائيلي في بحر العرب الخميس الماضي، أدى إلى مقتل اثنين من طاقمها، بريطاني وروماني.
ونفت طهران الاتهامات، بينما أكدت واشنطن أنها “تنسق مع دول المنطقة وخارجها للتوصل إلى ردّ مناسب ووشيك”. وحذرت إيران من ردها على أي “مغامرة” عليها بذريعة هذه المسألة.
كيف أثرت الأزمة الاقتصادية سياسياً؟
ستكون معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي ترجع بشكل أساسي إلى العقوبات، وزاد من تبعاتها وباء كوفيد-19، المهمة الأولى لرئيسي الذي رفع خلال انتخابات 2021، وأيضاً في انتخابات 2017 حين خسر أمام روحاني، شعارَي الدفاع عن الطبقات المهمشة ومكافحة الفساد.
ونقلت وكالة فرانس برس عن الباحث في المعهد الجامعي الأوروبي في إيطاليا، كليمان تيرم، قوله إن هدف رئيسي الأساسي “سيكون تحسين الوضع الاقتصادي من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول المجاورة، عبر تأسيس نظام اقتصادي يحمي النمو الاقتصادي لإيران، من الخيارات السياسية الأمريكية”، ويعزز مبادلاتها مع روسيا والصين.
وكانت إيران قد أبرمت في عام 2015 اتفاقاً مع القوى الكبرى بشأن ملفها النووي أتاح رفع العقوبات عنها، مقابل الحد من أنشطتها وضمان سلمية برنامجها.
لكن بنود الاتفاق باتت شبه ملغاة بعدما قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سحب بلاده منفرداً منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات على طهران انعكست سلباً على اقتصادها.
شهدت إيران خلال الأعوام الماضية، لا سيما شتاء 2017-2018 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2019، احتجاجات بسبب الأزمة الاقتصادية، تعاملت معها السلطات بشدة.
وشهدت محافظة خوزستان، الواقعة في جنوب غرب البلاد احتجاجات خلال يوليو/تموز الماضي، بسبب شح المياه. وترافق ذلك مع انقطاع الكهرباء في طهران ومدن كبرى، وهو ما عزته السلطات إلى أسباب من بينها زيادة الطلب ونقص الموارد المائية لتوليد الطاقة.
كيف دافع روحاني عن فترة حكمه؟
يوجه المحافظون المتشددون في إيران الذين ينظرون بعين الريبة إلى الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً، انتقادات إلى روحاني بسبب إفراطه في التعويل على نتائج الاتفاق النووي. وطالبوا مراراً بالتركيز على الجهود المحلية للحد من آثار العقوبات.
ولكن روحاني دافع في كلمة خلال الاجتماع الأخير لحكومته الأحد عن سجل حكومته، قائلاً إن “ما قمنا به أتى في ظلّ وضع صعب نتيجة الحرب الاقتصادية (العقوبات) وفيروس كورونا، وأضيف إليهما هذا العام الجفاف”.
ويرى الاقتصادي الإصلاحي سعيد ليلاز المقرب من الرئيس المنتهية ولايته، أن روحاني كان “مثالياً” في علاقته مع الغرب، واعتقد أنها ستتيح “حل كل مشاكل البلاد سريعاً في الأمد القريب”.
ورجح ليلاز أن يتبنى رئيسي مساراً مختلفاً.
وكان رئيسي قد أكد بعد انتخابه أن أولوية سياسته الخارجية ستكون العلاقات مع دول الجوار.
ويتولى رئيسي منصبه في الوقت الذي تخوض فيه إيران مع القوى الكبرى، بمشاركة أمريكية غير مباشرة، مباحثات لإحياء الاتفاق النووي من خلال تسوية ترفع العقوبات الأمريكية وتعيد واشنطن إليه، مقابل عودة إيران إلى الالتزام بتعهدات نووية تراجعت عن تنفيذها بعد انسحاب واشنطن.
وكان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي تولى مهامه خلفاً لدونالد ترامب مطلع 2021 قد أبدى استعداده للعودة إلى الاتفاق.
وعقدت حتى الآن ست جولات من المباحثات في فيينا بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران. وأكد مسؤولون إيرانيون أن المفاوضات لن تنتهي قبل تولي رئيسي منصبه.
وأكد خامنئي، الذي له الكلمة الفصل في السياسات العليا للبلاد الأسبوع الماضي، أن تجربة حكومة روحاني أثبتت أن “الثقة بالغرب لا تنفع”.
وسبق لرئيسي، الذي يعد مقرباً من خامنئي، التأكيد على أنه سيدعم المباحثات التي تحقق “نتائج” للشعب، لكنه لن يسمح بـ”مفاوضات لمجرد التفاوض”.